الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب المناسك
المناسك: جمع منسك، بفتح السين وكسرها وهو المتعَبّد ويقع على المصدر والزمان والمكان، ثم سميت أمور الحج كلها مناسك قاله ابن الأثير (1).
من الصحاح
1812 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس: قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثًا، فقال لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم".
قلت: رواه مسلم والنسائي هنا من حديث أبي هريرة. (2)
والحج بفتح الحاء وكسرها، وهو في اللغة: القصد، وفي الشرع: قصد البيت على الوجه المخصوص في الزمان المخصوص.
وهذا الرجل السائل هو: الأقرع بن حابس جاء مبينًا في بعض طرق الحديث.
وانتصب: كل عام، بفعل محذوف دل عليه حجوا، تقديره: الحج كل عام، وفيه دليل على أن مجرد الأمر لا يفيد التكرار ولا المرة، وإلا لما صح الاستفهام.
وفي المسألة مذاهب: أحدها: هذا، وهو التوقف فيما زاد على المرة على البيان، والثاني: يقتضي التكرار، والثالث: وهو الصحيح عندنا لا يقتضيه له، وفي الحديث دليل على أنه كان له صلى الله عليه وسلم الاجتهاد لقوله: لو قلت نعم لوجبت. (3)
(1) النهاية لابن الأثير (5/ 48).
(2)
أخرجه مسلم (1337)، والنسائي (5/ 110).
(3)
المنهاج للنووي (9/ 144 - 145).
1813 -
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله"، قيل ثم ماذا؟ قال:"حج مبرور".
قلت: رواه الشيخان في الإيمان، وترجم عليه البخاري: باب من قال: أن الإيمان هو العمل لقول الله عز وجل {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} [الزخرف: 72]، والنسائي فيه مختصرًا كلهم من حديث أبي هريرة. (1)
والحج المبرور: هو الذي لا يخالطه إثم، وقيل هو المقبول.
1814 -
قال صلى الله عليه وسلم: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".
قلت: رواه الشيخان في الحج من حديث أبي هريرة. (2)
ويرفث: بضم الفاء وبالثاء المثلثة من الرفث، وهو التصريح بذكر الجماع والإعراب به، وقال الأزهري (3): هو كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة، وقيل: لابن عباس حين أنشد شعرًا فيه ذكر النساء وهو محرم، أتقول الرفث وأنت محرم؟ فقال: إنما الرفث ما روجع به النساء فكان رضي الله عنه يرى الرفث المنهي عنه ما خوطبت به المرأة.
1815 -
قال صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
قلت: رواه الجماعة إلا أبا داود، رووه في الحج من حديث أبي هريرة. (4)
(1) أخرجه البخاري (26)، ومسلم (83)، والنسائي (6/ 19).
(2)
أخرجه البخاري (1773)، ومسلم (1349).
(3)
تهذيب اللغة للأزهري (15/ 77 - 78)، والغريبين للهروي (3/ 1 - 2).
(4)
أخرجه البخاري (1773)، ومسلم (1349)، والترمذي (933)، والنسائي (5/ 112)، وابن ماجه (2888).
وفيه دليل على استحباب تكرار العمرة في السنة الواحدة مرارًا وقال مالك: يكره أن يعتمر في السنة الواحدة أكثر من مرة.
وقد اختلفوا في وجوب العمرة: فذهب الشافعي والجمهور إلى وجوبها، وقال مالك وأبو حنيفة: هي سنة وليست بواجبة. (1)
1816 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن عمرة في رمضان تعدل حجة".
قلت: رواه الشيخان والنسائي هنا من حديث ابن عباس. (2)
1817 -
إن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبًا بالروحاء فرفعت إليه امرأة صبيًّا فقالت: ألهذا حج؟ قال: "نعم، ولك أجر".
قلت: رواه الشافعي ومسلم وأبو داود والنسائي كلهم هنا من حديث ابن عباس. (3)
والروحاء: بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وبعدها حاء مهملة ثم ألف ممدودة مكان على ستة وثلاثين ميلًا من المدينة. (4)
وهذا الحديث حجة لمن ذهب إلى أن حج الصبي منعقد صحيح، يثاب عليه، وإن كان لا يجزئه عن حجة الإسلام، وأما الولي الذي يحرم عنه، فالصحيح عند أصحابنا أنه الذي يلي ماله هذا إذا كان غير مميز، فإن كان مميزًا، أذن له الولي فأحرم، فإن أحرم بغير إذن الولي، أو أحرم الولي عنه لم ينعقد على الأصح، وصفة إحرام الولي عن غير المميز أن يقول بقلبه جعلته محرمًا.
(1) المنهاج للنووي (5/ 167 - 168).
(2)
أخرجه البخاري (1782)، ومسلم (1256)، وأبو داود (1990)، وابن ماجه = = (2993)، والنسائي (4/ 130، 131).
