الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب البيوع
باب الكسب وطلب الحلال
من الصحاح
2022 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يديه، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يديه".
قلت: رواه البخاري من حديث المقدام بن معدي كرب، في باب كسب الرجل وعمل يده، في البيوع ولم يخرجه مسلم. (1)
2023 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ}. وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثمَّ ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟ ".
قلت: رواه مسلم في الزكاة والترمذي في التفسير من حديث أبي هريرة يرفعه. (2)
ويطيل السفر: جملة في محلّ نصب، صفة لرجل، وإن كان فيه الألف واللام فإن التعريف فيه غير مراد، كقوله: ولقد أمر على اللئيم يسبني.
وانتصب "أشعث أغبر"، على الحال، من فاعل يطيل، وكذا "يمد يديه إلى السماء".
2024 -
قال صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أَمِن الحلال أم من الحرام؟ ".
(1) أخرجه البخاري (2072).
(2)
أخرجه مسلم (1015)، والترمذي (2989).
قلت: رواه البخاري في باب قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} والدارميُّ هنا كلاهما من حديث أبي هريرة ولم يخرجه مسلم. (1)
2025 -
قال صلى الله عليه وسلم: "الحلال بيّن، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
قلت: رواه الجماعة كلهم هنا إلا ابن ماجه (2) فإنَّه ذكره في الفتن كلهم من حديث العمان بن بشير وذكره البخاري في الإيمان أيضًا.
قوله صلى الله عليه وسلم: الحلال بين والحرام بين إلى آخره، أراد صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى بيّن الحلال وكشف القناع عن الحرام بتمهيد القواعد الشرعية، بحيث يميز أكثر الناس بين مسلكيهما ويفصل بين مأخذيهما فلا يشتبه أحدهما بالآخر، لكن بينهما ما يختص التميز بين حله وحرمه بالعلماء لوقوعه بين أصل الحل والحرمة.
ومعنى استبرأ لدينه: أي احتاط لنفسه، وطلب البراءة لدينه، وصان عرضه عن أن يتهم بعدم المبالاة بالمعاصي.
والعرض: فسره في النهاية (3): بأنّه موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو سَلَفه، أو من يلزمه أمره، وقيل: هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحَسَبه، ويُحامي عنه أن ينقص.
(1) أخرجه البخاري (2059)، والدارمي (2539).
(2)
أخرجه البخاري (52)(2051)، ومسلم (1599)، وأبو داود (3329)، والترمذي (1205)، والنسائيُّ (7/ 242).
(3)
النهاية لابن الأثير (3/ 208 - 209).
قوله: ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، أي من هون على نفسه حتى وقع في الشبهات، وتعود ذلك وقع في الحرام، لأنَّ الشيطان يستدرج الإنسان، والمضغة: القطعة من اللحم قدر ما يمضغ، وسمي القلب بها لأنه قطعة لحم من الجسد.
2026 -
قال صلى الله عليه وسلم: "ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث".
قلت: رواه مسلم وأبو داود والترمذي في البيوع والنسائيُّ في الصيد من حديث رافع بن خديج يرفعه ولم يخرجه البخاري. (1)
قوله صلى الله عليه وسلم ثمن الكلب خبيث إلى آخره، الخبيث في الأصل: ما يكره لخسته ورداءته، ويستعمل للحرام من حيث أنه كرهه الشرع واستردأه، كما يستعمل الطيب للحلال، قال الله تعالى:{وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} ، أي الحرام بالحلال، والرديء من المال، قال الله تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} أي لا تقصدوا الرديء من المال، ولما ثبت أن الزنا محرم، وعلمنا أن الخبيث من مهر البغي هو الحرام، لأن مهرها هو ما تأخذه عوضًا عن الزنا، وبذل العوض في الزنا ذريعة إلى التوصل إليه، وما هو ذريعة إلى الحرام حرام، ولما لم يكن كسب الحجام حرامًا لأنه قد ثبت في الصحيح أنَّه صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجرة، كان المراد من الخبيث في قوله صلى الله عليه وسلم كسب الحجام خبيث المعنى الثاني، وأما خُبْث ثمن الكلب فالجمهور حملوه على المعنى الأوّل. (2)
2027 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن: ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن.
(1) أخرجه مسلم (1568)، وأبو داود (3421)، والترمذي (1275)، والنسائيُّ (7/ 190).
(2)
انظر خلاف العلماء في هذه المسائل في المنهاج للنووي (10/ 331 - 335).
قلت: رواه الجماعة هنا وأعاده الترمذي في النكاح والنسائيُّ في الصيد، ورواه البخاري في مواضع من حديث أبي مسعود الأنصاري واسمه عقبة ابن عمرو. (1)
والبغي: بفتح الموحدة وكسر الغين المعجمة هي الزانية، ومهرها هو ما تعطاه في مقابلة الزنا.
