الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والهم والحزن: الأكثرون على أنهما متقاربان إلا أن الحزن يكون على أمر قد انقضى والهم فيما يتوقع، والكسل: هو عدم انبعاث النفس للخير، وقلة الرغبة فيه مع القدرة والداعية، والعجز: عدم القدرة عليه، وقيل: هو ترك ما يجب فعله والتسويف به.
1777 -
جاء مكاتب فقال: إني عجزت عن كتابتي فأعني قال: "ألا أعلمك كلمات علّمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل كبير دينًا أدّاه الله عنك؟ قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك".
قلت: رواه الترمذي في الدعوات من حديث علي وقال: حسن غريب. (1)
باب الاستعاذة
من الصحاح
1778 -
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعوذوا بالله من جهد البلاء ودَرَك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء".
قلت: رواه البخاري في الدعوات وفي القدر ومسلم في الدعوات والنسائي في الاستعاذة من حديث أبي هريرة. (2)
وجهد البلاء: بفتح الجيم وضمها، والفتح أفصح وأشهر.
قال في شرح السنة (3): هي الحالة التي يمتحن بها الإنسان ويشق عليه بحيث يتمنى فيها الموت ويختاره عليها، عافانا الله من ذلك كله.
والدرك: بفتح الراء اسم من الإدراك وذكر فيه بعضهم الإسكان والمعروف الأول.
وسوء القضاء: يدخل فيها سوء القضاء في الدين والدنيا والبدن والمال والأهل، وقد
(1) أخرجه الترمذي (3563). وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق وهو ضعيف التقريب (3823).
(2)
أخرجه البخاري (6616)، ومسلم (2707)، والنسائي (8/ 268).
(3)
شرح السنة (5/ 160 رقم 1360).
يكون ذلك في الخاتمة وكذلك درك الشقاء يكون في أمور الآخرة والدنيا، وشماتة الأعداء: أعاذنا الله منها فرح العدو ببلية تنزل بمن يعاديه.
1779 -
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال".
قلت: رواه البخاري في الدعوات بهذا اللفظ وأبو داود في الصلاة والترمذي في الدعوات والنسائي في الاستعاذة بألفاظ متقاربة من حديث أنس. (1)
والهم والحزن: قد مضى تفسيرهما في الباب الذي قبله.
ضَلَع الدين: بفتح الضاد واللام فهو شدته، وثقل همه، وغلبة الرجال: هو قهر الرجال.
1780 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم، والمغرم والمأثم، اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى وشر فتنة الفقر، ومن شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونَقِّ قلبي كما ينقَّى الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب".
قلت: رواه الشيخان في الدعوات والترمذي بتقديم وتأخير وأبو داود والنسائي مختصرًا من حديث عائشة. (2)
وشر فتنة الغنى: لعل فتنة الغنى هي البطر والطغيان بالمال والتفاخر به، وصرفه في المعاصي إلى غير ذلك، وفتنة الفقر: هي عدم الرضا بما قسم الله والطمع في أموال الأغنياء والحسد، إلى غير ذلك.
(1) أخرجه البخاري (6369)، ومسلم (2706)، وأبو داود (1541)، والترمذي (3484)، والنسائي (8/ 274).
(2)
أخرجه البخاري (6275)، ومسلم (589)، والترمذي (3495)، وأبو داود (880)، والنسائي (8/ 262).
1781 -
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها".
قلت: رواه مسلم في الدعوات والنسائي في الاستعاذة والترمذي مختصرًا كلهم من حديث زيد بن أرقم. (1)
والعجز والكسل سبق تفسيرهما في الباب قبله، وإنما استعاذ صلى الله عليه وسلم من الجبن والبخل: فلما فيهما من التقصير عن أداء الواجبات، والقيام بحقوق الله تعالى، وإزالة المنكرات، ولأنه بشجاعة النفس وقوتها المعتدلة تتم العبادات، وتقوم بنصرة المظلوم والجهاد، وبالسلامة من البخل تقوم بحقوق المال، وتنبعث للإنفاق والجود، ومكارم الأخلاق، والهرم: المراد به الرد إلى أرذل العمر، قال بعض العلماء: ومعنى وآت نفسي تقواها: تقوى البدن الكف عما لا يتيقن حله، وتقوى القلب: الإعراض عما سوى الله تعالى، وعدم الالتفات إلى غيره، ومعنى وزكّها: طهرها، ولفظة "خير" ليست للتفضل بل معناه: لا مزكي لها إلا أنت، كما قال: أنت وليها ومولاها، ومعنى "نفس لا تشبع": إستعاذة من الحرص والطمع والشره، وتعلق النفس بالآمال البعيدة.
وهذا الحديث وغيره من الأدعية المسجوعة دليل لما قاله كثير من العلماء أن السجع المذموم في الدعاء: هو المتكلف، فإنه يذهب الخشوع والخضوع والإخلاص، ويلهي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب، فأما ما حصل بلا تكلف ولا إعمال فكر لكمال الفصاحة ونحو ذلك، أو كان محفوظًا فلا بأس به.
1782 -
كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك".
(1) أخرجه مسلم (2722)، والنسائي (8/ 260)، والترمذي (3572).
قلت: رواه مسلم في الدعوات وأبو داود في الصلاة كلاهما من حديث ابن عمر ولم يخرجه البخاري (1).
1783 -
قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إنى أعوذ بك من شر ما عملت، وشر ما لم أعمل".
قلت: رواه مسلم في الدعوات وأبو داود والنسائي وابن ماجه كلهم في الصلاة من حديث عائشه ولم يخرجه البخاري. (2)
قيل ومعنى: "شر ما لم أعمل"، الاستعاذة من أن يعمل في المستقبل ما لا يرضاه الله ويجوز أن يكون إستعاذة المرء من شر ما يكتب عليه وينسب إليه ولم يعمله وكل هذا تعليم لنا.
1784 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تُضلني، أنت الحي القيوم الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون".
قلت: رواه البخاري في التوحيد ومسلم في الدعوات والنسائي في النعوت كلهم من حديث ابن عباس. (3)
ومعنى "لك أسلمت وبك آمنت": لك انقدت وبك صدقت، "وإليك أنبت": أي أقبلت بهمتي وأعرضت عما سواك، "وبك خاصمت": أي بك أحتج وأدافع وأقاتل. (4)
(1) أخرجه مسلم (2739)، وأبو داود (1545).
(2)
أخرجه مسلم (2716)، والنسائي (3/ 56)، وابن ماجه (3839).
(3)
أخرجه البخاري (6317)، ومسلم (2717).
(4)
المنهاج للنووي (17/ 61).