الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مذاهب: قال النووي (1): الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور: أنه يستحب في غير عطية السلطان، وأما عطية السلطان: فحرمها قوم، وأباحها قوم، وكرهها قوم، والصحيح أنه إن غلب الحرام على ما في يد السلطان حرمت، وكذا أن أعطى من لا يستحق، وإن لم يغلب الحرام فمباح، إن لم يكن في القابض مانع يمنعه من استحقاقه الأخذ، وقالت طائفة: الأخذ واجب من السلطان وغيره، وقال آخرون: هو مندوب في عطية السلطان دون غيره.
من الحسان
1320 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل ذا سلطان، أو في أمر لا يجد منه بدًا".
قلت: رواه أبو داود والترمذي والنسائي كلهم هنا من حديث سمرة، قال الترمذي (2): صحيح.
كدوح: بضم الكاف والدال المهملة وبالواو والحاء المهملة. هي الآثار من الخدش والعض ونحوه، وقيل: الكدح أكثر من الخدش.
1321 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل الناس وله ما يغنيه، جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش، أو خدوش، أو كدوح، قيل: يا رسول الله وما يغنيه، قال: "خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب".
قلت: رواه الأربعة (3) هنا من حديث ابن مسعود، وقال الترمذي: حسن، وقد تكلم
(1) المنهاج للنووي (7/ 189 - 190).
(2)
أخرجه أبو داود (1639)، والترمذي (681)، والنسائي (5/ 100) وإسناده صحيح.
(3)
أخرجه أبو داود (1626)، والترمذي (650)، والنسائي (5/ 97)، وابن ماجه (1840).
وحكيم بن جبير: ضعيف، رمي بالتشيع، التقريب (1476)، وانظر قول الحافظ الذهبي في الكاشف (1/ 347 رقم 1197) وكلام الدارقطني في سننه (2/ 122)، وانظر للتفصيل: تهذيب الكمال =
شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث، وقال النسائي: لا يعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم بن جبير، وحكيم: ضعيف، وسئل شعبة عن حديث حكيم فقال: أخاف النار، وقد كان يروي عنه قديمًا، وقال الذهبي: حكيم بن جبير ضعفوه، وقال الدارقطنى: متروك.
والخموش: هي الخدوش، وهو بضم الخاء المعجمة فيهما، وبالشين المعجمة في أحدهما، يقال: خمشت المرأة وجهها تخمشه إذا خدشته بظفر أو حديدة، وكدوح: تقدم تفسيره في الحديث قبله ورأى بعضهم هذا الحديث حدًّا في غني تحرم عليه الصدقة، وأبى ذلك آخرون وضعفوا الحديث.
وقال مالك والشافعي: لا حد للغني معلومًا، وإنما يعتبر حال الإنسان.
وقال الشافعي رضي الله عنه: قد يكون الرجل بالدرهم غنيًّا مع الكسب ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله.
1322 -
قال صلى الله عليه وسلم: "من سأل وعنده ما يغنيه، فإنما يستكثر من النار"، قالوا: يا رسول الله! وما يغنيه؟، قال:"قدر ما يغذيه ويعشّيه".
قلت: رواه أبو داود (1) هنا من حديث سهل بن الحنظلية، قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، فسألاه، فأمر لهما بما سألا، وأمر معاوية فكتب لهما بما سألا، فأما الأقرع فأخذ كتابه فلفه في عمامته وانطلق، وأما عينية فأخذ كتابه وأتى النبي صلى الله عليه وسلم مكانه، فقال: يا محمد أتراني أحمل إلى قومي كتابًا لا أدري ما فيه؟ كصحيفة المتلمّس، فأخبر معاوية بقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من سأل وعنده ما يغنيه .. " الحديث. ولم يضعفه ولا المنذري.
والمتلمس: هو جرير بن عبد المسيح الضبعي الشاعر المشهور، جاهلي، هجا هو
= (7/ 165 - 168) لكن له متابعة من طريق زبيد بن الحارث الكوفي، أشار إليها الترمذي، راجع: الصحيحة (499).
(1)
أخرجه أبو داود (1629) وإسناده صحيح.
