الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن القرآن كلام الله عز وجل. قال الله تعالى في الأمر والحث على التدبر: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (1)، ويجعل فكره مع القرآن، ويمنعه من الشرود، والمتأثر بالقرآن: يفرح إذا تلا آيات الترغيب، ويبكي ويحزن عند تلاوة آيات العذاب والإنذار، ويقف؛ ليعرف ما المراد مما يقرأ، ويطهِّر أدوات التلاوة مما عَلِقَ بها من الذنوب بالتوبة: وهي السمع، والبصر، واللسان، والقلب من الشهوات، والشبهات. وقد تقدم الكلام عن التدبر.
الأدب الرابع: أن يقرأ على طهارة؛ لأن هذا من تعظيم كلام الله تعالى
، فالمستحب لقارئ القرآن أن يقرأه على طهارة من الحدث الأصغر؛ لأنه يجوز له القراءة عن ظهر قلب في الحدث الأصغر، أما الحدث الأكبر فلا ولا آية؛ لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً))، وفي لفظ:((كان يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه - أو قال - يحجزه عن القرآن شيء سوى الجنابة)) (2)؛ ولحديثه رضي الله عنه، أنه توضأ ثم قال: هكذا
(1) سورة محمد، الآية:24.
(2)
الترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً، برقم 146، وأبو داود، كتاب الطهارة، باب في الجنب يقرأ القرآن، برقم 229، والنساء، كتاب الطهارة، باب حجب الجنب من قراءة القرآن، برقم 265، وابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم 594، وأحمد، 1/ 184، وغيرهم، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، 1/ 139:((صححه ابن السكن، وعبد الحق، والبغوي))، وسمعت ابن باز أثناء شرحه لبلوغ المرام، الحديث رقم 124 يقول:((حديث حسن وله شواهد))، وحسنه الأرناؤوط في تحقيقه لجامع الأصول، 4/ 304، وانظر فتح الباري لابن حجر، 1/ 348، وشرح عمدة الفقه لابن تيمية (الطهارة) 1/ 386.
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال:((هذا لمن ليس بجنب فأما الجنب فلا، ولا آية)) (1). وإذا قرأ من عليه حدث أصغر فلا يمس القرآن، وإنما يقرأ عن ظهر قلب؛ لحديث عمرو بن حزم،
وحكيم بن حزام، وابن عمر رضي الله عنهم:((لا يمس القرآن إلا طاهر)) (2)، وأما قراءة القرآن للحائض والنفساء فالصواب من قولي أهل العلم: أنه يجوز للحائض والنفساء أن تقرأ القرآن بدون مسٍّ للمصحف؛ لأن الحديث في منعها من قراءة القرآن ضعيف (3)؛ ولأن قياس الحائض والنفساء على الجنب ليس بظاهر؛ ولأن الجنب وقته قصير، وبإمكانه أن يغتسل في الحال؛ لأن مدته لا تطول، وإن عجز عن الماء تيمَّم، وصلَّى وقرأ، أما الحائض والنفساء فيحتاج ذلك إلى وقت طويل ربما نسيت فيه ما حفظت من القرآن، وربما احتاجت إلى تدريس القرآن للنساء؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة
(1) أحمد في المسند، برقم 882، وصحح إسناده هنا أحمد شاكر، وقال العلامة ابن باز رحمه الله في الفتاوى الإسلامية، 1/ 239:((إسناده جيد))، وانظر: الفتاوى الإسلامية أيضاً، 1/ 222.
(2)
مالك في الموطأ: كتاب القرآن، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، برقم 1، والدارقطني في سننه، كتاب الطهارة، باب في نهي المحدث عن مس القرآن، برقم 431، 433،والحاكم،1/ 397، وصححه الألباني بشواهده، في إرواء الغليل، 1/ 158.
(3)
وهو قوله: ((لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن))، الترمذي، برقم 131، وابن ماجه برقم 595، وضعفه الألباني في إرواء الغليل، 1/ 206، برقم 192، وضعفه ابن باز في الفتاوى الإسلامية، 1/ 239، وفي غيرها.