الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني والعشرون: أخطاء بعض الصائمين
يقع بعض الصائمين في أخطاء ربما تؤثر على نقص ثوابهم، وتؤثر على كمال صومهم، أو يخالفون بها الأولى والأفضل للمسلم الذي يريد الثواب الأكمل، والأجر الأعظم عند الله تعالى، ومنها ما يأتي:
أولاً: عدم التفقه في أحكام الصيام والقيام
، فيقع في الخطأ لعدم الفقه، فينبغي للمسلم أن يتفقه في الدين؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) (1)،فينبغي للمسلم أن يتفقه في العبادة قبل الشروع فيها، ومن ذلك الصيام، فيتعلّم: أحكامه، وشروطه، وأركانه، وواجباته، ومفسدات الصوم، ومن يعذر في الصوم، ومستحباته، وآدابه، وغير ذلك من الأحكام، حتى يعبد الله تعالى بهذه العبادة على بصيرة.
ثانياً: عدم الاستحياء من الله حق الحياء
؛ لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استحيوا من الله حق الحياء)) قال: قلنا: يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله، قال:((ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبِلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء)) (2).
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم، كتاب الزكاة، باب النهي في المسألة، برقم 1037.
(2)
الترمذي، كتاب صفة القيامة، بابٌ: حدثنا يحيى بن موسى، برقم 2458، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 590.
وهذا الحديث فيه أن الاستحياء من الله حق الحياء هو حفظ جميع الجوارح عما لا يرضي الله تعالى:
فقوله صلى الله عليه وسلم: ((أن تحفظ الرأس)) أي عن استعماله في غير طاعة الله تعالى، بأن لا تسجد لغير الله، ولا تُصلِّي للرياء، ولا تخضع لغير الله، ولا ترفعه تكبراً.
وقوله: ((وما وعى)) أي ما جمعه الرأس: من اللسان، والعينين، والأذنين، فيحفظ هذه الجوارح عما لا يحل استعماله:
1 -
فَحِفْظُ اللسان: صيامه عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والبهتان، وقول الزور، واللغو، والرفث؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((من يضمن لي ما بين لَحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)) (1)، وقال صلى الله عليه وسلم حينما سُئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال:((تقوى الله وحسن الخلق))، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال:((الفم والفرج)) (2).
2 -
وحفظ البصر: صيامه عن النظر إلى ما حرم الله تعالى، قال سبحانه:{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (3).
(1) البخاري، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، برقم 6474.
(2)
الترمذي، كتاب البر، باب ما جاء في حسن الخلق، برقم 2004، وحسّن إسناده الألباني في صحيح الترمذي، 2/ 379.
(3)
سورة النور، الآيتان: 30 - 31.
3 -
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وتحفظ البطن)) أي عن أكل الحرام: كالرِّبا، وأكل أموال الناس بالباطل، وغير ذلك من أكل شيءٍ حرّمه الله، فلا يدخل فيه إلا الحلال.
قوله: ((وما حوى)) أي ما اتصل اجتماعه بالبطن: من الفرج، والرجلين، واليدين، والقلب (1):
4 -
فيحفظ الفرج عما حرَّم الله تعالى: من الزنا، واللواط، والاستمناء، وغيرها مما حرم الله تعالى.
5 -
ويحفظ الرجلين فلا يمشي بهما إلى ما حرم الله تعالى، ولا يفعل بهما شيئاً حرمه الله عز وجل.
6 -
ويحفظ اليدين فلا يبطش بهما فيما حرم الله، ولا يكتب بيده شيئاً حرمه الله تعالى.
7 -
ويحفظ القلب عن: الحسد المحرم، وعن الحقد، والكِبْر. وهذه الجوارح السبع هي مراكب العطب لمن استخدمها في معصية الله عز وجل، ومراكب النجاة لمن استخدمها فيما يرضي الله تعالى، كما ذكر ابن القيم رحمه الله.
ولا شك أنه: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)) (2)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((ثلاث مهلكات)) الحديث، ثم قال: ((فأما المهلكات:
(1) انظر: تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، للمباركفوري، 7/ 155.
(2)
مسلم، برقم 91، ويأتي تخريجه في منكرات العيد.