الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه أكثر أهل العلم (1)، فينبغي الالتزام بذلك)) (2)، والله أعلم (3).
رابعاً: يفطر المسافر إذا فارق عامر بيوت قريته، أو مدينته
، أو خيام قومه وجعلها وراء ظهره، إذا كان سفره تقصر في مثله الصلاة، قال ابن قدامة رحمه الله في الرد على من قال يفطر إذا عزم على السفر ولبس ثياب
(1) أما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فاختار: أنه لا حد للسفر بالمسافة بل كل ما يُعدُّ سفراً في العرف، ويتزود له الإنسان ويبرز للصحراء؛ لأنه يحتاج إلى حمل الزاد والمزاد، فهو سفر، ورجح هذا جمع من أهل العلم، منهم العلامة ابن عثيمين، واختاره ابن قدامة في المغني، وقال شيخنا ابن باز: ((الأولى في هذا أن ما يُعدُّ سفراً تلحقه أحكام السفر
…
))، ولكنه يرجح قول الجمهور احتياطاً للعبادة. [انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، 24/ 11 - 135، ومجموع فتاوى ابن عثيمين، 15/ 252 - 451، والاختيارات للسعدي، ص65، ومجموع فتاوى ابن باز، 12/ 567].
(2)
مجموع فتاوى ابن باز، 12/ 567، وانظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 10/ 203.
(3)
وقد نقلت كلام أهل العلم في هذه المسألة في كتاب صلاة المؤمن، 1/ 674 - 683 في المتن والحواشي، فليراجعه من شاء.
السفر: ((ولنا قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (1)، وهذا شاهد، ولا يوصف بكونه مسافراً حتى يخرج من البلد، ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين، ولذلك لا يقصر الصلاة)) (2)، والله تعالى أعلم (3).
(1) سورة البقرة، الآية:185.
(2)
الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 7/ 380 وانظر: صلاة المؤمن للمؤلف، 1/ 682 - 683.
(3)
واحتج من قال بجواز إفطار المسافر إذا عزم على السفر ولبس ثياب السفر بما يلي:
أولًا: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، فعن محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفراً، وقد رُحلت له راحلته ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل، فقلت له: سنة؟ قال: سنة ثم ركب)). [الترمذي، برقم 799، كتاب الصوم، باب من أكل ثم خرج يريد سفرا، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/ 419]. قال الترمذي: ((وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، وقالوا: للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج، وليس له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من جدار المدينة أو القرية، وهو قول إسحاق بن إبراهيم الحنظلي)).
وقال ابن قدامة في الشرح الكبير، 7/ 380:((ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين؛ ولذلك لا يقصر الصلاة، فأما أنس فيحتمل أنه كان برز من البلد خارجاً منه، فأتاه محمد بن كعب في ذلك المنزل)).
ثانياً: عن عبيد بن جبر قال: كنت مع أبي بصرة الغفاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في سفينة من الفسطاط في رمضان فَرُفِعَ ثم قرب غداه، فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة، قال: اقترب، قلت: ألست ترى البيوت؟ قال: أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأكل)). [أبو دا دود، كتاب الصوم، باب متى يفطر المسافر إذا خرج، برقم 2412، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 72.
والفُِسطاط: المدينة التي فيها مجمع الناس، ويقال: لمصر والبصرة: الفسطاط، وقيل: هو اسم علم لمصر العتيقة التي بناها عمرو بن العاص، والجار والمجرور صفة سفينة: أي خرجت السفينة من الفسطاط، وفي رواية لأحمد: قال: ركبت مع أبي بصرة من الفسطاط إلى الإسكندرية في سفينة .. قوله: ((فرُفِع)) أي رفع أبو بصرة ومن كان معه على السفينة، وفي رواية لأحمد ((فدفع))، وفي رواية: ((فلما دفعنا من مرسانا أمر بسفرته فقربت. [عون المعبود شرح سنن أبي داود، 7/ 55].
قال الإمام ابن القيم في تهذيب السنن المطبوع مع عون المعبود، 7/ 53: ((وفيه حجة لمن جوّز للمسافر الفطر في يومٍ سافر في أثنائه، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وقول عمرو بن شرحبيل والشعبي، وإسحاق، وحكاه أنس، وهو قول داود وابن المنذر، وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة لا يفطر
…
)).
وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله أثناء أثناء تقريره على منتقى الأخبار، الحديث رقم 2183، ورقم 2184 يقول:((قد احتج جماعة من أهل العلم بهذين الحديثين بجواز الفطر إذا صمم على السفر ولم يخرج وهكذا إذا ارتحل ولم يخرج من البيوت، والحجة قائمة أما الصلاة فإنه ما كان يصلي إلا إذا خرج من البلد وغادرها؛ ولهذا صلى بالناس في المدينة أربعاً الظهر، وصل العصر في ذي الحليفة ركعتين فلم يقصر قبل الخروج صلاة الظهر وإنما أتمها، وأما الفطر فلابأس أن يفطر قبل الخروج من البلد إذا صمم على السفر، ولكن إذا ترك ذلك حتى يغادر البلد احتياطاً وخروجاً من الخلاف فحسن)).
وقال العلامة ابن عثيمين: ((هل يشترط أن يفارق قريته؟ أو إذا عزم على السفر وارتحل فله أن يفطر؟ الجواب في هذا قولان .. عن السلف، والصحيح أنه لا يفطر حتى يفارق القرية؛ لأنه لم يكن الآن على سفر، ولكنه ناوٍ للسفر؛ ولذلك لا يجوز أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد، فكذلك لا يجوز له أن يفطر حتى يخرج من البلد)). الشرح الممتع، 6/ 359.