الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأكله الصدقة". (ضعيف).
قلت: رواه الترمذي هنا (1) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال أبو عيسى: وإنما روي هذا الحديث من هذا الوجه، وفي إسناده مقال: لأن المثنى بن الصباح يضعّف في الحديث، وهو أحد رواته انتهى، قال الذهبي: قال أبو حاتم وغيره: لين الحديث.
باب ما تجب فيه الزكاة
من الصحاح
1274 -
قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس فيما دون خمس أواق من الوَرِق صدقة، وليس فيما دون خمس ذَوْد من الإبل صدقة".
قلت: رواه الجماعة في الزكاة من حديث أبي سعيد الخدري يرفعه. (2)
قال النووي في شرح مسلم (3): الأوسق جمع وسق وفيه لغتان: فتح الواو وكسرها، وأصله في اللغة الحمل، والمراد بالوسق: ستون صاعًا، كل صاع خمسة أرطال وثلث بالبغداي، وفي رطل بغداد أقوال أظهرها: مائة درهم وثمانية وعشرون درهمًا، وأربعة أسباع درهم، وقيل: بلا أسباع، وقيل: وثلاثون، فالأوسق الخمسة: ألف وستمائة رطل بالبغدادي، والأصح عند أصحابنا أن هذا التقدير بالأرطال تقريب لا تحديد، فإذا نقص عن ذلك يسيرًا وجبت الزكاة.
(1) أخرجه الترمذي (641) وهو كما قال: في إسناده مقال، والمثنى بن الصبّاح قال الحافظ: أبو يحيى، نزيل مكة ضعيف اختلط بآخره وكان عابدًا، التقريب (6513).
(2)
أخرجه البخاري (1459)، ومسلم (979)، وأبو داود (1558)، والترمذي (1123) ، والنسائي (5/ 17)، وابن ماجه (1793).
(3)
المنهاج (7/ 271 - 273).
وفي الحديث في دليل على أنه يجب الزكاة في هذه المحدودات، وأنه لا زكاة فيما دون ذلك، وخالف في ذلك جماعة من العلماء فقالوا: تجب الزكاة في قليله وكثيره.
والأواقي: جمع أوقية، بضم الهمزة وتشديد الياء والجمع تشديد الياء وتخفيفها وحذفها، والأوقية الشرعية: أربعون درهمًا، وهي أوقية الحجاز، قال عياض (1): ولا يصح أن تكون الأوقية والدراهم مجهولة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يوجب الزكاة في أعداد منها، وتقع بها البياعات والأنكحة، قال: وهذا يبين أن قول من زعم أن الدراهم لم تكون معلومة إلى زمان عبد الملك بن مروان، وأنه جمعها برأي العلماء، وجعل كل عشرة وزن سبعة مثاقيل، ووزن الدرهم ستة دوانيق، قول باطل، وإنما معناه: أنه لم يكن منها شيء من ضرب الإسلام، وعلى صفة لا تختلف، بل كانت مجموعات من ضرب فارس والروم، وكبارًا وصغارًا، غير منقوشة، فرأوا صرفها إلى ضرب الإسلام، ونقشه، وتصييرها وزنًا واحدًا، فجمعوا أكبرها وأصغرها، وضربوه على هذا الوزن.
قوله صلى الله عليه وسلم ولا فيما دون خمس ذود قال النووي (2): الرواية المشهورة "خمس ذود" بإضافة خمس إلى ذود، وروى بتنوين خمس، ويكون ذود بدلًا منه، حكاه ابن عبد البر وقال: والمعروف عن الجمهور الأول، قال أهل اللغة: والذود من الثلاثة إلى العشرة، لا واحد له من لفظه، وهو مؤنث.
1275 -
"ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه".
قلت: رواه الجماعة هنا من حديث أبي هريرة يرفعه. (3)
1276 -
"ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر".
