الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2101 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صُبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال:"ما هذا يا صاحب الطعام؟ " قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال:"أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟، من غشّ فليس مني".
قلت: رواه مسلم والترمذي من حديث أبي هريرة، وأخرج أبو داود بمثل معناه. (1)
والغش نقيض النصح قوله: فليس مني، أي ليس على سنتي وطريقي في مناصحة الإخوان، هذا كما يقول الرجل لصاحبه أنا منك، يريد به الموافقة والمتابعة قال الله تعالى إخبارًا عن إبراهيم عليه السلام:{فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} .
من الحسان
2102 -
قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثُّنيا، إلا أن يُعلم.
قلت: رواه أبو داود والترمذي والنسائيُّ ولفظهم من حديث جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والثنيا إلا أن يعلم، وقال الترمذي: حسن صحيح. (2)
والثنيا: أن يستثني من المبيع شيئًا مجهولًا فيفسد البيع، وقيل: هو أن يبيع الشيء جزافًا، فلا يجوز أن يستثني منه شيئًا، قل أم كثر، وتكون الثنيا في المزارعة أن يستثني بعد النصف أو لثلث كيلًا معلومًا.
قوله: إلا أن يعلم أي يعلم المبيع بعد الاستثناء، كبيع عشرة أقفزة إلا قفيزًا، لأنَّ المستثنى معلوم، والباقي معلوم، وإن جهل كبيع الصبرة إلا قفيزًا لم يصح لأنَّ المبيع ما يبقى بعد القفيز وذلك مجهول.
2103 -
قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر حتى تزهو، وعن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد. (غريب).
(1) أخرجه مسلم (102)، والترمذي (1315)، وأبو داود (3452).
(2)
أخرجه الترمذي (1290)، وأبو داود (3404)، والنسائيُّ (7/ 37).
قلت: الجملة الأولى وهي: النهي عن بيع التمر حتى يزهو، رواها الشيخان ومالك والنسائيُّ، وبقية الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أنس وقال الترمذي: حسن غريب. (1)
2104 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالىء بالكالىء.
قلت: رواه الدارقطني والبيهقيُّ من حديث ابن عمر بن الخطّاب ولم يضعفاه.
وقال: قال اللغويون: وهو النسيئة بالنسيئة. (2)
2105 -
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العُربان.
قلت: رواه أبو داود من حديث مالك أنه بلغه عن عمرو بن شعيب، به وهذا منقطع وأخرجه ابن ماجه مسندًا، وفيه حبيب كاتب الإمام مالك وعبد الله بن عامر الأسلمي ولا يحتج بهما. (3)
والعُربان: فيه ست لغات بضم العين وسكون الراء المهملتين وعربون: بفتح العين والراء وهي النصيحة، وضم العين وإسكان الراء وإبدال العين همزة مع الثلاثة: وهو أعجمي معرب، وصورته: أن يشتري ويعطي دراهم لتكون من الثمن إن رضي السلعة وإلا فهبة.
(1) أخرجه أبو داود (3371)، والترمذي (1228)، وابن ماجه (2217) وعند الشيخين أوله: البخاري (2195)، ومسلم (1555)، والنسائيُّ (7/ 264)، والبغويُّ (2082).
(2)
أخرجه الدارقطني (3/ 71 - 72)، والبيهقيُّ (5/ 190)، وكذلك أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 57)، وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، انظر الإرواء (1382).
(3)
أخرجه أبو داود (3502)، ومالك (2/ 609) رقم (1)، وابن ماجه (2192) وإسناده ضعيف لانقطاعه، فقد رواه مالك بلاغًا عن عمرو بن شعيب. والرواية عن ابن ماجه (2193) فيها عبد الله بن عامر الأسلمي ضعيف كما قال الحافظ في التقريب (3428)، وحبيب كاتب مالك هو: حبيب بن أبي حبيب المصري، يكنى أبا محمد، واسم أبيه: إبراهيم، وقيل: مرزوق، قال الحافظ: متروك، كذبه أبو داود وجماعة، انظر التقريب (1095).
2106 -
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطرين وعن بيع الغَرر. قلت: رواه أبو داود (1) من حديث شيخ من بني تميم، قال: خطبنا عليّ ابن أبي طالب قال: قال علي: سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه، ولم يؤمر بذلك، قال الله عز وجل {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} ويتبايع المضطرون، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر وبيع الغرر وبيع الثمرة قبل أن تدرك، في إسناده رجل مجهول.
