الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة؛ لأنه يصدق أنه أتبعه ستاً من شوال، قال العلماء: وإنما كان ذلك كصيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين
…
)) (1)، ولا تصام الست من شوال قبل القضاء من رمضان لمن كان عليه قضاء؛ لأن من صام الست قبل القضاء لا يصدق عليه أنه صام رمضان، فلا يحصل على ثوابها الذي بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد إكمال رمضان؛ ولأن من قدَّم صيام الست على القضاء لم يتبعها رمضان، وإنما أتبعها بعض رمضان؛ ولأن القضاء فرض وصيام الست تطوع، والفرض أولى بالاهتمام والعناية (2).
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن صيام الست يحصل ثوابه بالتتابع، والتفريق، فقال:((وسواء صامها عقيب الفطر، أو فصل بينهما، وسواء تابعها أو فرقها)) (3).
النوع الثاني: صيام تسع ذي الحجة؛ لحديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
- ((كان يصوم تسعاً من ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهرٍ: أول إثنين من الشهر، وخميسين)) (4).
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 8/ 304.
(2)
انظر: مجموع فتاوى ابن باز، 15/ 392 - 394، والشرح الممتع لابن عثيمين، 6/ 449.
(3)
شرح كتاب الصيام من العمدة، 2/ 559.
(4)
النسائي، كتاب الصيام، باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، برقم 2416، وباب صوم النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 2416، وباب صوم النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 2371، بلفظه، وأخرجه أبو داود، كتاب الصوم، باب في صوم العشر، برقم 2437، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 156، 170، وفي صحيح سنن أبي داود، 2/ 78، وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على سنن النسائي، الحديث رقم 2372:((ظاهر هذا الإسناد أنه لا بأس به)).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)) (1)، ولا شك أن الصيام من جملة الأعمال الصالحة، بل الصيام لا عدل له ولا مثل له، وهو يدخل في أعظم الأعمال الصالحة التي حث النبي صلى الله عليه وسلم عليها في أيام عشر ذي الحجة، كما في هذا الحديث الصحيح.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها من قولها: ((ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط)) (2)،فقال الإمام النووي رحمه الله عن هذا الحديث: ((
…
فيتأول قولها: لم يصم العشر: أنه لم يصمه لعارضِ مرضٍ أو سفر، أو غيرهما، أو أنها لم تره صائماً فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر)) (3).
(1) البخاري، كتاب العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق، برقم 969، واللفظ للترمذي، برقم 757.
(2)
مسلم، كتاب الاعتكاف، باب صوم عشر ذي الحجة، برقم 1176.
(3)
قال الإمام النووي: ((ويدل على هذا التأويل حديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسعاً من ذي الحجة ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: أول إثنين من الشهر، والخميس)). رواه أبو داود، وهذا لفظه، وأحمد والنسائي، وفي روايتهما:((وخميسين))، والله أعلم. [شرح النووي على صحيح مسلم، 8/ 320].