قلت: رواه مسلم هنا من حديث أبي هريرة وخرجه البخاري ولم يقل إلا صدقة
(1) إكمال المعلم (3/ 460 - 462).
(2)
المنهاج (7/ 70 - 72).
(3)
أخرجه البخاري (1464)، ومسلم (982)، وأبو داود (1595)، والترمذي = = (628) ، والنسائي (5/ 35)، وابن ماجه (1812).
الفطر. (1)
1277 -
أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسولَه صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على وجهها، فليعطها، ومن سئل فوقها، فلا يعط: في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم، في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين، ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستة وثلاثين إلى خمس وأربعين، ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستًّا وأربعين إلى ستين، ففيها حقة، طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين، ففيها جذعة، فإذا بلغت ستًّا وسبعين إلى تسعين، ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة، ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمسًا ففيها شاة ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة وعنده حقة، فإنها تقبل منه الحقة، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة، وعنده الجذعة، فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة الحقة، وليست عنده إلا بنت لبون، فإنها تقبل منه بنت لبون، ويعطي شاتين أو عشرين درهمًا، ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت لبون، وليست عنده، وعنده بنت مخاض فإنها تقبل منه بنت مخاض، ويعطي معها عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده، وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه، ويُعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها، وعنده
(1) أخرجه مسلم (982).
ابن لبون فإنه يقبل منه، وليس معه شيء. وفي صدقة الغنم: في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث فإذا زادت على ثلاث مائة ففي كل مائةٍ شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا تخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس، إلا ما شاء المصدق، ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، وفي الرقة ربع العشر، فإن لم يكن إلا تسعين ومائة، فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها".
قلت: كتاب أبي بكر هذا رواه البخاري وَقطَّعه في عشرة مواضع، ورواه أحمد والنسائي وأبو داود والدارقطني (1) والشيخ قدم بعض ألفاظه وأخر بعضًا لأن البخاري قطعه ولم يخرج مسلم شيئًا مما في هذا الكتاب.
ومعنى فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوجبها عليهم بأمر الله تعالى، وأصل الفرض: القطع، وقيل: الفرض هنا بمعنى التقدير.
قوله: ومن سئل فوق حقها فلا يعط، قيل: أراد فلا يعطى الزيادة، وقيل: لا يعطى شيئًا، لأن الساعي إذا طلب فوق الواجب، كان خائنًا وسقطت طاعته.
قوله: من الغنم، خبر لمبتدأ محذوف تقديره: الواجب في أربع وعشرين من الإبل فما دونها مستقر من الغنم في كل خمس شاة.
وبنت المخاض: هي التي لها سنة ودخلت في الثانية، سميت بذلك لأن أمها حامل، والمخاض: الحوامل من النوق لا واحد لها من لفظها، ويقال لواحدتها خلفة وإنما
(1) أخرجه البخاري في الزكاة في ستة مواضع (1448)، (1450)، (1453)، (1454)(1455)، وفي الخمس (3106)، وفي الشركة (2487)، وفي اللباس (5878)، وفي ترك الحيل (6655) مطولًا ومقطعًا، وأبو داود (1567)، والنسائي (5/ 18)(5/ 27)، وابن ماجه (1800)، وأحمد (1/ 11)، والدارقطني (2/ 114) ، والحاكم (1/ 390)، والبيهقي (4/ 86).
أضيفت إلى المخاض، والواحدة لا تكون بنت نوق، لأن أمها تكون في نوق حوامل، ووصفها بالأنثى تأكيدًا. وبنت اللبون: هي التي لها سنتان ودخلت في الثالثة، سميت بذلك لأن أمها ذات لبن.
والحقة: بكسر الحاء المهملة، وهي التي لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، وسميت بذلك لأنها استحقت أن تركب، وأن يطرقها الفحل، والجذعة من الإبل: هي التي لها أربع سنين، ودخلت في الخامسة، سميت بذلك لأنها تجذع سنها أي تسقط، وقيل: لأن أسنانها لا تسقط.