وطرفة، عمرو بن هند ملك الحيرة، فكتب له ولطرفة بن العبد كتابين، أوهمهما أنه أمر لهما بجوائز، وكتب له يأمره بقتلهما، والقصة مشهورة عند العرب وإن المتلمس لما علم ما فيها رمى بها وهرب، فضربت العرب المثل بصحيفته، وأما طرفة فوافى بصحيفته فقتل.
وقد اختلف الناس في تأويل ما يغديه ويعشيه فقال بعضهم: من وجد غداء يومه وعشاه، لم تحل له المسألة وقال آخرون: من وجد غداء وعشاء دائم الأوقات. فإذا كان عنده ما يكفيه المدة الطويلة حرمت عليه المسألة، وقيل: هذا منسوخ بما تقدم من الأحاديث، ولا شك أنه يجوز لصاحب الغداء والعشاء أن يسأل الجبة والكساء.
- وفي رواية: شِبَع ليلةٍ ويومٍ.
قلت: رواها أبو داود أيضًا، رواية من الحديث قبلها.
1323 -
قال صلى الله عليه وسلم: "من سأل منكم وله أوقية أو عدلها، فقد سأل إلحافًا".
قلت: رواه أبو داود هنا (1) من حديث عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد أنه قال: نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد. قال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله لنا شيئًا نأكله فجعلوا يذكرون من حاجتهم فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلًا يسأله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا أجد ما أعطيك فتولى الرجل، وهو مغضب، وهو يقول: لعمري إنك لتعطي من شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يغضب علي أن لا أجد ما أعطيه، من سأل منكم، وله أوقية أو عدلها، فقد سأل إلحافًا" قال الأسدي: فقلت: للقحة لنا خير من أوقية، والأوقية أربعون درهمًا، قال: فرجعت ولم أسأله، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك شعير وزبيب، فقسم لنا منه، أو كما قال، حتى أغنانا الله عز وجل. وأخرجه النسائي ولم يضعفه أبو داود ولا المنذري.
وبقيع الغرقد: بالباء الموحدة مدفن المدينة، والغرقد: من شجر العضاه، والعضاه
(1) أخرجه أبو داود (1627)، والنسائي (5/ 98) وإسناده صحيح.
شجر له شوك، وقيل: الطلح والسدر، وكان فيه غرقد فذهب، وهو بفتح الغين المعجمة وسكون الراء المهملة وبعدها قاف ودال مهملة، وقد تقدم تفسير الأوقية في أول باب ما تجب فيه الزكاة، قوله: أو عدلها: قال ابن الأثير: العِدْل، والعَدْل بالكسر والفتح بمعنى واحد، وهو المثل. وقيل هو بالفتح ما عادله من جنسه، وبالكسر ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس، وإلحافًا: بكسر الهمزة وسكون اللام وبالحاء المهملة والفاء، يقال: ألحف في المسألة إذا بالغ فيها وألح.
1324 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المسألة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي، إلا لذي فقر مدقع، أو غرم مفظع، ومن سأل الناس ليثري به ماله، كان خموشًا في وجهه يوم القيامة، ورضفًا يأكله من جهنم، فمن شاء فليُقِلّ ومن شاء فليُكثر".
قلت: رواه الترمذي (1) هنا من حديث حبشي بن جنادة السلولي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وهو واقف بعرفة، وقد أتاه أعرابي فأخذ بطرف ردائه، فسأله إياه فأعطاه وذهب، فعند ذلك حرمت المسألة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن المسألة لا تحل .. " وساقه، وسنده رجاله موثقون.
والمرة: بكسر الميم وبالراء المهملة وتاء التأنيث، هي القوة والشدة، والسوي: الصحيح الأعضاء.
وفقر مدقع: أي شديد يفضي بصاحبه إلى الدقعاء أي إلى التراب، وقيل: هو سوء احتمال الفقر، ومفظع: بضم الميم وسكون الفاء وبالظاء المعجمة المشالة، وبالعين المهملة هو الشديد الشنيع، ويثري: بالثاء المثلثة أي يكثر به ماله، والرضف: بالضاد المعجمة، الحجارة المحماة.
1325 -
ويروى: "إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو ذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع".
(1) أخرجه الترمذي (653) وإسناده ضعيف، لأن فيه مجالد وهو ابن سعيد، وليس بالقوي، قد تغيّر في آخر عمره، التقريب (6520)، وانظر: شرح السنة للبغوي (1599)، والإرواء (877).