الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: رواه الأربعة هنا من حديث أنس مطولًا (1) وقال الترمذي: حسن، لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان، قال يحيى بن معين: صالح، وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه.
والدم الموجع: هو ما يتحمله الإنسان من الدية فإن لم يتحملها وإلا قتل، فيوجعه القتل.
1326 -
قال صلى الله عليه وسلم: "من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها بالله أوْشَك الله له بالغنى: إما بموت عاجل، أو غنى عاجل".
قلت: رواه أبو داود والترمذي (2) كلاهما هنا من حديث عبد الله بن مسعود وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
وأوشك بفتح الهمزة وفتح الشين المعجمة ومعناه عند الخليل: أسرع.
باب الإنفاق وكراهية الإمساك
من الصحاح
1327 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان لي مثل أحد ذهبًا، لسرّني أن لا يمر عليَّ ثلاث ليال وعندي منه شيء، إلا شيء، أرصده لِدَيْنٍ".
قلت: رواه البخاري في الرقاق (3) من حديث عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة ورواه
(1) أخرجه أبو داود (1641)، والنسائي (7/ 259)، والترمذي (1218)، وابن ماجه (2198) قال الحافظ في التلخيص (2/ 34 رقم 1167) وأعله ابن القطان بجهل حال أبي بكر الحنفي ونقل عن البخاري أنه قال: لا يصح حديثه. والأخضر بن عجلان، قال في التقريب (293): صدوق. وأبو بكر الحنفي: لا يعرف حاله، التقريب (3748)، وانظر: ميزان الاعتدال (1/ 168)، والإرواء (867).
(2)
أخرجه أبو داود (1645)، والترمذي (2326) وإسناده حسن لطرقه، راجع: الصحيحة (2787).
(3)
أخرجه البخاري (2389)، وفي التوحيد (7228)، ومسلم (991).
أيضًا في التمني، بمثل معناه، من حديث معمر عن همام عن أبي هريرة ومسلم في الزكاة من حديث أبي هريرة واللفظ للبخاري.
وأرصده: بضم الهمزة، وكسر الصاد، أي: أعده.
1328 -
قال صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا".
قلت: رواه الشيخان (1) هنا، والنسائي في عشرة النساء، ثلاثتهم من حديث أبي الحباب واسمه سعيد بن يسار عن أبي هريرة، قال العلماء: وهذا في الإنفاق في الطاعات، ومكارم الأخلاق وعلى العيال والضيفان والصدقات، ونحو ذلك، بحيث لا يذم ولا يسمى سرفًا، والإمساك المذموم هو الإمساك عن هذا.
1329 -
قال صلى الله عليه وسلم لها: "أنفقي، ولا تحصي فيحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك، ارضخي ما استطعت".
قلت: رواه الشيخان والنسائي ثلاثتهم في الزكاة وأعاده البخاري في الهبة أيضًا من حديث أسماء بنت أبي بكر. (2)
وارضخي: همزته همزة وصل، وبالراء المهملة وبالصاد والخاء المعجمتين، من الرضخ بسكون الضاد، وهو: العطية، وقيل: العطية القليلة.
ومعنى الحديث: الحث على النفقة في الطاعة، والنهي عن الإمساك والبخل، وعن ادخار المال في الوعاء.
قوله صلى الله عليه وسلم: ولا تحصى فيحصي الله عليك، وتوعى عليك هو من باب مقابلة اللفظ باللفظ للتجنيس كما قال تعالى {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} ومعناه يمنعك كما منعت، ويقتر عليك كما قترت، ويمسك فضله عنك كما أمسكت وقيل معنى: ولا تحصي أي لا تعديه
(1) أخرجه البخاري (1442)، ومسلم (57/ 1010)، والنسائي في الكبرى (9178).
(2)
أخرجه البخاري (1434)، وفي الهبة (2591)، ومسلم (1029)، والنسائي (9195).
فتستكثريه، فيكون سببًا لانقطاع إنفاقك، والإحصاء للشيء: معرفته قدرًا أو وزنًا أو عدًّا.
1330 -
قال صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك".
قلت: رواه الشيخان: البخاري في التوحيد، ومسلم في الزكاة كلاهما من حديث أبي هريرة يرفعه. (1)
1331 -
قال صلى الله عليه وسلم: "يا ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك، وأن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول".
قلت: رواه مسلم هنا من حديث أبي أمامة، ولم يخرجه البخاري بجملته، وأخرج:"ابدأ بمن تعول" من حديث ابن عمر وغيره. (2) والفضل هو ما زاد على الحاجة، قوله صلى الله عليه وسلم: لا تلام على كفاف، هو بفتح الكاف: القوت، أي لا تلام على طلب القوت أو تحصيله، وهو ما كف عن الناس أي أغنى.
1332 -
قال صلى الله عليه وسلم: "مثل البخيل والمتصدق: كمثل رجلين عليهما جُنَّتان من حديد، قد اضطرت أيديهما إلى ثديّهما، وتراقيهما، فجعل المتصدق كما تصدق بصدقة انبسطت عنه، وجعل البخيل كما هم بصدقة قلصت، وأخذت كل حلقة بمكانها".