(3)
أخرجه مسلم (1336)، والشافعي (1/ 283)، وأبو داود (1736)، والنسائي (5/ 120).
(4)
انظر: المغانم المطابة في معالم طابة للفيروزآبادي (ص 160 - 162).
1818 -
أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال:"نعم"، وذلك في حجة الوداع.
قلت: رواه الشافعي والشيخان وأبو داود والنسائي هنا من حديث ابن عباس يرفعه (1) وأخرجه أيضًا الشافعي والشيخان والترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عباس عن الفضل بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم (2) قال الترمذي: ورُوي عن ابن عباس عن حصين بن عوف المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم (3) وروي عن ابن عباس عن سنان بن عبد الله الجهني عن عمته عن النبي صلى الله عليه وسلم (4) وروي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال البخاري: ويحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم روى هذا، عن النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله، ولم يذكر الذي سمعه منه، قال الترمذي: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا غير حديث.
وفي الحديث دليل على وجوب الحج على من هو عاجز بنفسه مستطيع بغيره لأنها قالت: إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا لا يثبت على الراحلة.
(1) أخرجه البخاري (1513)، ومسلم (1334)، والشافعي (1/ رقم 993)، وأبو داود (1809)، والنسائي (5/ 118 - 119).
(2)
أخرجه الشافعي (1/ 994)، والبخاري (1853)، ومسلم (1335)، والترمذي (928)، وابن ماجه (2909)، والنسائي (8/ 227 - 228). وقال الترمذي:"حديث الفضل بن عباس حديث حسن صحيح".
(3)
أخرجه ابن ماجه (2908). وإسناده ضعيف لضعف محمد بن كريب مولى ابن عباس وأورده المزي في تهذيب الكمال (26/ 339)، وقال الحافظ في التقريب: ضعيف ت (6296).
(4)
انظر: ما قاله صاحب تحفة الأحوذي (3/ 676) في التعقيب على العيني الذي رد على الترمذي بأنه لم يجد حديثًا بهذا الإسناد.
1819 -
قال وقال رجل: إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لو كان عليها دين أكنت قاضيه؟ " قال: نعم، قال:"فاقض دَيْن الله، فهو أحق بالقضاء".
قلت: رواه الشيخان والنسائي هنا من حديث ابن عباس. (1)
1820 -
قال صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله! اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة، قال: "اذهب فاحجج مع امرأتك".
قلت: رواه الشيخان هنا من حديث ابن عباس. (2)
وفي هذا الحديث دليل على: أن المرأة لا تسافر إلا ومعها محرم، أو زوج، سواء طال السفر أو قصر، وأجمعت الأمة على وجوب الحج على المرأة إذا استطاعت، واختلفوا في اشتراط المحرم لها: فأبو حنيفة يشرطه في وجوب الحج عليها، ووافقه جماعات من العلماء، وذهب مالك والشافعي في المشهور عنه إلى عدم اشتراط المحرم، بل يشترط الأمن على نفسها، قال أصحاب الشافعي: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، ولا يلزمها الحج عندنا إلا بأحد هذه الأمور الثلاثة، فلو وجدت امرأة واحدة لم يلزمها، لكن يجوز لها الحج.
واختلف أصحابنا في خروجها لحج التطوع وسفر التجارة وما ليس بسفر واجب، فقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو محرم، ولا يجوز مع نسوة، واتفق العلماء على أنه يجوز لها أن تهاجر إلى دار الإسلام وإن لم يكن معها، قال بعض الفقهاء هذا عندي في الشابة، أما الكبيرة غير المشتهاة فتسافر كيف شاءت في كل الأسفار بلا زوج ولا
(1) البخاري (6699)، والنسائي (5/ 116).
تنبيه: لم يخرجه مسلم فلفظ الحديث عنده "إن أمي ماتت وعليها صوم شهر" برقم (1148).
(2)
أخرجه البخاري (3006)، ومسلم (1341).
محرم، وهذا لا نوافق عليه لأن المرأة مظنة الطمع والشهوة ولو كانت كبيرة، ولكل ساقطة لاقطة.
1821 -
استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال: "جهادكن الحج".
قلت: رواه الشيخان هنا من حديث عائشة. (1)
1822 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم".
قلت: رواه البخاري في تقصير الصلاة ومسلم في الحج كلاهما من حديث أبي هريرة وفي بعض روايات مسلم: مسيرة ليلة، وفي بعضها: أن تسافر ثلاثًا، ولم يخرج البخاري إلا حديث يوم وليلة وفي رواية لأبي داود: بريدًا، ورواها الحاكم في المستدرك. (2)
1823 -
وقّت رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجدٍ: قرن المنازل، ولأهل اليمن: يلملم، "فهنّ لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهن، لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن، فمُهَلّه من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يُهِلّون منها".
