الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: الصيام المكروه أنواع:
النوع الأول: صوم الدهر مكروه؛ للأحاديث الآتية:
1 -
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وفيه قال: قَالَ لي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّكَ تَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟)). قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: ((إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ (1)، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ (2)، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ)). قَالَ فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: ((فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى))،وفي لفظٍ:((ألم أُخْبَرْ أنّك تصومُ النهارَ وتقومُ اللّيلَ؟))، فقلت: بلى يارسول الله، قال:((فلا تفعلْ))، وفيه:((صُمْ صِيامَ نبيِّ الله داود عليه السلام ولا تزد عليه))،وفي لفظٍ:((لا صام من صام الأبد)) مرتين (3).
2 -
حديث أبي قتادة رضي الله عنه، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن صيام الدهر؛ فقال: ((لا صام ولا أفطر))، أو:((ما صام وما أفطر))، وفي لفظ:((لم يصم، ولم يفطر)) (4).
(1) هجمت له العين: هجوم العين غورها، ودخولها في مكانها من الضعف. [جامع الأصول،6/ 334].
(2)
نفهت له النفس: أعيت وسئمت. جامع الأصول لابن الأثير، 6/ 334.
(3)
متفق عليه: البخاري، برقم 1975، و1977، و1979، ومسلم، برقم 1159، وتقدم تخريجه في صيام يوم وإفطار يوم في النوع التاسع من أنواع التطوع.
(4)
مسلم، برقم 197 - (1162)، وتقدم تخريجه في النوع الثالث من صيام التطوع، صيام يوم عرفة، وفيه أنواع كثيرة من أنواع الصيام.
3 -
حديث أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا))، وقبض كفه (1).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَضِيقُ عَلَيْهِ حَصْرًا لَهُ فِيهَا؛ لِتَشْدِيدِهِ عَلَى نَفْسه، وَحَمْلِهِ عَلَيْهَا، وَرَغْبَتِهِ عَنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاعْتِقَادِهِ أَنَّ غَيْرَ سُنَّتِهِ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي الْوَعِيد الشَّدِيد فَيَكُون حَرَامًا))، ثم قال:((وَإِلَى الْكَرَاهَة مُطْلَقًا ذَهَبَ اِبْن الْعَرَبِيِّ مِنْ المَالِكِيَّةِ، فَقَالَ: ((قَوْله: لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ: إِنْ كَانَ مَعْنَاهُ الدُّعَاء فَيَا وَيْحَ مَنْ أَصَابَهُ دُعَاءُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ الْخبرَ فَيَا وَيْحَ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يَصُمْ، وَإِذَا لَمْ يَصُمْ شَرْعًا لَمْ يُكْتَبْ لَهُ الثَّوَابُ؛ لِوُجُوبِ صِدْقِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ نَفَى عَنْهُ الصَّوْمَ، وَقَدْ نَفَى عَنْهُ الْفَضْلَ كَمَا تَقَدَّمَ)) (2). وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول على قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا صام من صام الأبد)): هذا يحتمل أنه دعاء على من صام الأبد، ويحتمل أنه إخبار بأنه لا صوم له، وأنه ليس بصوم شرعي)) (3).
(1) أحمد، 32/ 484، برقم 19713، قال محققو المسند: ((موقوف صحيح
…
وهو في حكم المرفوع
…
)) المسند، 32/ 484، وقال ابن حجر في الفتح، 4/ 222:((أخرجه أحمد، والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان)). ثم وجدته عند ابن خزيمة، برقم 2154، وقال الألباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمة، 3/ 313:((إسناده صحيح))، ولم يذكر الوقف، فثبت عنده الرفع.
(2)
فتح الباري، لابن حجر، 4/ 222، وقد ذكر أقوالاً كثيرة في صيام الدهر، فراجعها هناك.
(3)
سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1977.