الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الارتباط على بعض الناس في بعض الأحوال. وقد روى ابن أبي داود بإسناده عن عبد الله بن أبي الهذيل التابعي المعروف رضي الله عنه قال: كانوا يكرهون أن يقرؤوا بعض الآية ويتركوا بعضها)) (1).
الأدب السابع عشر: إلزام النفس بالآداب الجميلة
فأول ذلك أن يخلص في طلبه لله عز وجل كما ذكرنا، وأن يأخذ نفسه بقراءة القرآن في ليله ونهاره، في الصلاة وغيرها، وينبغي له أن يكون حامداً لله، ولنعمه شاكراً، وله ذاكراً، وعليه متوكلاً، وبه مستعيناً، وإليه راغباً، وبه معتصماً، وللموت ذاكراً، وله مستعداً، وينبغي له أن يكون خائفاً من ذنبه، راجياً عفو ربه، ويكون الخوف في صحته أغلب عليه، إذ لا يعلم بما يختم له، ويكون الرجاء عند حضور أجله أقوى في نفسه لحسن الظن بالله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا يموتن أحدكم إلاّ وهو يُحسن الظن بالله تعالى)) (2)، أي أنه يرحمه ويغفر له.
وينبغي له أن يكون عالماً بأهل زمانه، متحفظاً من سلطانه، ساعياً في خلاص نفسه، [ونجاته]، مقدماً بين يديه ما يقدر عليه من عرض دنياه، مجاهداً لنفسه في ذلك ما استطاع.
وينبغي له أن يكون أهم أموره عنده: الورع في دينه، واستعمال تقوى الله
(1) التبيان في آداب حملة القرآن، للنووي، ص92 - 93.
(2)
مسلم، كتاب الجنة، باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى، برقم 2877. من حديث جابر رضي الله عنه.
تعالى ومراقبته فيما أمر به ونهاه عنه، وقال ابن مسعود:((ينبغي لقارئ القرآن أن يُعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون)) (1).
وقال عبد الله بن عمرو: ((لا ينبغي لحامل القرآن أن يخوض مع من يخوض، ولا يجهل مع من جهل، ولكن يعفو ويصفح لحق القرآن؛ لأن في جوفه كلام الله تعالى)) (2).
وينبغي له أن يأخذ نفسه بالتصاون عن طرق الشبهات، ويقلل الضحك والكلام في مجالس القرآن وغيرها بما لا فائدة فيه، ويأخذ نفسه بالحلم والوقار.
وينبغي له أن يتواضع للفقراء، ويتجنب التكبر والإعجاب، ويتجافى عن الدنيا وأبنائها إن خاف على نفسه الفتنة، ويترك الجدال والمراء، ويأخذ نفسه بالرفق والأدب.
وينبغي له أن يكون ممن يُؤمن شره، ويٌرجى خيره، ويسلم من ضره، وأن لا يسمع ممن نمَّ عنده، ويصاحب من يعاونه على الخير، ويدله على
(1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف، 8/ 305، والبيهقي في شعب الإيمان، برقم 1795.
(2)
ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره،1/ 21.