الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب فضائل القرآن
من الصحاح
1524 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
قلت: رواه الجماعة إلا مسلمًا والبخاري والترمذي والنسائيُّ في فضائل القرآن وأبو داود في الصلاة وابن ماجه في السنة كلهم من حديث أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان يرفعه واسم أبي عبد الرحمن عبد الله. (1)
1525 -
قال صلى الله عليه وسلم: "أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان، أو العقيق، فيأتي بناقتين كوماوَيْن في غير إثم، ولا قطع رحم؟ قالوا: يا رسول الله كلنا يحب ذلك، قال: فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل".
قلت: رواه مسلم في فضائل القرآن من كتاب الصلاة وكذلك أبو داود كلاهما من حديث علي بن رباح عن عقبة ولم يخرجه البخاري.
وبطحان: بضم الباء الموحدة وسكون الطاء المهملة اسم واد بالمدينة كذا قاله النوويّ (2) وغيره وضبطه ابن الأثير (3) بفتح الباء، قال: وأكثرهم بضمها ولعله الأصح.
والعقيق بفتح العين المهملة وبقافين، الأولى مكسورة بينهما ياء آخر الحروف، المراد به العقيق الأصفر. (4)
(1) أخرجه البخاري (5027)، وأبو داود (1452)، والترمذي (2907)(2908)، وابن ماجه (211)، والنسائيُّ في الكبرى (8036 و 8037 و 8038).
(2)
المنهاج للنووي (6/ 128).
(3)
النهاية (2/ 134)، وانظر: كذلك المغانم المطابة في معالم طابة ص (56).
(4)
أخرجه مسلم (803)، وأبو داود (1456)، وانظر عن الوادي: المغانم المطابة في معالم طابة ص (266).
وهو واد على ثلاثة أميال، وقيل: على ميلين من المدينة، وخصهما بالذكر لأنهما أقرب أسواق الإبل إلى المدينة.
والكوما: من الإبل بفتح الكاف وبالمد العظيمة السنام.
1526 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد فيه ثلاث خلفات عظام سمان" قلنا: نعم، قال:"فثلاث آيات يقرؤ بهن أحدكم في صلاته، خير من ثلاث خلفات عظام سمان".
قلت: رواه مسلم في الصلاة وابن ماجه في ثواب التسبيح كلاهما من حديث وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (1)
وخلفات: بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام الحوامل من الإبل إلى أن يمضي عليها نصف أمدها ثمَّ هي عشار والواحدة خلفة وعُشرا بضم العين بالمد.
والفاء في قوله: فثلاث آيات، جزاء شرط محذوف والمعنى إذا تقرر ما زعمتنم أنكم تحبون ما ذكرت لكم فقد صح أن يتفصل عليه ما أذكره وهو كذا.
1527 -
قال صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق، له أجران".
قلت: رواه الجماعة: البخاري في تفسير سورة عبس ومسلم وأبو داود في الصلاة والترمذي والنسائيُّ في فضائل القرآن وابن ماجه في ثواب القرآن كلهم من حديث سعد بن هشام عن عائشة ترفعه. (2)
والسفرة: جمع سافر ككاتب وكتبه: وهم الرسل لأنهم يسفرون إلى الناس برسالاتهم، وقيل: السفرة: الكتبة.
(1) أخرجه مسلم (802)، ابن ماجه (3782).
(2)
أخرجه البخاري (4937)، ومسلم (798)، وأبو داود (1454)، والترمذي (2904)، وابن ماجه (3979).
والبررة: المطيعون.
قوله صلى الله عليه وسلم: ويتتعتع فيه، أي يتردد في قراءته لضعف حفظه فله أجران، أجر قراءته وأجر تعتعته في تلاوته ومشقته، وليس معناه أن الذي يتتعتع فيه له من الأجر أكثر من الماهر، بل الماهر أفضل وأكثر أجرًا فإنَّه مع السفرة فله أجور كثيرة، لم تذكر هذه المنزلة لغيره.
1528 -
قال صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالًا، فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار".
قلت: رواه الجماعة إلا أبا داود والبخاري في التوحيد ومسلم في الصلاة والترمذي في البر والنسائيُّ في فضائل القرآن وابن ماجه في الزهد كلهم من حديث سالم عن ابن عمر بن الخطّاب (1).
