الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس والعشرون: ليلة القدر
أولاً: مفهوم ليلة القدر: لغة وشرعاً:
لغة: ليلة القدر تتركب من لفظين:
اللفظ الأول: ليلة، وهي في اللغة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، ولا يخرج المعنى الاصطلاحي له عن المعنى اللغوي.
اللفظ الثاني: القَدر، ولها معانٍ في اللغة:
المعنى الأول: الشرف، والوقار، والعظمة، فالمراد بالقدر هنا: التشريف والتعظيم، ومن ذلك قول الله تعالى:{وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ} (1) فهي ليلة ذات قَدْرٍ وشرف؛ لنزول القرآن فيها [فإنه نزل فيها جملة إلى السماء الدنيا، ثم نزل منجَّماً في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم](2)؛ أولما يقع فيها مِن تَنَزُّلِ الملائكة؛ أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة، والمغفرة، أو أن الذي يُحييها يصير ذا قَدْرٍ وشَرَفٍ (3)، أو لأنه ينزل فيها من فضل الله، وخزائن مِنَنِهِ وجوده وكرمه ما لا يُقَدَّرُ قَدَرُه، أو لأن للطاعات فيها قدراً جزيلاً، أو لأن الله أنزل فيها كتاباً ذا قدرٍ على رسولٍ ذي قدرٍ على أمةٍ ذاتِ قدرٍ، أو لأن الأرض تضيق بالملائكة فيها؛ لقول الله تعالى: {وَمَن
(1) سورة الزمر، الآية:67.
(2)
المغني لابن قدامة، 4/ 448.
(3)
فتح الباري، لابن حجر، 4/ 255، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن، 5/ 392، والموسوعة الفقهية الكويتية، 35/ 360.
قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} (1)، وهذا معنى التضييق فيها (2)، أو معنى التضييق فيها إخفاؤها عن العلم بتعيينها (3)، وليلة خير من ألف شهر قدرها عظيم لا شك في ذلك (4) كما قال تعالى:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر} (5) قيل: معناه: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، فهو خير من العمل في ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر (6)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) (7).
المعنى الثاني: القدر الذي هو مؤاخي القضاء، والمعنى أن الله يُقدِّر فيها أحكام تلك السنة، فسميت ليلة القدر؛ لما يُكتب للملائكة فيها: من الأقدار، والأرزاق، والآجال التي تكون في تلك السنة؛ لقول الله تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِين*فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم} (8) يُفْرَقُ: أي يُفْصَلُ ويُبَيَّنُ كل أمر حكيم، وأمر الله كله حكيم (9)، وقول الله تعالى:
(1) سورة الطلاق الآية: 7.
(2)
الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، 5/ 392.
(3)
الموسوعة الفقهية 35/ 361.
(4)
الشرح الممتع، 6/ 495.
(5)
سورة القدر، الآيات: 1 - 3.
(6)
المغني لابن قدامة، 4/ 447.
(7)
متفق عليه: البخاري، برقم 2009،ومسلم، برقم 759، وتقدم تخريجه في فضائل شهر رمضان.
(8)
سورة الدخان، الآيتان: 3 - 4.
(9)
الشرح الممتع، 6/ 495.