الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمثلهما))، وقال: وسمعته يؤمُّنا بهما في الصلاة (1)(2).
عاشراً: وجوب العمل بالقرآن وبيان فضله
العمل بالقرآن هو الغاية الكبرى من إنزاله؛ لقول الله عز وجل: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب} (3)، وهذا العمل: هو التلاوة الحكمية للقرآن (4).
فالعمل بالقرآن: هو تصديق أخباره، واتباع أحكامه:
بفعل جميع ما أمر الله به فيه، وترك جميع ما نهى الله عنه: ابتغاء مرضاة الله، وخوفاً من عقابه، وطمعاً في ثوابه؛ ولهذا سار السلف الصالح على ذلك رضي الله عنهم. فكانوا يتعلمون القرآن، ويصدقون به، وبأخباره، بجميع ما جاء فيه، ويطبقون
(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب في المعوذتين، برقم 1462، 1463، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 403.
(2)
وقد جاء فضل بعض السور غير ما تقدم، ومن ذلك ما يأتي:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام على فراشه حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر)) [الترمذي، برقم 2920، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 3/ 167، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 641].
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي العين فليقرأ: {إذا الشمس كورت} ، و {إذا السماء انفطرت} ، و {وإذا السماء انشقت} الترمذي والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 194، برقم 1476.
(3)
سورة ص، الآية:29.
(4)
تقدم أن تلاوة كتاب الله على نوعين:
النوع الأول: تلاوة لفظية، وتقدمت في أوائل هذا المبحث.
النوع الثاني: تلاوة حكمية، وهي تصديق أخباره، واتباع أحكامه، وهو هذا.
أحكامه تطبيقاً، عن عقيدةٍ راسخةٍ.
قال أبو عبد الرحمن السُّلمي رحمه الله: ((حدثنا الذين كانوا يُقرئوننا القرآن: عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما وغيرهما: أنهم كانوا إذا تعلَّموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، قال
…
وا: فتعلمنا: القرآن والعمل جميعاً)) (1).
وهذا النوع هو الذي عليه مدار السعادة والشقاوة، قال الله تعالى:
{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} (2)، وقال الله تعالى:{كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا * مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً} (3).
وعن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
يكثر أن يقول لأصحابه: ((هل رأى أحد منكم رؤيا؟))، قال: فَيُقَصُّ عليه ما شاء الله أن يُقصَّ، وإنه قال ذات غداة: ((إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي:
(1) أثر صحيح: رواه ابن جرير في تفسيره، 1/ 80 [طبعة أحمد شاكر]، وقال الشيخ أحمد شاكر:((هذا إسناد صحيح متصل)).
(2)
سورة طه، الآيات: 123 - 127.
(3)
سورة طه، الآيات: 99 - 101.
انطلق، وإني انطلقت معهما
…
))، الحديث وفيه ((
…
فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه ورجل قائم على رأسه بفهرٍ أو صخرة فيشدخ به رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر))، وفي رواية: ((وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل مرة الأولى، قال قلت لهما: سبحان الله ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق
…
))، الحديث وفي آخره ((
…
أما الرجل الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة))، وفي لفظ: ((والذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علَّمَهُ الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار
…
)) (1).
وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن مشفَّعٌ، وماحلٌ (2) مصدَّق، من جعله إمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى
النار)) (3).
(1) البخاري، كتاب الجنائز، بابٌ: حدثنا موسى بن إسماعيل، برقم 386، وفي كتاب الفتن، باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح، برقم 7047، وألفاظه من الموضعين.
(2)
ماحِل: خصمٌ مجادل. [النهاية في غريب الحديث، مادة ((محل))].
(3)
ابن حبان في صحيحه، 1/ 331، برقم 124، وقال الهيثمي:((رجاله ثقات))، مجمع الزوائد،
1/ 171، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان، 1/ 332:((إسناده جيد))، وقال ابن مسعود رضي الله عنه:((القرأن شافِعٌ مشفّعٌ، وماحل مصدّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار))،الطبراني في الكبير، برقم 8655، وعبد الرزاق، برقم 6010، وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لجامع العلوم والحكم، 2/ 27:((وإسناده صحيح)).