والحسد قسمان: حقيقي ومجازي، فالحقيقي: بمعنى زوال النعمة عن صاحبها وهذا حرام بإجماع المسلمين مع النصوص الصريحة الصحيحة، وأما المجاز: فهو الغبطة، وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها، فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة، وإن كانت طاعة فهي مستحبة، والمراد في الحديث لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين.
وآناء الليل: ساعاته واحدها إنًى مثل معًا وأنا وإنى وإنو أربع لغات.
1529 -
قال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة، ريحها طيب، وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة، لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن، كمثل الحنظلة، ليس لها ريح، وطعمها مر، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب، وطعمها مر".
(1) أخرجه البخاري (7529)، ومسلم (815)، والترمذي (1936)، والنسائيُّ في الكبرى (8072)، وابن ماجه (4209).
قلت: رواه الجماعة: البخاري في التوحيد وفي فضائل القرآن، ومسلم في الصلاة وأبو داود في الأدب والترمذي في الأمثال والنسائيُّ في الوليمة وابن ماجه في السنة كلهم من حديث أنس بن مالك عن أبي موسى يرفعه. (1)
- وفي رواية: المؤمن الذي يقرأ القرآن، ويعمل به، كالأترجة، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة.
قلت: رواها البخاري. (2)
والأترجة: بضم الهمزة وسكون التاء المثناة من فوق وضم الراء المهملة. وتشديد الجيم واحده الأترج، وحكى أبو زيد تُرنجة بغير همز مع ضم التاء وزيادة نون. والحنظلة: بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح الظاء المعجمة، معروفة.
1530 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين".
قلت: رواه مسلم في الصلاة وابن ماجه في السنة كلاهما من حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة عن عمر ولم يخرجه البخاري. (3)
1531 -
أن أسيد بن حضير بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، فقرأ فجالت، فسكت فسكنت، ثمَّ قرأ فجالت، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة، فيها أمثال المصابيح، عرجت في الجو حتى لا أراها؟ قال:"تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت، لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم".
(1) أخرجه البخاري في التوحيد (7560)، وفي فضائل القرآن (5020)، ومسلم (797)، وأبو داود (4830)، والترمذي (2865)، والنسائيُّ (8/ 124 - 125)، وابن ماجه (214).
(2)
أخرجه البخاري في فضائل القرآن (5059) بلفظه.
(3)
أخرجه مسلم (817)، وابن ماجه (218).
قلت: رواه البخاري والنسائيُّ (1) كلاهما هنا في فضائل القرآن من حديث أسيد بن حضير واللفظ له ومسلم في الصلاة من حديث عبد الله ابن خَبَّاب عن أبي سعيد فذكره بمعناه.
وأُسيد: بضم الهمزة وفتح السين وبالياء آخر الحروف والدال.
وحُضير: بضم الحاء المهملة وفتح الضاد وبالياءآخر الحروف ثمَّ بالراء المهملة. (2)
وجالت الفرس بمعنى دارت. وتؤنثت وقال هنا: جالت ماتت الفرس، وفي بعض الروايات: وعنده فرس مربوط فذكره وهما صحيحان والفرس تقع على الذكر والأنثى.
والظلة: سحابة تظل من تحتها.
وعرجة: بعين وراء مهملتين وجيم مفتوحات أي ارتقت.
والجو: بفتح الجيم وتشديد الواو ما بين السماء والأرض.
1532 -
كان رجل يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين، فتغشّته سحابة، فجعلت تدنو وندنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال:"تلك السكينة تنزلّت بالقرآن".
قلت: رواه البخاري في علامات النبوة ومسلم في الصلاة والترمذي في فضائل القرآن كلهم من حديث أبي إسحاق عن البراء. (3)
والحصان: بكسر الحاء وبالصاد المهملتين هو الذكر من الخيل، وقوله: مربوط بشطنين هو بشين وطاء مهملة ونون تثنية شطن: وهو الحبل الطويل والجمع أشطان.
(1) أخرجه البخاري (5018)، ومسلم (796)، والنسائيُّ في الكبرى (8016).
(2)
وأسيد بن حضير الأنصاري الأشهل، يكنى أبا يحيى، وكان أسيد من السابقين إلى الإِسلام، وهو أحد النقباء ليلة العقبة، انظر الإصابة (1/ 83 - 83).