قلت: رواه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي هنا من حديث ابن عباس. (3)
وذا الحليفة: بضم الحاء المهملة وفتح اللام وبالفاء على نحو ستة أميال من المدينة الشريفة، ومن مكة نحو عشرة مراحل.
(1) أخرجه البخاري (2875)(2876)، ولم يخرجه مسلم ولم يعزه إليه المزي في تحفة الأشراف (12/ 402).
(2)
أخرجه البخاري (1088)، ومسلم (1339)، وأبو داود (1725)، والحاكم (1/ 442).
(3)
أخرجه البخاري (1526)، ومسلم (1181)، وأبو داود (1738)، والنسائي (5/ 126)، وأحمد (1/ 2128).
والجحفة: بجيم مضمومة ثم حاء مهملة ساكنة ثم بالفاء، كانت قرية كبيرة على نحو سبع مراحل من المدينة، وثلاث من مكة، سميت الجحفة لأن السيل أجحفها وحمل أهلها، ويقال لها: مهيعة بفتح الميم وإسكان الهاء.
وقرن المنازل: بفتح القاف وسكون الراء بلا خلاف، وغلطوا الجوهري (1) في فتحها وفي أن أويسًا القرني منسوب إليها، وإنما هو منسوب إلى بني قرن بطن من مراد وقرن المنازل على مرحلتين من مكة.
ويلملم: بفتح الياء واللامين وإسكان الميم بينهما، وهو على نحو مرحلتين من مكة، قوله: فمهلة هو بضم الميم وفتح الهاء وتشديد اللام أي موضع إهلاله، والإهلال: رفع الصوت بالتلبية، وإهلال الهلال واستهلاله: هو رفع الصوت بالتكبير عند رؤيته.
قوله: فمن كان يريد الحج والعمرة، فيه دليل للمذهب الصحيح وهو أن من مر بالميقات لا يلزمه أن يحرم، إلا أن يكون أراد الحج أو العمرة، قوله صلى الله عليه وسلم: فمن كان دونهن فمهلة من أهله، وقد ذكر أن هذا لفظ البخاري وأما لفظ مسلم فقال: وكذا فكذلك وكلاهما صحيح، ومعناه: وهكذا فهكذا من جاوز مسكنه الميقات حتى أهل مكة يهلون منها.
وفي هذا الحديث دليل على: أن المكي يحرم من نفس مكة وهذا محمول على ميقات الحج، أما العمرة فيلزم المحرم به أن يخرج إلى أدنى الحل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة حين أرادت أن تعتمر بعد التحلل من الحج أن تخرج إلى الحل فتحرم منه، والمعنى فيه: هو لأن يجمع المعتمر بين الحل والحرم، وأما الحاج فوقوفه بعرفة هو جامع بينهما إذ عرفة في الحل.
1824 -
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مُهَلّ أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد قرن، ومهل أهل اليمن
(1) الصحاح للجوهري (6).
يلملم".
قلت: رواه مسلم هنا من حديث أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن المهل؟ فقال: سمعت أحسبه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه أحمد وابن ماجه ورفعاه من غير شك، والنص بتوقيت ذات عرق ليس في القوة كغيره، فإن ثبت فليس ببعيد وقوع اجتهاد عمر على وقفه. (1)
وهذا الحديث لما لم يثبت عند الشافعي، نص في الأم على أن عمر اجتهد فوقت لأهل العراق ذات عرق، فهو عنده ليس بنص من جهة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من اجتهاد عمر كما جاء في صحيح البخاري.
وذات عرق: بكسر العين المهملة على مرحلتين من مكة، قال الشافعي: ولو أهلو من العقيق كان أفضل.
والعقيق: أبعد من ذات عرق بقليل، فاستحبه الشافعي لأثر فيه، ولأنه قيل: إن ذات عرق كانت أولًا في موضعه ثم حولت وقربت إلى مكة.
1825 -
اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي كانت مع حجته عمرة من الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة وعمرة مع حجته.
قلت: رواه الشيخان وأبو داود وكذلك الترمذي بمثل معناه، ولم يقل كلهن في ذي القعدة من حديث أنس بن مالك. (2)
قوله: في ذي القعدة، هو بفتح القاف وحكى فيها الكسر وسمي بذلك لأنهم يقعدون فيه عن القتال لكونه من الأشهر الحرم.
(1) أخرجه مسلم (1183)، وأحمد (2/ 9)، وابن ماجه (2915).
(2)
أخرجه البخاري (4148)، ومسلم (1253)، والترمذي (815)، وأبو داود (1994). انظر للتفصيل حول عمر الرسول صلى الله عليه وسلم: أجوبة ابن سيد الناس بتحقيقنا.