وبيع المضطر على وجهين، أحدهما: أن يضطر إلى العقد من طريق الإكراه، وهذا فاسد، والآخر أن يضطر إلى البيع لدين ركبه أو مؤونة ترهقه فيبيع ما في يده بالوكس، وهذا سبيله من جهة المروءة والدين ألا يباع على هذا الوجه، ويعان ويقرض ويمهل عليه إلى الميسرة فإن عقد البيع على هذه الحالة جاز، ولم يفسخ.
2107 -
أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عَسْب الفَحْل؟ فنهاهُ، فقال: إنا نُطرِقُ الفحل فنُكْرم؟ فرخَّص له في الكرامة.
قلت: رواه الترمذي والنسائيُّ هنا من حديث أنس وقال الترمذي (2): حسن غريب.
وقد تقدم تفسير "عسب الفحل" وأنه بإسكان السين.
قوله: إنا نطرق الفحل إلى آخره، فيه دليل على أنه لو أعاره الفحل للإنزال فأكرمه المستعير بشيء جاز، وله قبوله، وإن لم يجز أخذ الكرامة.
(1) أخرجه أبو داود (3382). وإسناده ضعيف لجهالة الشيخ من بني تميم.
وكذلك في إسناده أبو عامر المزني -صالح بن رستم الخزاز- قال الحافظ في التقريب (2877): صدوق كثير الخطأ.
(2)
أخرجه الترمذي (1274)، والنسائيُّ (7/ 310).
2108 -
نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندي. (1)
2109 -
وقال حكيم: يا رسول الله يأتيني الرجل فيريد مني البيع ليس عندي فأبتاع له من السوق؟، قال:"لا تبع ما ليس عندك".
قلت: رواه الأربعة هنا من حديث حكيم بن حزام، وقال الترمذي: حديث حسن. (2)
قال الخطابي (3): ويدخل في ذلك بيع الرجل مال الغير موقوفًا على إجازة المالك، وكذلك بيع كل شيء ليس بمضمون عليه، مثل أن يبيع السلعة قبل القبض.
2110 -
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة.
قلت: رواه أبو داود، والترمذي، والنسائيُّ من حديث أبي هريرة وقال الترمذي: حسن صحيح. (4)
قال الشافعي (5): له تأويلان، أحدهما: أن يقول بعتك بألفين نسيئة وبألف نقدًا فأيهما شئت أخذت به فأخذ بأحدهما، والآخر: أن يقول بعتك عبدي على أن تبيعني فرسك أو أن تشتري مني داري بكذا، وعلى التقادير كلها البيع باطل إجماعًا.
2111 -
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عن بيعتين في بيعة صفقة واحدة".
(1) أخرجه الشافعي في مسنده (2/ 143) رقم (478) واللفظ له. والترمذي في السنن (3/ 534).
(2)
أخرجه أبو داود (3503)، والترمذي (1232)، والنسائي (7/ 289)، وابن ماجه (2187) وإسناده صحيح. انظر الإرواء (1292)، واعتبرهما المؤلف حديثًا واحدًا.
(3)
معالم السنن (3/ 120).
(4)
أخرجه الترمذي (1231)، والنسائيُّ (7/ 295)، وأبو داود (3461).
(5)
انظر معرفة السنن والآثار للبيهقي (8/ 157)، والفقة الإسلامي وأدلته (4/ 471).
قلت: رواه البيهقي من حديث داود بن قيس وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، في جملة الحديث الذي بعده، والمصنف في "شرح السنة" من حديث عمرو بن شعيب به. (1)
2112 -
قال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ريح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك". (صح).
قلت: رواه الأربعة من حديث عمرو بن شعيب قال: حدثني أبي عن أبيه عن أبيه حتى ذكر عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكره، قال الترمذي: حسن صحيح. (2)
قال المنذري (3): ويشبه أن يكون صححه لتصريحه فيه بذكر عبد الله بن عمرو، ويكون مذهبه في الامتناع من الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب: إنما هو للشك في إسناده، لجواز أن يكون الضمير عائدًا على محمد بن عبد الله بن عمرو، فإذا صرح بذكر عبد الله بن عمرو انتفى ذلك، والله أعلم.
والبيع والسلف أن يقول: بعتك هذا الثوب بعشرة على أن تقرضني عشرة دراهم، والمراد بالسلف القرض، فهذا فاسد، لأنه جعل العشرة ورفق القرض ثمنًا للثوب، فإذا بطل الشرط سقط بعض الثمن، فيكون ما بقي من المبيع بمقابلة الباقي من الثمن مجهولًا.
(1) أخرجه البيهقي (5/ 343)، والبغويُّ في شرح السنة (8/ 144)(1112)، وأخرجه كذلك الحاكم في المستدرك (2/ 17).
