الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصدق ومكارم الأخلاق، ويزينه ولا يشينه (1).
الأدب الثامن عشر: مدة ختم القرآن
ختم القرآن نعمة عظيمة كُبرى لمن ابتغى بذلك وجه الله تعالى؛ لأن قراءة الحرف الواحد بحسنة والحسنة بعشر أمثالها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) (2).
وقد عدَّ بعض العلماء حروف القرآن الموجودة في المصحف في القراءة الموجودة، فبلغ عدد حروفه:((ثلاثمائة ألف حرف وأحد عشر ألف ومئتان وخمسون حرفاً وحرف (311251))) (3)، فإذا كان على كل حرف واحد حسنة والحسنة بعشر أمثالها فكم يكون لتالي القرآن من الحسنات؟ وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه:((أيكم يحبُّ أن يغدوَ كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحمٍ؟))، فقال أصحابه: يا رسول الله نحب ذلك!، قال: ((أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن
(1) انظر: التذكار في أفضل الأذكار، للقرطبي، 84 - 85.
(2)
الترمذي، برقم: 2910، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/ 321، وتقدم تخريجه في فضل تلاوة القرآن الكريم.
(3)
التذكار في أفضل الأذكار، للإمام محمد بن أحمد بن فرح القرطبي الأندلسي، ص23.
أعدادهن من الإبل)) (1).
وقد ذُكر الاتفاق بين أهل العلم على أن القرآن الموجود بيننا يزيد على ستة آلاف آية ومئتي آية (2).
وقد ذكر بعض علماء أهل الإسلام عدد آيات القرآن الكريم في المصحف الموجود المقروء بالألسنة: أنها ستة آلاف آية ومئتي آية وآية (3)
(6201)
، فإذا كانت القراءة لكل آية خير من ناقة عظيمة، فكم يكون لتالي القرآن كله من الأجر العظيم؟ ولا شك أن الإبل هي حمْر النعم، التي هي أغلى الأموال عند العرب وقد ثبت عندي أن هناك من الجمال ما يسام باثني عشر مليون [أي اثنا عشر ألف ألف] وبلغني أن هناك أيضاً من الإبل ما سيم بسبعة عشر مليون [أي سبعة عشر ألف ألف] وقراءة آية واحدة خير من واحدة من هذه الإبل العظيمة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة تبين أكثر وقتٍ يُختم فيه القرآن، وأقل وقت يُختم فيه كذلك، فحدد النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عندما سأله في كم يختم القرآن؛ وكان كل ما حدَّدَ له وقتاً وزمناً قال: يا رسول الله إني أقوى من ذلك، وفي بعض الألفاظ: إني أطيق أكثر من
(1) مسلم، برقم: 803، وتقدم تخريجه في فضل تعلم القرآن وتعليمه.
(2)
استخراج الجدال من القرآن الكريم، لابن نجم، ص100، وفتح الباري لابن حجر، 6/ 582، ومناهل العرفان للزرقاني، 1/ 336، و1/ 231، 232.
(3)
التذكار بأفضل الأذكار، ص23.
ذلك، ففي صحيح البخاري ومسلم أنه قال له:((اقرأ القرآن في كل شهر))، قال: إني أطيق أكثر من ذلك، فما زال يراجع النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال له:((في ثلاث))، وفي بعض الألفاظ:((اقرأه في سبع ولا تزد على ذلك))، هذا من ألفاظ البخاري، وفي لفظ لمسلم:((اقرأ القرآن في كل شهر))، ثم راجعه فقال:((فاقرأه في عشر))،قال: يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك، قال: ((فاقرأه في كل سبع ولا تزد على ذلك
…
))، قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه:((بعد ذلك فليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذاك أني كبرت سني، فكان يقرأ على بعض أهله السُّبع من القرآن بالنهار، والذي قرأه يعرضه بالنهار ليكون أخف عليه بالليل)) (1).
وثبت في سنن أبي داود أن عبد الله بن عمرو سأل النبي صلى الله عليه وسلم: في كم يقرأ القرآن؟ قال: ((في أربعين يوماً))، ثم قال:((في شهر))، ثم قال:((عشرين))، ثم قال:((في خمس عشرة))، ثم قال:((في عشرٍ))، ثم قال:((في سبع)) (2)، وفي لفظٍ لأبي داود: إني أقوى من ذلك؟ قال: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث))، وفي لفظ لأبي داود أيضاً:((إقرأه في ثلاث)) (3).
(1) متفق على هذه الألفاظ: البخاري، برقم: 1131، في ثمانية عشر موضعاً منها: رقم 197، 1975، 1976، 1977، 1978، 1980، 5052 - 5054، 6134، ومسلم، برقم
81 -
(1159) - 83 - (1159) ورقم 86 - (1159)، وتقدم تخريجها في صيام التطوع.
(2)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب تحزيب القرآن، برقم 1395، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 386.
(3)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب في كم يقرأ القرآن، برقم 1390، ورقم 1391، وصححهما الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 385.
فهذه الروايات تدل المسلم على أنه لا ينبغي له أن يترك ختم القرآن أكثر من أربعين يوماً، وفي ألفاظ البخاري ومسلم:((شهر))، ولا يختم في أقل من ثلاث))، هذا هو الأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث))، وكونه يختم في كل أسبوع ختمة خيرٌ كثير وثوابٌ عظيم مع التدبر لما يقرأ وهذا هو أغلب فعل الصحابة رضي الله عنهم، فإن قوي، وازدادت رغبته ختم في كل ثلاثة أيام (1)، والله تعالى المعين منزل الرغبة للخير في قلوب من يشاء من عباده، وقد قال الله تعالى:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا} (2)،وقال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (3)(4).
(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب في كم يقرأ القرآن، برقم 1390، ورقم 1391، وصححهما الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 385.
(2)
سورة الأحزاب، الآية:21.
(3)
سورة الحشر، الآية:7.
(4)
وقد ذكر الإمام النووي رحمه الله وغيره من الأئمة أن عادة السلف في ختم القرآن على النحو الآتي:
1 -
كان بعضهم يختم في كل شهرين ختمة.
2 -
والبعض في كل شهر ختمة.
3 -
والبعض في عشر ليال ختمة.
4 -
وعن بعضهم في كل ثمان.
5 -
وعن الأكثرين في كل سبع ليالٍ.
6 -
وبعضهم في كل ستة.
7 -
وعن بعضهم في كل خمس.
8 -
وعن بعضهم في كل أربع.
9 -
وعن بعضهم في كل ثلاث ليال ختمة.
10 -
وعن بعضهم في كل ليلتين.
11 -
وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة.
12 -
ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين.
13 -
ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ثلاثاً.
وختم بعضهم ثمانِ ختمات أربعاً بالليل وأربعاً بالنهار، ثم ذكر رحمه الله أمثلة من أسماء من يفعل ذلك من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم في كل نوع من هذه الأنواع. [التبيان في آداب حملة القرآن، للنووي ص46 - 50]. قلت والأفضل أن لا يختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام كم تقدم.