الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْر} (1)، ومعناه يظهر للملائكة ما سيكون فيها، ويأمرهم بفعل ما هو من وظيفتهم، وكل ذلك مما سبق علم الله به، وتقديره له (2)، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عن هذا المعنى الثاني: وهو أن الله يقدر في ليلة القدر أحكام تلك السنة: ((ورواه عبد الرزاق وغيره من المفسرين بأسانيد صحيحة، عن مجاهد وعكرمة، وقتادة، وغيرهم، وقال التوربشتي: إنما جاء القدر بسكون الدال، وإن كان الشائع في القدر الذي هو مؤاخي القضاء فتح الدال، ليعلم أنه لم يرد به ذلك، وإنما أريد به تفصيل ما جرى به القضاء، وإظهاره وتحديده في تلك السنة؛ لتحصيل ما يُلقى إليهم فيها مقداراً بمقدار)) (3).
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((
…
ليلة القدر: هي ليلة شريفة، مباركة، معظَّمة، مفضَّلة
…
))، ثم قال: ((
…
وقيل: إنما سميت ليلة القدر؛ لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة: من خير، ومصيبة، ورزق، وبركة)) (4).
ليلة القدر اصطلاحاً:
قيل: ليلة من ليالي العشر الأخيرة من رمضان تنزل فيها مقادير الخلائق إلى سماء الدنيا، ويستجيب الله فيها الدعاء،
(1) سورة القدر، الآية:4.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 8/ 306.
(3)
فتح الباري، 4/ 255.
(4)
المغني، 4/ 477 - 448.
وهي الليلة التي نزل فيها القرآن العظيم (1).
وقيل: ليلة القدر: هي التي تقدر فيها الأرزاق وتُقضى (2).
وقيل: ليلة القدر: الليلة التي أُنزل فيها القرآن الكريم من شهر رمضان (3)؛ لقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر} (4).
والتعريف المختار: أن يقال: [ليلة القدر ليلة مباركة من ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، أنزل الله فيها القرآن العظيم، فيها يفصل ما يكون في السنة من المقادير (5) العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها
(1) معجم لغة الفقهاء، لمحمد روّاس، ص326.
(2)
لسان العرب لابن منظور، 5/ 74.
(3)
القاموس الفقهي: لغة واصطلاحاً، لسعدي أبو جيب، ص295.
(4)
سورة القدر، الآية:1.
(5)
الإيمان بالمقادير يدخل فيه خمسة تقادير: الأول: التقدير الشامل لجميع المخلوقات، بمعنى أن الله علمها، وكتبها، وشاءها، وخلقها.
التقدير الثاني: كتابة الميثاق حين قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين} [سورة الأعراف، الآية: 172].
التقدير الثالث: التقدير العُمري: تقدير رزق العبد، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد وهو في بطن أمه عند نفخ الروح كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. [مسلم 4/ 2036].
التقدير الرابع: التقدير السنوي في ليلة القدر، كما قال تعالى:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم} [الدخان الآية: 4]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة: من الخير، والشر، والأرزاق.
التقدير الخامس: التقدير اليومي: كما قال الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْن} [سورة الرحمن، الآية: 29]، فالله تعالى: كل يوم يغفر ذنباً، ويفرج كرباً، ويرفع قوماً ويضع آخرين، وهذا التقدير الخامس: وهو سوق المقادير إلى المواقيت التي قدرت لها فيما سبق، وهذا التقدير الخامس اليومي تفصيل من التقدير الحولي في ليلة القدر، والحولي تفصيل من التقدير العمري عند نفخ الروح في الجنين في بطن أمه، والعمري تفصيل من التقدير العمري الأول يوم الميثاق، والتقدير العمري يوم الميثاق تفصيل من التقدير الذي خطّه القلم في الإمام المبين. [انظر: معارج القبول لحافظ الحكمي، 2/ 345 - 347].