(2)
أخرجه أبو داود (3504)، والترمذي (1234)، والنسائيُّ (7/ 288)، وابن ماجه (2188) وإسناده حسن.
(3)
تهذيب السنن (5/ 147 - 150).
قوله: ولا شرطان في بيع، معناه: معنى البيعين في بيعة، وقيل: معناه بعتك ثوبي بكذا وعليّ قصارته وخياطته، فهذا أيضًا فاسد، وهذا محمول على شرط لا يقتضيه العقد ولا هو من مصلحته.
قوله: ولا ربح ما لم يضمن، هو أن يبيع ما اشتراه قبل القبض.
قوله: ولا بيع ما ليس عندك، المراد بيع ما لم ير وما أشبهه كالضال والآبق، ومال الغير وهذا مخصوص بالأعيان، أما السلم فجائز في غير المرئي بل في غير الموجود حالة العقد. (1)
2113 -
كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير، فآخذ مكانها الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ مكانها الدنانير، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له؟ فقال:"لا بأس أن تأخذها بسعر يومها، ما لم تفترقا وبينكما شيء".
قلت: رواه الأربعة هنا من حديث ابن عمر، وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك بن حرب، وذكر أنه روي عن ابن عمر موقوفًا، وأخرجه النسائيُّ أيضًا عن ابن عمر. (2)
قوله: والنقيع بنون مفتوحة وقاف مكسورة: موضع بالمدينة كان ينتقع فيه الماء أي يجتمع، وفيه دليل على جواز استبدال النقد عن النقد وإن كان ثمنًا، وذهب آخرون إلى أنه لا يجوز الاستبدال عن الثمن بحال، كما لا يجوز بيع المبيع قبل القبض، وقيل: يجوز ذلك في النقدين، لأنَّ أخذ الدراهم عن الدنانير وبالعكس، لا يقصد به الربح، إنما
(1) انظر تهذيب سنن أبي داود لابن القيم مع مختصر المنذري (5/ 146 - 151).
(2)
أخرجه أبو داود (3354)، والترمذي (1242)، والنسائيُّ (7/ 282)، وابن ماجه (2262) وإسناده ضعيف، لتفرد سماك بن حرب، يرفعه، وأعله ابن حزم في المحلّى (8/ 503 - 504) بسماك بن حرب، ولعل الصواب وقف هذا الخبر على ابن عمر كما في التلخيص (3/ 26).
يقصد به الاقتضا والتقابض بالطريق الأسهل، ولا يجوز في غيرهما لأنه يقصد به طلب الربح، وقد ورد النهي عن ربح ما لم يقبض.
قوله: ما لم تتفرقا وبينكما شيء، فيه دليل على وجوب التقابض في المجلس في الاستبدال، والعمل على هذا عند من لم يجوز بيع المبيع قبل قبضه سواء استبدل عن الثمن ما يوافقه في علة الربا أو غيره، وكذلك في القرض، وبدل الإتلاف، وقيل: لا يشترط إلا أن يوافقا في علة الربا.
2114 -
أنه أخرج كتابًا: "هذا ما اشترى العدّاء بن خالد بن هوذة من رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى منه عبدًا أو أمة، لا داء ولا غائلة ولا خبثة: بيع المسلم المسلم". (غريب).
قلت: رواه الترمذي هنا والنسائيُّ في الشروط وابن ماجه هنا من حديث العدّاءُ ابن خالد بن هوذة، وقال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عباد انتهى، وعباد هذا هو: عباد بن ليث الكرابيسي، قال فيه ابن معين وأحمد: ليس بشيء، وقال النسائيّ وغيره: ليس بالقوي. (1)
والعداء: راوي الحديث، هو بفتح العين وتشديد الدال المهملتين، وهوذة: بفتح الهاء، أسلم عام الفتح وحسن إسلامه، والداء: قال قتادة: الجنون والجذام والبرص ونحوها مما يردّونه، والغائلة: الزنا والسرقة والإباق، والخبثة: ما كان خبيث الأصل، بأن يكون الرقيق من قوم لا يحل سبيهم.
(1) أخرجه الترمذي (1216)، وابن ماجه (2251). ولم أجده في النسائيُّ وعزاه إليه المزي في التحفة (7/ 270)، وعباد ضعيف كما قال الحافظ في التقريب (3158): صدوق يخطيء. ولكن تابعه أبو رجاء العطاردي وهو ثقة عند البيهقي (5/ 327 - 328)، الطبراني (18/ 15) فيما ذكر ابن حجر في تغليق التعليق (3/ 219) وبهذه الطرق حسنه أهل العلم، منهم الترمذي وابن حجر وعباد الكرابيسي انظر ترجمته في منهج النسائيّ (5/ 2309).