(3)
أخرجه البخاري (5011)، ومسلم (795)، والترمذي (11503).
والسكينة: قال النوويّ (1): قد قيل في معنى السكينة أشياء، المختار منها: أنها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة ومعه الملائكة.
1533 -
كنت أصلي فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فلم أجبه حتى صليت ثمَّ أتيت فقال: "ما منعك أن تأتي؟ " قلت: كنت أصلي فقال ألم يقل الله: "استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم؟ " ثمَّ قال: "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن، قبل أن أخرج من المسجد؟ " فأخذ بيدي فلما أردنا أن نخرج. قلت: يا رسول الله إنك قلت: ألا أعلمك أعظم سورة من القرآن قال: "الحمد لله رب العالمين" هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته".
قلت: رواه الجماعة إلا مسلمًا والترمذي والبخاري في التفسير وفي فضائل القرآن وأبو داود والنسائيُّ كلاهما في الصلاة وابن ماجه في ثواب التسبيح كلهم من حديث أبي سعيد بن المعَلّى. (2)
1534 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سور البقرة".
قلت: رواه مسلم في الصلاة والنسائيُّ في فضائل القرآن كلاهما من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (3)
1535 -
قال صلى الله عليه وسلم: "اقرؤا القرآن، فإنَّه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان -أو
(1) المنهاج للنووي (6/ 117).
(2)
أخرجه البخاري في التفسير (4474) و (4647)(4703)، وفي فضائل القرآن (5006)، وأبو داود (1458)، والترمذي (2875) و (3125)، وابن ماجه (3785)، والنسائيُّ (2/ 139)، وأبو سعيد بن المعلّى اسمه: رافع بن المعلّى بن لوذان بن حارثة (صحابي) مات سنة أربع وسبعين، التقريب (8183).
(3)
أخرجه مسلم (780)، والنسائيُّ في الكبرى (8015).
غيابتان- أو فرقان من طير صراف، تحاجان عن أصحابهما، اقرؤا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة".
قلت: رواه مسلم في الصلاة (1) من حديث أبي أمامة الباهلي وقال: قال معاوية بن سلام وهو أحد رواته: بلغني أن البطلة: السحرة.
قوله صلى الله عليه وسلم: كأنهما غمامتان أو غيابتان.
قال النوويّ (2): نقلًا عن أهل اللغة: الغمامة والغيابة كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه من سحابة وغَبَرةٍ وغيرهما، والمراد: أن ثوابهما يأتي كغمامتين.
والفِرْقان بكسر وإسكان الراء، وفي رواية: كأنهما "حِزقان" بكسر الحاء المهملة وإسكان الزاي، ومعناهما واحد، وهو قطيعان وجماعتان، يقال في الواحد: فرق وحزق.
1536 -
قال صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بالقرآن يوم القيامة، وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمه سورة البقرة وآل عمران، كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان، بينهما شرق، أو كأنهما فِرقان من طير صوافّ، تحاجان عن صاحبهما".
قلت: رواه مسلم في الصلاة والترمذي في فضائل القرآن كلاهما من حديث النواس بن سمعان، ولم يخرجه البخاري ولا أخرج عن النواس في كتابه شيئًا (3) وشرق: بفتح الراء وإسكانها أي ضياء ونور.
1537 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله عز وجل معك أعظم؟ " قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ " قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، قال: فضرب في صدري، فقال: لِيهْنِك العلم يا أبا المنذر".
(1) أخرجه مسلم (804).
(2)
المنهاج للنووي (6/ 130).
(3)
أخرجه مسلم (805)، والترمذي (2883)، وأخرج له البخاري في "الأدب المفرد" فقط.
قلت: رواه مسلم وأبو داود كلاهما في الصلاة من حديث أبي بن كعب (1) ولم يخرجه البخاري. (2)
وفيه حجة للقول بتفضيل بعض القرآن على بعض، ونقل القاضي عياض (3) في ذلك خلافًا، وفي تفضيل القرآن على سائر الكتب، قال فمنع منه أبو الحسن الأشعري وأبو بكر الباقلاني وجماعة من الفقهاء لأنَّ تفضيل بعضه على بعض يقتضي نقص المفضول، وليس في كلام الله نقص، وتأول هؤلاء ما ورد من إطلاق أفضل وأعظم في بعض الآيات والسور بمعنى عظيم، وفاضل، وأجاز ذلك إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين، قالوا: وهو راجع إلى عظيم أجر قارئ ذلك، وجزيل ثوابه، وهذا القول ظاهر، ومعنى هذه السورة أو الآية أعظم وأفضل أن ثوابها أكثر. إنما تميزت آية الكرسي بكونها أعظم لما جمعت من أصول الأسماء والصفات من الإلهية، والوحدانية، والحياة، والعلم، والملك، والقدرة، والإراد، وهذ السبعة أصول الأسماء والصفات والله أعلم.
