الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث ـ وقت التضحية:
للفقهاء خلافات جزئية في أول وقت التضحية وآخره، وفي كراهية التضحية في ليالي العيد.
لكنهم اتفقوا على أن أفضل وقت التضحية هو اليوم الأول قبل زوال الشمس؛ لأنه هو السنة، لحديث البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول مانبدأ به يومنا هذا: أن نصلي، ثم نرجع، فننحر، فمن فعل ذلك، فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك، فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النُسُك في شيء» (1). إنهم اتفقوا على أن الذبح قبل الصلاة، أو في ليلة العيد لا يجوز عملاً بالحديث السابق.
وأذكر آراء الفقهاء فيما اختلفوا فيه:
1 - قال الحنفية
(2): يدخل وقت التضحية عند طلوع فجر يوم الأضحى، ويستمر إلى قبيل غروب شمس اليوم الثالث، إلا أنه لا يجوز لأهل الأمصار المطالبين بصلاة العيد الذبح في اليوم الأول إلا بعد أداء صلاة العيد، ولو قبل الخطبة، أو بعد مضي مقدار وقت الصلاة في حال تركها لعذر. وأما أهل القرى الذين ليس عليهم صلاة العيد، فيذبحون بعد فجر اليوم الأول.
وإن ضلت الشاة أو سرقت، فاشترى أخرى ثم وجدها فالأفضل ذبحهما، وإن ذبح الأولى جاز، وكذا الثانية لو قيمتها كالأولى أو أكثر.
(1) رواه البخاري ومسلم (نصب الراية: 212/ 4).
(2)
البدائع: 73/ 5 - 75، تكملة فتح القدير: 72/ 8 وما بعدها، تبيين الحقائق: 4/ 6 ومابعدها، الدر المختار: 222/ 5 - 225، اللباب شرح الكتاب: 233/ 3 ومابعدها.
وإذا أخطأ الناس في تعيين يوم العيد، فصلوا وضحوا، ثم بان لهم أنه يوم عرفة (الوقفة)، أجزأتهم الصلاة والتضحية، لأنه لا يمكن التحرز عن مثل هذا الخطأ، فيحكم بالجواز، صيانة لجميع المسلمين.
وأيام الذبح ثلاثة: يوم العيد (النحر) ويومان بعده.
ويكره تنزيهاً الذبح ليلاً، لاحتمال الغلط في الذبح في ظلمة الليل، وذلك في الليلتين المتوسطتين: الثانية والثالثة، لا الأولى ولا الرابعة؛ لأنه لا تصح فيهما الأضحية أصلاً.
ولو تركت التضحية حتى مضى وقتها، تصدق بها صاحبها حية إن كانت منذورة أوجبها على نفسه، أو مشتراة من فقير أو غني للأضحية؛ لأنها في حكم المنذورة عرفاً. وأما الغني إذا لم يشتر الأضحية، فيتصدق بقيمة شاة على الصحيح، كما في البدائع، وهو قول الإمام وصاحبيه؛ لأن الأضحية واجبة على الغني، وتجب على الفقير بالشراء بنية الأضحية.
ودليل الحنفية على جواز الذبح بعد الصلاة ولو قبل الخطبة: حديث البراء بن عازب المتقدم: «من ضحى قبل الصلاة، فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه، وأصاب سنة المسلمين» وحديث أنس عند البخاري: «من ذبح قبل الصلاة، فليُعد، ومن ذبح بعد الصلاة، فقد تم نُسكُه، وأصاب سُنة المسلمين» فقد رتب النبي صلى الله عليه وسلم الذبح على الصلاة، لا على الخطبة، فدل على أن العبرة للصلاة، لا للخطبة.
وأما دليلهم على تحديد الوقت بثلاثة أيام، فهو ما روي عن عمر وعلي وابن