وحلوان الكاهن: هو ما يعطاه من الأجرة والرشوة على كهانته، قال في النهاية (2): والحلوان: مصدر كالغفران ونونه زائدة، وأصله من الحلاوة، قال في الغريبين (3): شبه بالشيء الحلو يقال: حلوت فلانًا إذا أطعمته الحلو، كما يقال عسلته: إذا أطعمته العسل.
والكاهن: هو الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار، وقد كان في العرب كهنة، فمنهم من يدعي أن له تابعًا من الجن وربنا يلقي إليه الأخبار، ومنهم من كان يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله وهذا يخصونه باسم العراف كالذي يدعي معرفة المسروق والضالة.
2028 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن آكل الربا، وموكله، والواشمة، والمستوشمة، والمصور.
(1) أخرجه البخاري (2237)(2086)، (2562)، ومسلم (1567)، وأبو داود (3428)(3481)، والترمذي (1276)(1133)(2071)، والنسائيُّ (7/ 309)(189)، وابن ماجه (2159).
(2)
النهاية (1/ 418).
(3)
الغريبين للهروي (2/ 131).
قلت: رواه البخاري منفردًا به في باب ثمن الكب من حديث أبي جحيفة ولم يخرجه غيره من أصحاب الكتب الستة (1)، لكن روى أبو داود منه "نهى عن ثمن الكلب" ولم يزد على ذلك.
تنبيه: قد وهم صاحب المنتقى (2) فعزاه لمسلم أيضًا وليس كذلك فلا يغتر به والله أعلم.
قوله آكل الربا: آخذه، وموكله: معطيه.
والواشمة: التي تغرز الجلد بالإبرة ثمَّ تجعل عليه الكحل أو النيل فيزرق أو يخضر.
والمستوشمة: هي التي يفعل بها ذلك، والمصور: الذي يصور الحيوان، دون من يصور صور الأشجار والنبات.
2029 -
أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: "إن الله تعالى ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"، فقيل: يا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة، فإنَّه يطلى بها السفن، فيدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال:"لا، هو حرام" ثمَّ قال -عند ذلك-: "قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها، جملوه ثمَّ باعوه، فأكلوا ثمنه".
قلت: رواه الجماعة (3) هنا، وأعاده البخاري في مواضع من حديث جابر بن عبد الله.
وقاتل الله اليهود: أي قتلهم، وقيل: لعنهم، والمحرم من الشحوم عليهم: شحم الكلى والكرش والأمعاء، وأما شحم الظهر والإلية فلا، قال الله تعالى:{إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} . الآية.
(1) أخرجه البخاري (2086)(5962)، وأبو داود (3483).
(2)
المنتقى في الأخبار لمجد ابن تيمية.
(3)
أخرجه البخاري (2236)(4296)(4633)، ومسلم (1581)، وأبو داود (3486)، والنسائيُّ (7/ 177)(309 - 310)، وابن ماجه (2167)، والترمذي (1297).
وجملوه: يقال جملت الشحم وأجملته إذا أذبته، واستخرجت دهنه، وجملت أفصح من أجملت.
2030 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها".
قلت: رواه الشيخان هنا والنسائيُّ في الذبائح وابن ماجه في الأشربة كلهم من حديث عمر بن الخطّاب رضي الله عنه. (1)
2031 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور.
قلت: رواه مسلم هنا من حديث أبي الزبير عن جابر (2)، ولم يذكر البخاري "السنور" ولا خرج عن جابر في هذا شيئًا، وذهب جمهور العلماء إلى جواز بيع السنور المنتفع به، وتأولوا الحديث على ما لا ينتفع به أو على أنَّه نهي تنزي.
وأما ما ذكره الخطابي وابن عبد البر من أن الحديث في النهي عنه ضعيف، فليس كما قالا بل الحديث صحيح رواه مسلم وغيره، وقول ابن عبد البر لم يروه عن أبي الزبير غير حماد بن سلمة غلط منه أيضًا، لأنَّ مسلمًا رواه في صحيحه من حديث معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير، فهذان ثقتان روياه عن أبي الزبير وهو ثقة أيضًا. (3)
2032 -
قال: حجم أبو طيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه".
(1) أخرجه البخاري (2223)، ومسلم (1582)، والنسائيُّ (7/ 177)، وابن ماجه (3383).
(2)
أخرجه مسلم (1569).
(3)
هذا كلام النوويّ في المنهاج (10/ 335)، وانظر معالم السنن للخطابي (3/ 111)، والتمهيد لابن عبد البر (8/ 402 - 403).