الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويباح اصطياد ما في البحر للحلال (غير الحاج أو المعتمر) والمحرم (الحاج أو المعتمر)، ولا يباح اصطياد ما في البر للمحرم خاصة، لقوله تعالى:{أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة، وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} [المائدة:96/ 5] ولقوله صلى الله عليه وسلم: «صيد البر لكم حلال، وأنتم حرم، مالم تصيدوه، أو يُصَد لكم» (1) وعن الصَعب بن جَثَّامة «أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً، وهو (بالأبواء) أو بوَدَّان (مكان بين مكة والمدينة)، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه، قال: إنا لم نُردُّه عليك إلا أنا حُرُم» (2).
المبحث الرابع ـ متى يملك الصائد المصيد
؟ جاء في
الدر المختار ورد المحتار
(3): أن أسباب الملك ثلاثة:
ناقل من مالك إلى مالك كبيع وهبة. وذو خلافة عن المالك كإرث. وذو أصالة: وهو الاستيلاء الحقيقي بوضع اليد ومنه إحياء الموات، والاستيلاء الحكمي بالتهيئة كنصب شبكة صيد على مباح خالٍ عن المالك. فإن كان المصيد أو المباح مملوكاً لم يتملك، فلو استولى رجل في مفازة على حطب غيره، لم يملكه.
والاستيلاء الحكمي يتم باستعمال ما هو موضوع للاصطياد، فمن نصب شبكة، فتعلق بها صيد، ملكه، قصد بها الاصطياد، أو لا، فلو نصبها للتجفيف مثلاً، لا يملكه، لأنه قصد مغاير للاصطياد.
ـ وإن نصب فسطاطاً (خيمة): إن قصد الصيد، يملكه، وإلا فلا، لأنه غير موضوع للصيد.
(1) رواه الخمسة (أحمد وأصحاب السنن) إلا ابن ماجه عن جابر (نيل الأوطار: 23/ 5).
(2)
رواه البخاري ومسلم والموطأ والترمذي والنسائي (جامع الأصول: 419/ 3).
(3)
انظر 329/ 5.
ـ ولو دخل صيد دار إنسان، فلما رآه أغلق عليه الباب، وصار بحال يقدر على أخذه، بلا اصطياد بشبكة أوسهم، ملكه. وإن أغلق ولم يعلم به، لا يملكه.
ـ ولو نصب حِبالة (مِصْيَدة)، فوقع فيها صيد، فقطعها، وانفلت الصيد، فأخذه آخر، ملكه. ولو جاء صاحب الحبالة ليأخذه، ودنا منه، بحيث يقدر على أخذه، فانفلت، لا يملكه الآخذ. وكذا لا يملكه الآخذ لو انفلت من الشبكة في الماء قبل الإخراج، فأخذه غيره، وإنما يملكه صاحب المصيدة. أما لو رمى به صاحب الشبكة خارج الماء، في موضع يقدر على أخذه، فوقع في الماء، فأخذه غيره، يملكه الآخذ؛ لأن الأمور بمقاصدها.
ومن رمى صيداً، فأصابه، ولم يثخنه (يوهنه بالجراحة)، ولم يخرجه من حيِّز الامتناع عن الأخذ (أي ما يزال قابل الأخذ من الغير)، فرماه آخر، فقتله، أو أثخنه (أضعفه)، وأخرجه عن حيز الامتناع، فهو للرامي الثاني، لأنه الآخذ، وقد قال عليه الصلاة والسلام:«الصيد لمن أخذه» (1).
وإن كان الرامي الأول قد أثخنه بحيث أخرجه عن حيز الامتناع، فرماه الثاني، فقتله، لم يؤكل، لاحتمال الموت بالثاني، ولا يعد فعل الثاني ذكاة شرعية، للقدرة على ذكاة الاختيار. ويضمن الثاني قيمته للأول، لأنه بالرمي أتلف صيداً مملوكاً للغير؛ لأن الأول ملكه بالرمي المثخن، لكن تقدر قيمته وهو جريح؛ لأن المتعدي وهو الرامي الثاني أتلفه، وهو جريح، وقيمة المتلف تعتبر أو تقدر يوم الإتلاف (2).
(1) قال عنه الزيلعي: غريب. وقال عنه في الدراية: لا أصل له بهذا الإسناد عن أبي هريرة (نصب الراية: 318/ 4).
(2)
تكملة الفتح: 187/ 8، تبيين الحقائق: 60/ 6، اللباب مع الكتاب: 222/ 3 وما بعدها.