والغنم: قال الجوهري (1): اسم مؤنث موضوع للجنس، يقع على الذكر والأنثى وعليهما جميعًا، فإذا صغّرتها ألحقتها الهاء، فقلت: غنيمة لأن اسم الجموع الذي لا واحد لها من لفظها، إذا كانت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم، يقال: له خمس من الغنم ذكور، فيؤنث العدد، وإن عنيت الكباش، إذا كان يليه من الغنم، لأن العدد يجرى في تأنيثه وتذكيره على اللفظ لا على المعنى، والإبل كالغنم في جميع ما ذكرنا.
والسائمة: الراعية، والعَوَار: بالفتح العيب، وقد يضم، قاله في النهاية (2): قوله ولا تيس الغنم: أراد فحل الغنم، ومعناه إذا كانت ماشيته كلها أو بعضها إناثًا لا يؤخذ منه الذكور إلا في موضعين أحدهما: أخذ ابن اللبون في خمس وعشرين من الإبل إذا لم يكن عنده بنت مخاض، فأما إذا كانت ماشيته كلها ذكورًا أخذ الذكر، قوله: إلا ما شاء المصدّق، قال في المشارق (3): يريد -والله أعلم- أخذها أي ما شاء أخذه من هذه المعيبة إذا رأى ذلك نظرًا للمساكين، لسمنها وكبر جسمها، وكذا قاله في شرح السنة. (4)
(1) الصحاح للجوهري (5/ 1999).
(2)
النهاية لابن الأثير (3/ 318).
(3)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض (2/ 41).
(4)
شرح السنة للبغوي (6/ 14).
قوله ولا يجمع بين متفرق ولا يفرّق بين مجتمع خشية الصدقة، قال البغوي (1): فيه دليل على أن الخلطة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة، وهي تارة تؤثر في تقليل الزكاة، وتارة تؤثر في تكثيرها، وهذا نهي من صاحب الشرع للساعي ورب المال جميعًا، نهى رب المال عن الجمع والتفريق، قصدًا إلى تقليل الصدقة ونهى الساعي عنهما قصدًا إلى تكثيرها.
والرقة: بكسر الراء المهملة وفتح القاف وهي الفضة مسكوكة وغير مسكوكة.
1278 -
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًّا العُشْر، وما سقي بالنضح نصفُ العُشْر".
قلت: رواه الجماعة إلا مسلمًا، لكن في لفظ النسائي وأبي داود وابن ماجه "بعلًا" بدل "عثريًّا" كلهم هنا من حديث ابن عمر.
تنبيه: من العجب أن الشيخ محب الدين الطبري ذكر هذا الحديث في الأحكام، وعزاه لأبي حاتم خاصةً، وهو ثابت في البخاري وغيره، وإنما نبهت عليه لئلًا يغتر به من ينظر فيه. (2)
والعَثَريّ: بعين مهملة، ثم ثاء مثلثة مفتوحتين ثم راء مهملة مكسورة ثم ياء مشددة، وروي بسكون المثلثة، والأول أعرف، قال الجوهري (3): هذا العِذْيُ، وهو الزرع الذي لا يسقيه إلا ماء المطر، قال ابن الصلاح: والأصح ما قاله الأزهري (4) وغيره بأنه مخصوص بماء سقي من ماء السيل فيجعل عاثورا وهو شبه ساقية تحفر له يجري فيها الماء إلى أصوله، وسمي عاثورا لأنه يعثر بها المار الذي لا يشعر بها.
(1) المصدر السابق.
(2)
أخرجه البخاري (1483)، وأبو داود (1596)، والنسائي (5/ 41)، والترمذي (640)، وابن ماجه (1817).
(3)
الصحاح للجوهري (2/ 737).
(4)
تهذيب اللغة للأزهري (2/ 324).