1538 -
وكّلَني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني إني محتاج وعليّ عيال، ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا أبا هريرة! ما فعل أسيرك البارحة؟ "، قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالًا، فرحمته فخليت سبيله، فقال:"أما إنه سيعود" فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني، فإني محتاج، وعليّ عيال، لا أعود،
(1) أخرجه مسلم (810)، وأبو داود (1460).
(2)
وفي المطبوع من المصابيح في آخر هذا الحديث: "وفي رواية: ثمَّ قال: والذي نفس محمَّد بيده، إن لهذه الآية لسانًا وشفتين، تقدَّس الملك عند ساق العرش".
أخرجه البغوي في شرح السنة (4/ 459) رقم (1195) ولم أجده في نسخ كشف المناهج.
(3)
إكمال المعلم (3/ 177).
فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبا هريرة ما فعل أسيرك؟ ". قلت: يا رسول الله! شكا حاجة شديدة وعيالًا فرحمته فخليت سبيله، فقال:"أما إنه قد كذبك وسيعود" فرصدته، فجاء يحثو من الطعام فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا آخر ثلاث مرات، إنك تزعم أن لا تعود ثمَّ تعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ، حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما فعل أسيرك؟ " قلت: زعم أنَّه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، قال:"أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال؟. ذاك الشيطان".
قلت: رواه البخاري (1) في الوكالة في باب: إذا وكل رجلًا فترك الوكيل شيئًا فأجازه الموكل فهو جائز، وفي باب صفة إبليس وجنوده من كتاب بدء الخلق، قال الحميدي: ولم يصل البخاري سنده بهذا الحديث بل رواه تعليقًا انتهى. (2)
قال النوويّ (3): وما قاله الحميدي غير مسلم، فإن البخاري قال في البابين: وقال: عثمان بن الهيثم ثنا عوف عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة والمذهب الصحيح المختار عند العلماء المحققين، أن البخاري إذا قال: قال فلان وهو من شيوخه محمول على سماعه واتصاله، وكذلك غيره إذا لم يكن مدلسًا، وعثمان بن الهيثم من شيوخ البخاري الذين روى عنهم في صحيحه انتهى كلام النوويّ (4)، ورواه النسائيُّ في اليوم والليلة متصلًا ولم يخرجه مسلم.
(1) أخرجه البخاري في الوكالة (2311)، وفي باب بدء الخلق (3275).
(2)
الجمع بين الصحيحين (3/ 258).
(3)
انظر: الأذكار (136 - 137).
(4)
انظر: كلام الحافظ في الفتح (4/ 487)، وتغليق التعليق (2/ 295 - 296)، وراجع: الفتوحات الربانية (3/ 147)، ورواية النسائيُّ في اليوم والليلة برقم (958) و (959).
1539 -
بينما جبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع نقيضًا من فوقه، فرفع رأسه فقال:"هذا باب من السماء فتح، لم يفتح قط إلَّا اليوم، فنزل منه ملك إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم فقال: أبشِر بنُوْرَيْن أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته".
قلت: رواه مسلم والنسائيُّ كلاهما في الصلاة من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، ولم يخرجه البخاري ورواه الحاكم في المستدرك (1) وقال: على شرطهما، واستدراكه على البخاري صحيح، وأما استدراكه على مسلم فوهم لأنَّ مسلمًا أخرجه.
والنقيض بالنون والقاف والياء آخر الحروف والضاد المعجمة هو: الصوت من غير الفم أي سمع صوتًا كصوت الباب إذا فتح.
1540 -
لما أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى به إلى سدرة المنتهى، فأُعطي ثلاثًا: أعطي الصلوات الخمس، وخواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله مِنْ أمته شيئًا المقحمات.
