الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الحنابلة مثل الشافعية: يحرم المضبب بضبة كثيرة من الذهب أو الفضة، لحاجة أو غيرها. ولا يباح اليسير من الذهب إلا للضرورة كأنف الذهب وما ربط به الأسنان، ويباح اليسير من الفضة؛ لحاجة الناس إليه.
وعلل الفقهاء حرمة استعمال الذهب والفضة بالسرف والخيلاء، والأصح في التعليل: هو كون الذهب والفضة أثمان الأشياء، والنقد المتداول، فلو أبيح استعمالها لأثَّر ذلك في رواجهما في الأسواق، فيحل الاضطراب والقلق.
ويجوز استعمال غير آنية الذهب والفضة من الأواني النفيسة كإناء ياقوت وزمّرد وزجاج وبلور وعقيق وزبرجد ومرجان ولؤلؤ، ونحاس ورصاص، ونحو ذلك؛ لأنها ليست في معنى الذهب والفضة، والأصل في الأشياء الإباحة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من إناء نحاس (1).
لبس الحرير والتختم بالذهب والفضة:
يحرم على الرجال لبس الحرير والتختم بالذهب، ويحل للنساء اللبس والتختم مطلقاً والتحلي بالحلي من الذهب والفضة (2)، لقوله صلى الله عليه وسلم: «الذهب
(1) روى الشيخان عن عبد الله بن زيد قال: «أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجنا له ماء في توْر من صُفْر، فتوضأ» وروى أبو داود عن عائشة قالت: «كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في تَوْر من شَبَه» وتور: إناء يشرب فيه، والصفر: النحاس، والشبه: أرفع النحاس.
(2)
تكملة الفتح: 83/ 8، -97، اللباب: 157/ 4 - 158، تبيين الحقائق: 14/ 6 ومابعدها، الدر المختار: 255/ 5، شرح الرسالة: 371/ 2 ومابعدها، المنتقى على الموطأ: 254/ 7، المهذب: 11/ 1، بجيرمي الخطيب: 227/ 2 - 230، 295، نيل الأوطار: 81/ 2 - 83، الدرر المباحة في الحظر والإباحة للشيباني النحلاوي: ص 24 ومابعدها، كشاف القناع: 275/ 2 - 279، المغني: 588/ 1 - 591.
والحرير حِلٌّ لإناث أمتي، حرام على ذكورها» (1) وعن علي «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب» (2) وعن ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في يد رجل خاتماً من ذهب، فنزعه فطرحه، وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده» (3)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة» (4).
واستثنى أئمة المذاهب الخاتم الفضي للرجل، فأباحوا له لبسه والتختم به إذا كان قليلاً، ومقداره عند الحنفية: بقدر مثقال (975،2 غم) فما دونه، وعند المالكية: إذا كان لا يزيد على درهمين بشرط الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. والصواب عند الشافعية: بما دون المثقال. والمعول في ذلك على العرف والعادة، سواء زاد عن مثقال أو نقص عنه، فمتى زاد على العادة حرم. ويلبس في خنصر اليد اليسرى. ولو لِبسه في غير الخنصر جاز مع الكراهة عند الشافعية. وقال الحنفية: ترك التختم لغير السلطان والقاضي وذي الحاجة إليه أولى، والحاجة مثل الختم به.
ولا يحل للرجال بحال كالخطبة والزواج التختم بخاتم الذهب، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه. ويشتد التحريم بقصد تقليد غير المسلمين. ولا بأس أيضاً عند الحنفية من استخدام المنطقة (ما ينتطق به الرجل ويشد وسطه) وحلية السيف، من الفضة، كالخاتم، بشرط ألا يضع يده على موضع الفضة، لورود الآثار في إباحة ذلك.
(1) رواه ابن أبي شيبة عن زيد بن أرقم، وأخرجه الترمذي بلفظ آخر عن أبي موسى الأشعري، وقال: حديث حسن صحيح، ورويت أحاديث كثيرة في معناه (نصب الراية: 222/ 4 - 225).
(2)
رواه الجماعة إلا البخاري. وقال عنه الترمذي: حديث حسن صحيح، ورواه ابن حبان في صحيحه (نصب الراية: 235/ 4).
(3)
رواه مسلم (نصب الراية: 225/ 4).
(4)
رواه الشيخان عن ابن عمر (نصب الراية: 222/ 4).