الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الحادي عشر: أهل الأعذار المبيحة للفطر في نهار رمضان
أهل الأعذار في رمضان أنواع على النحو الآتي:
النوع الأول: المريض
، والحديث عنه على النحو الآتي:
أولاً: مفهوم المرض:
السُّقم، نقيض الصحة، ويقال: المرضُ والسُّقم في البدن والدِّين جميعاً، كما يُقال: الصحة في البدن والدين جميعاً، والمرض في القلب يطلق على كل ما خرج به الإنسان عن الصحة في الدين، وأصل المرض: النقصان، يقال: بدن مريض: ناقص القوة، ويقال: قلب مريض: ناقص الدين، والمرض: فتورٌ عن الحق، وفي الأبدان: فتور الأعضاء (1).
والمرض: جمع أمراض: وهو فساد المزاج وسوء الصحة بعد اعتدالها، ومرض الموت: العلة التي يقرر الأطباء أنها علة مميتة (2).
وعلى هذا فالمريض: هو الذي اعتلت صحته، سواء كانت في جزء من بدنه أو في جميع بدنه (3).
ثانياً: يجب على المريض الصبر
، ويحتسب الأجر على ما يصيبه، قال الله
(1) انظر: لسان العرب، لابن منظور، باب الضاد، فصل الميم، 7/ 231 - 232، والقاموس المحيط للفيروز آبادي، باب الصاد، فصل الميم، ص843، والمعجم الوسيط، 2/ 863، ومختار الصحاح، مادة ((مرض))، ص259.
(2)
انظر: معجم لغة الفقهاء لمحمد روَّاس، ص391.
(3)
انظر: الشرح الممتع، لابن عثيمين، 4/ 459.
تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب} (1)، وقال عز وجل:
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ
أَخْبَارَكُم} (2)، وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَاّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِير * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَالله لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ
فَخُور} (3)، وقال عز وجل:{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَاّ بِإِذْنِ الله وَمَن يُؤْمِن بِالله يَهْدِ قَلْبَهُ} (4)، وقال الله عز وجل:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعون * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون} (5)، وقال عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِين} (6).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((
…
والصبر ضياء)) (7)، وعن صهيب رضي الله عنه،قال: قال
(1) سورة الزمر، الآية:10.
(2)
سورة محمد، الآية:31.
(3)
سورة الحديد، الآية: 22 - 23.
(4)
سورة التغابن الآية: 11.
(5)
سورة البقرة، الآيات: 155،156،157.
(6)
سورة البقرة، الآية:153.
(7)
مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، برقم 223، من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاءُ شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاءُ صبر فكان خيراً له)) (1).
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((ما يصيب المسلم من نصبٍ (2)، ولا وصبٍ (3)، ولا همٍّ، ولا حزنٍ، ولا أذىً، ولا غمٍّ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه)) (4).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يصيبه أذىً: من مرضٍ فما سواه إلا حَطَّ الله سيئاته كما تحطُّ الشجرة
ورقها)) (5).
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يُشاك شوكة فما فوقها إلا كُتب له بها درجة، ومُحيت عنه بها خطيئة)) (6).
(1) مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب المؤمن أمره كله خير، برقم 2999.
(2)
النصب: التعب.
(3)
الوصب: المرض.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض، برقم 5641، 5642، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، برقم 2573.
(5)
متفق عليه: البخاري، كتاب المرضى، باب شدة المرض، برقم 5647، 5648، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، برقم 2571.
(6)
مسلم، كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، برقم 2571.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يُصِبْ (1) منه)) (2).
وعن أنس رضي الله عنه يرفعه: ((إن عِظَمَ الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السُّخْط)) (3).
وعن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشدُّ بلاءً؟ قال:((الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتدَّ بلاؤُه، وإن كان في دينه رقةٌ ابتُلي على حسب دينه، فما يبرح البلاءُ بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة)) (4).
والمسلم يسأل الله العفو والعافية ولا يسأله البلاء، فإذا حصل له شيء صبر واحتسب؛ لحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على المنبر:
(1) يصب منه: معناه يبتليه بالمصائب؛ ليثيبه عليها، وقيل: يوجه إليه البلاء فيصيبه، [فتح الباري لابن حجر، 10/ 108]، وسمعت شيخنا ابن باز يقول أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 5645:((أي يصيبه بالمصائب بأنواعها، حتى يتذكر فيتوب، ويرجع إلى ربه)).
(2)
البخاري، كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرضى، برقم 5645.
(3)
الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء، برقم 2396، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء، برقم 4031،وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 564، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 146، وفي صحيح ابن ماجه، 3/ 320.
(4)
الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء، برقم 2398، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء، برقم 4023، وقال الألباني في صحيح الترمذي، 2/ 565، وفي صحيح ابن ماجه، 3/ 318، وفي الصحيحة برقم 143، 2280:((حسن صحيح)).