قلت: رواه الشيخان: البخاري في اللباس ومسلم في الزكاة والنسائي فيه من حديث أبي هريرة يرفعه. (3)
قال النووي في شرح مسلم (4): صوابه: جنتان بضم الجيم وبالنون، والجنة: الدرع، ومعنى قلصت: انقبضت، وجاء هذا الحديث على التمثيل لا على الخبر قيل: وإنما ضرب المثل بهما لأن المنفق يستره الله بنفقته، ويستر عوراته في الدنيا والآخرة، كستر
(1) أخرجه البخاري (5352)، ومسلم (993).
(2)
أخرجه مسلم (1036)، وانظر البخاري (1428،1426، 5355، 5356).
(3)
أخرجه البخاري (1443)، ومسلم (1021)، والنسائي (5/ 72).
(4)
المنهاج للنووي (7/ 151).
هذه الجنة لابسها، والبخيل كمن لبس جبة إلى ثدييه، فيبقى مكشوفًا بادي العورة مفتضحًا في الدنيا والآخرة. (1)
1333 -
قال صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها، يقول الرجل: لو جئت بها بالأمس لقبلتها، فأما اليوم فلا حاجة لي بها".
قلت: رواه الشيخان والنسائي كلهم في الزكاة من حديث حارثة بن وهب (2) يرفعه.
وهذا الزمن الذي أشار إليه في الحديث يكون من مقدمات الساعة، وسبب عدم قبولهم الصدقة: كثرة الأموال وظهور كنوز الأرض، ووضع البركات فيها كما ثبت في الصحيح، وذلك بعد هلاك يأجوج ومأجوج، وقلة الناس، وقلة آمالهم، وقرب الساعة وعدم ادخارهم.
1334 -
قال رجل يا رسول الله: أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: "أن تصّدّق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تُمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان".
قلت: رواه الشيخان: البخاري في الزكاة وفي الوصايا ومسلم في الزكاة وأبو داود والنسائي كلاهما في الوصايا والنسائي في الزكاة أيضًا. (3)
قال الخطابي (4): الشح أعم من البخل، وكأن الشح جنس، والبخل نوع، وأكثر ما يقال البخل في أفراد الأموال، والشح عام كالوصف اللازم، وما هو من قبيل الطبع قال: فمعنى الحديث: أن الشح غالب في حال الصحة، فإذا سمح فيها وتصدق كان
(1) بعد هذا الحديث في النسخة المطبوعة من المصابيح حديث "اتقو الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة .... " ولم أجده في جميع نسخ كشف المناهج، والله أعلم.
(2)
أخرجه البخاري (1411)، ومسلم (1011)، والنسائي (5/ 77).
(3)
أخرجه البخاري (1419)، وفي الوصايا (2748)، ومسلم (1032)، وأبو داود (2865)، والنسائي (6/ 237)، وابن ماجه (2706).
(4)
إعلام الحديث (1/ 757).
أصدق في نيته، وأعظم لأجره، بخلاف من أشرف على الموت، وآيس من الحياة، ورأى مصير المال لغيره، فإن صدقته حينئذ ناقصة بالنسبة إلى حالة الصحة والشح ورجاء البقاء وخوف الفقر، وتأمل الغنى: بضم الميم أي تطمع به، ومعنى بلغت الحلقوم: أي قاربت الروح بلوغ الحلقوم، إذ لو بلغته حقيقة لم يصح وصية ولا صدقة، ولا شيء من تصرفاته باتفاق الفقهاء.
قوله صلى الله عليه وسلم لفلان كذا، ولفلان كذا، الأوقد كان لفلان، قال الخطابي: المراد به الوارث وقال غيره المراد به: سبق القضاء به للموصى له، ويحتمل أن يكون المعنى أنه قد خرج عن تصرفه، وكمال ملكه، واستقلاله بما شاء من التصرف، فليس له في وصيته كبير ثواب بالنسبة إلى صدقة الصحيح الشحيح، والله أعلم.
1335 -
انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال: "هم الأخسرون ورب الكعبة" فقلت: فداك أبي وأمي من هم؟ قال: "الأكثرون أموالًا، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا وهكذا: من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، وقليل ما هم".
قلت: رواه البخاري في الزكاة وفي النذور ومسلم والترمذي والنسائي ثلاثتهم في الزكاة من حديث أبي ذر. (1)
وفيه الحث على الصدقة في وجوه الخير، وأنه لا يقتصر على نوع من وجوه البر، بل ينفق في كل وجه من وجوه الخير ممكنة. وفيه جواز الحلف من غير تحليف وقد كثر ذلك في الأحاديث الصحيحة فهو مستحب إذا كانت المصلحة فيه، كتوكيد أمر مهم ودفع توهم المجاز، وإنما خص الجهات الأربع ولم يذكر فوقه وتحته موافقة لقوله تعالى حكاية عن إبليس:{ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} الأعراف: 17.
(1) أخرجه البخاري (6638)، ومسلم (990)، والترمذي (617)، والنسائي (5/ 10).