الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: حكم صيام شهر رمضان ومراتب فرضيَّته
أولاً صيام شهر رمضان: واجب بالكتاب، والسنة، والإجماع
، على كل مسلمٍ، بالغٍ، عاقلٍ، قادر، مقيم، خالٍ من الموانع:
أما الكتاب
؛ فلقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} (1) وقول الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (2).
وأما السنة
؛ فلحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت)) (3)؛
ولحديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس نسمع دويَّ صوتِهِ (4)، ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصلاة؟ فقال
(1) سورة البقرة، آية:183.
(2)
سورة البقرة آية: 185.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم، برقم 8، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم 16، واللفظ لمسلم.
(4)
دويّ: صوت مرتفع متكرر ولا يفهم.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خمس صلوات في اليوم والليلة)) فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوَّع شيئاً)) فقال: أخبرني بما فرض الله عليَّ من الصيام؟ فقال: ((شهر رمضان)) فقال: هل عليَّ غيره؟ قال: ((لا، إلا أن تطوَّع شيئاً)) فقال: أخبرني ما فرض الله عليَّ من الزكاة؟ قال: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام، قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: ((لا، إلاّ أن تطوَّع)) قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص [مما فرض الله عليَّ شيئاً] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق)) (1)؛
ولحديث أنس رضي الله عنه؛قال: نُهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء (2)، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية، العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسُولُك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك؟ قال: ((صدق)) قال: فمن خلق السماء؟ قال: ((الله))، قال: فمن خلق الأرض؟ قال: ((الله))، قال: فمن نصب هذه الجبال، وجعل فيها ما جعل؟ قال:((الله)) قال: فبالذي خلق السماء،
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الصوم، باب وجوب صوم رمضان، برقم 1891، ورقم 46، ورقم 2678، ورقم 6956، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم 11.
(2)
وفي رواية لمسلم: قال أنس رضي الله عنه: ((نهينا في القرآن أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء)) يعني بذلك قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا الله عَنْهَا وَالله غَفُورٌ حَلِيم} [المائدة، الآية: 101].
وخلق الأرض، ونصب الجبال، آلله أرسلك؟ قال:((نعم)) قال: وزعم رسولُكَ أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، قال:((صدق)) قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: ((نعم)) قال: وزعم رسولُك أنَّ علينا زكاة في أموالنا، قال:((صدق)) قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: ((نعم)) قال: وزعم رسولُك أنَّ علينا صومَ شهر رمضان في سنتنا؟ قال: ((صد ق)) قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: ((نعم)) قال: وزعم رسولُك أنَّ علينا حجَّ البيت من استطاع إليه سبيلاً، قال:((صدق)) قال: ثم ولَّى، قال: والذي بعثك بالحقِّ لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص منهنَّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((لئن صدق ليدخلنَّ الجنة)) (1)؛ ولحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله، ثم قال: أيُّكم محمد؟ والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئُ، فقال له الرجل: ابن عبد المطلب؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((قد أجبتك)) فقال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إنّي سائلك فمشدِّدٌ عليك في المسألة فلا تَجِدْ عليَّ في نفسك (2)، فقال:((سل عمَّا بدا لك)) فقال: أسألك بربِّك وربِّ مَن قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلِّهم؟ قال: ((اللهم نعم)) قال: أنشدك بالله آلله أمرك أن تصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال: ((اللهم نعم)) قال: أنشدك بالله آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: ((اللهم نعم))
(1) مسلم، كتاب الإيمان، باب السؤال عن أركان الإسلام، برقم 12.
(2)
لاتَجِدْ علَّي في نفسك: لا تغضب علي في نفسك. [فتح الباري، لابن حجر،1/ 151].