قلت: رواه مسلم والنسائيُّ كلاهما في الصلاة والترمذي في التفسير من حديث ابن مسعود ولم يخرجه البخاري. (2) وسدرة المنتهى سيأتي الكلام عليها.
والمقحمات: بضم الميم وبالقاف والحاء المهملة: الذنوب العظام التي تقحم صاحبها في النار أي تلقيه فيها.
1541 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه".
(1) أخرجه مسلم (806)، والنسائيُّ (2/ 138)، والحاكم (1/ 558).
(2)
أخرجه مسلم (173)، والنسائيُّ (1/ 223)، والترمذي (3276).
قلت: رواه الجماعة: البخاري في المغازي، وفي فضائل القرآن، ومسلم وأبو داود وابن ماجه كلهم في الصلاة والترمذي والنسائيُّ كلاهما في فضائل القرآن كلهم من حديث أبي مسعود. (1)
قيل معنى: كفتاه أمر الشيطان في ليلته، وقيل: كفتاه عن قيام الليل، يعني قامت قراءتهما مقامه.
1542 -
قال صلى الله عليه وسلم: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من فتنة الدجال".
قلت: رواه مسلم في الصلاة وأبو داود في الملاحم والترمذي في فضائل القرآن وقال: الثلاث آيات من أول سورة الكهف، وقال: حسن صحيح، والنسائيُّ فيه، كلهم من حديث أبي الدرداء ولم يخرجه البخاري. (2)
وقد جاء في رواية: من آخر الكهف، قيل: سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات، فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال، وهذا في آخرها. (3)
1543 -
قال صلى الله عليه وسلم: "أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن".
قلت: رواه مسلم في الصلاة والنسائيُّ في اليوم والليلة من حديث أبي الدرداء ورواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري. (4) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة، فشقَّ ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ} ثلث القرآن".
(1) أخرجه البخاري في المغازي (4008)، وفي فضائل القرآن (5009)(5051)، ومسلم (807)، وأبو داود (1397)، وابن ماجه (1368)، والترمذي (2881)، والنسائيُّ في الكبرى (8003)(10555).
(2)
أخرجه مسلم (809)، وأبو داود (4323)، والترمذي (2886)، والنسائيُّ (10787).
(3)
انظر: الصحيحة (582).
(4)
أخرجه مسلم (811)، والنسائيُّ في اليوم والليلة (679)، والبخاري من رواية أبي سعيد (5015).
قوله صلى الله عليه وسلم: أيعجز هو بكسر الجيم من عجز بالفتح في الماضي أي ضعف، قال المازري: ومعنى أنها تعدل ثلث القرآن: أن الله تعالى جزء القرآن ثلاثة أجزاء قصص وأحكام، وصفات لله تعالى، وقل هو الله أحد، متخصصة للصفات.
1544 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ " فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أخبروه أن الله يحبه".
قلت: رواه البخاري في التوحيد ومسلم والنسائيُّ كلاهما في الصلاة من حديث عمرة عن عائشة رضي الله عنها. (1)
1545 -
أن رجلًا قال: يا رسول الله! إني أحب هذه السورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} قال: "إن حبك إياها يدخلك الجنة".
قلت: رواه البخاري في باب الجمع بين السورتين في ركعة بمعناه، ولم يصل به سنده، فقال: وقال عبيد الله يعني ابن عمر بن حفص عن ثابت عن أنس وذكر قصة، ورواه الترمذي في فضائل القرآن عن محمَّد بن إسماعيل البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس عن عبد العزيز بن محمَّد عن عبيد الله به، وقال: حسن غريب صحيح من حديث عبيد الله، ورواه الترمذي أيضًا عن أبي داود صاحب السنن عن أبي الوليد عن مبارك بن فضالة عن ثابت بلفظ المصنف والله أعلم. (2)
(1) أخرجه البخاري في التوحيد (7375)، ومسلم (813)، والنسائيُّ (2/ 170).
(2)
أخرجه البخاري بمعناه تعليقًا بصيغة الجزم (774)، وأخرجه الترمذي موصولًا عن البخاري (2901)، وكذلك روايته عن أبي داود، والبيهقيُّ في الكبرى (2/ 61) ونقل الحافظ في الفتح عن الترمذي (2/ 327) أنَّه قال: حسن صحيح غريب. وفي المطبوع من السنن والتحفة: حسن غريب، انظر سنن الترمذي (5/ 25)، والتحفة (1/ 146).