الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
أما الضمان الأول: وهو ضمان ما نقصته جراحته؛ فلأنه جرح حيوانًا مملوكًا للغير، وقد نقصه فيضمنه
(1)
.
وأما الضمان الثاني: وهو ضمان نصف قيمته مجروحًا بالجراحتين، فلأن الموت حصل بالجراحتين، فيكون هو متلفًا نصفه، وهو مملوكًا لغيره، فيضمن نصف قيمته مجروحًا بالجراحتين؛ لأن الجراحة الأولى ما كانت بصنع الثاني، فلا يضمنها، والجراحة الثانية ضمنها مرة، وهو ما ضمنه من النقصان بجراحته أولًا، فلا يضمنها ثانيًا
(2)
.
وأما الضمان الثالث: وهو ضمان نصف قيمة اللحم؛ فلأن برمي الأول صار بحال يحل بذكاة الاختيار لولا رمي الثاني، فهذا بالرمي الثاني أفسد عليه نصف اللحم
(3)
فيضمنه، ولا يضمن النصف
(4)
الآخر؛ لأنه ضمنه مرة، حيث ضمن نصف قيمته حيًا، فدخل ضمان اللحم فيه. فافهم فإن هذه من مسائل "الزيادات"
(5)
.
توضيح:
طريق الضمان: أن الرامي الأول، إذا رمى صيدًا يساوي عشرة مثلًا فنقصه درهمين، ثم رماه الثاني فنقصه درهمين، يضمن الثاني للأول ما نقصته جراحته، وهو درهمان، وبقي من قيمته ستة دراهم، فيضمن الثاني أيضًا نصفها، وهو ثلاثة دراهم، وهي نصف قيمته مجروحًا بجراحتين، ثم إذا مات
(1)
الهداية 4/ 465، العناية 10/ 132، تبيين الحقائق 6/ 60.
(2)
المبسوط 11/ 250، الهداية 4/ 465، تبيين الحقائق 6/ 60.
(3)
في س، ص، ي "نصف قيمة اللحم".
(4)
في س، ص، ي، م، "ولا يضمن قيمة النصف".
(5)
العناية 10/ 133، تبيين الحقائق 6/ 60، المبسوط 11/ 250، الهداية 4/ 465.
وإن كان الرامي الثاني هو الأول، فحكم الإباحة ما قلنا، وصار كما لو رمى صَيْدًا على جَبَل فأثخَنه، ثم رماه فأنزله، لا يحل. ويحل صيد ما لا يؤكل لحمه.
منحة السلوك
يضمن النصف الآخر، وهو ثلاثة أيضًا؛ لأنه فوت عليه اللحم، ولا يضمن النصف الآخر من اللحم بعد الموت، وإن كان تفويت اللحم فيه موجودًا بقتله، لأنه لا يضمن ذلك النصف حيًا، فلو ضمنه بعد الموت كان يتكرر الضمان، بأن يضمن قيمته حيًا، ثم يضمن قيمة لحمه بعد الموت، وهذا لا يجوز. فافهم.
قوله: وإن كان الرامي الثاني هو الأول.
أي: هو الرامي الأول، فحكم الإباحة ما قلنا. وهو أن الرامي إن لم يثخنه برميه الأول، وقتله برميه الثاني يحل، وإن أثخنه برميه الأول وقتله برميه الثاني لم يحل؛ لأن في الأول لم يخرج من حيز الامتناع، وكانت ذكاته اضطراريةً، وفي الثاني صار قادرًا على الذكاة الاختيارية، ولم يذكِّ، فيحرم
(1)
.
قوله: وصار. أي: وصار حكم هذه المسألة، كما لو رمى صيدًا على جبلٍ فأثخنه، ثم رماه ثانيًا فأنزله، لا يحل؛ لأن الرمي الثاني محرم
(2)
.
قوله: ويحل صيد ما لا يؤكل لحمه.
مثل الثعلب
(3)
، والنمر
(4)
، وسائر السباع،
(1)
تبيين الحقائق 6/ 61، الهداية 4/ 465.
(2)
الهداية 4/ 465، تبيين الحقائق 6/ 61.
(3)
الثعلب: جنس من الحيوانات، من الفصيلة الكلبية. يضرب به المثل في الاحتيال. الحيوان للدميري 1/ 252، المعجم الوسيط 1/ 96 مادة الثعلب.
(4)
النمر: من السباع، فيه شبه من الأسد، إلا أنه أصغر منه، وهو منقط الجلد نقطًا سوداء =
ولو رَمَى صيدًا ورماه آخر، فأصاب سهم الثاني سهم الأول، فرده إلى صيدٍ آخر، فقتله، حَلَّ إن سَمَّى الثاني.
منحة السلوك
وكذلك الطيور المحرمة
(1)
؛ لقوله تعالى {فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، مطلقًا؛ ولأن اصطياده سبب الانتفاع بجلده، أو شعره، أو ريشه، أو لدفع شره، وكل ذلك مشروع
(2)
.
قوله: ولو رمى صيدًا، ورماه آخر، فأصاب سهم الثاني سهم الأول، فرده إلى صيد آخر فقتله، حلَّ إن سمى الثاني
(3)
.
وفي هذا تفصيل: وهو أنه ينظر، إن كان سهم الأول بحال يعلم أنه لا يبلغ إلى الصيد بدون دفع الثاني، فالصيد للثاني؛ لأنه هو الآخذ له، حتى لو كان الثاني مجوسيًا، أو محرمًا لا يحل.
وإن كان السهم الأول بحال يبلغ الصيد بدون
(4)
السهم الثاني، فالصيد للأول؛ لأنه هو السابق في الأخذ.
وإن كان الثاني مجوسيًا، أو محرمًا، لا يحل استحسانًا: لأنه أوجب زيادة قوة في السهم الأوَّل، فأوجب الحرمة احتياطًا
(5)
.
= وبيضاء، وهو أخبث من الأسد، لا يملك نفسه عند الغضب.
الحيوان للدميري 2/ 495، المعجم الوسيط 2/ 954 مادة النمر.
(1)
بداية المبتدي 4/ 465، كنز الدقائق 6/ 61، الهداية 4/ 465، تبيين الحقائق 6/ 61.
(2)
وإليه ذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.
الهداية 4/ 465، تبيين الحقائق 6/ 62، جواهر الإكليل 1/ 213، حاشية الدسوقي 2/ 108، روض الطالب 1/ 567، مغني المحتاج 4/ 301، الفروع 6/ 322.
(3)
تبيين الحقائق 6/ 61، المبسوط 11/ 250.
(4)
في ص بزيادة "دفع".
(5)
تبيين الحقائق 6/ 61.