الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَمَلُكَ} (1)، وتارك الصلاة كالمشرك كما سيأتي في الأدلة الآتية قريباً؛ لقوله تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} (2).
وأما ترك صلاة الجماعة، فهو ذنب عظيم؛ لأنه ترك واجباً أوجبه الله تعالى عليه.
وسأقتصر في هذا المبحث على حكم من ترك الصلاة، وحكم صلاة الجماعة بالأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم على النحو الآتي:
أولاً: حكم تارك الصلاة
ترك الصلاة المفروضة كفر، فمن تركها جاحدًا لوجوبها كفر كفرًا أكبر بإجماع أهل العلم، ولو صلَّى (3)،أما من ترك الصلاة بالكلّيّة، وهو يعتقد وجوبها ولا يجحدها، فإنه يكفر، والصحيح من أقوال أهل العلم أن كفره أكبر يُخرج من الإسلام؛ لأدلة كثيرة منها على سبيل الاختصار ما يأتي:
1 -
قال الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} (4)، وهذا يدل على أن تارك الصلاة مع الكفار
(1) سورة الزمر، الآية: 65
(2)
سورة الفرقان، الآية: 23
(3)
انظر: تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام، لسماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، ص73
(4)
سورة القلم، الآيتان: 42 - 43.
والمنافقين الذين تبقى ظهورهم إذا سجد المسلمون قائمة، ولو كانوا من المسلمين لأُذِنَ لهم بالسجود كما أُذِنَ للمسلمين.
2 -
وقال سبحانه وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} (1). فتارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر، وقد قال الله تعالى:{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} (2).
3 -
وقال الله عز وجل: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (3). فعلّق أخوَّتهم للمؤمنين بفعل الصلاة.
4 -
عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) (4).
5 -
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)) (5).
(1) سورة المدثر، الآيات: 38 - 46.
(2)
سورة القمر، الآيتان: 47 - 48.
(3)
سورة التوبة، الآية:11.
(4)
مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة،1/ 86،برقم 76.
(5)
أخرجه الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، 1/ 14،برقم 2621، والنسائي، كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، 1/ 231،وابن ماجه، كتاب الإقامة، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم 1079،والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/ 6، 7.
6 -
وعن عبد الله بن شقيق رضي الله عنه قال: ((كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة)) (1).
7 -
وقد حكى إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة غير واحد من أهل العلم (2).
8 -
وذكر الإمام ابن تيمية أن تارك الصلاة يكفر الكفر الأكبر لعشرة وجوه (3).
9 -
وأورد الإمام ابن القيم رحمه الله أكثر من اثنين وعشرين دليلاً على كفر تارك الصلاة الكفر الأكبر (4).
والصواب الذي لا شك فيه، أن تارك الصلاة مطلقًا كافر لهذه الأدلة الصريحة (5).
10 -
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((وقد دلّ على كفر تارك
(1) الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، 1/ 14، برقم 2622.
(2)
انظر: المحلى لابن حزم، 2/ 242، 243، وكتاب الصلاة لابن القيم، ص26، والشرح الممتع على زاد المستقنع، لابن عثيمين، 2/ 28.
(3)
انظر: شرح العمدة، لابن تيمية 2/ 81 - 94.
(4)
انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص17 - 26. فقد ذكر عشرة أدلة من القرآن واثني عشر دليلاً من السنة وإجماع الصحابة.
(5)
سمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز قدس الله روحه وغفر له يُكفِّر تارك الصلاة ولو تركها في بعض الأوقات، ولو لم يجحد وجوبها. وانظر: تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام، له رحمه الله ص72.