الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ((ذهب الظمأ، وابتلَّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله)) (1).
سابعاً: تفطير الصائمين فيه الأجر الكبير حتى ولو كانوا أغنياء
، ولو على شيء يسير من التمر أو الماء أو اللبن؛ لحديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فطَّر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً)) (2).
ثامناً: ترك الوصال، فالسنة عدم الوصال
، فإذا كان ولا بد، جاز الوصال إلى السحر، ولكن السنة والأفضل الإفطار مطلقاً؛ لحديث
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل (3) فواصل الناس فشق عليهم، فنهاهم قالوا: إنك تواصل، قال:((لست كهيئتكم إني أظَلُّ أُطعمُ وأُسقَى)) (4)،وفي لفظ للبخاري:((إني لست مثلكم، إني أُطعم وأُسقى)) (5).
(1) أبو داود، كتاب الصوم، باب القول عند الإفطار، برقم 2357، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 59.
(2)
الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في فضل من فطر صائماً، برقم 807،وابن ماجه، كتاب الصيام، باب في ثواب من فطر صائمًا، برقم 1746،وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/ 424.
(3)
الوصال: المواصلة في الصوم: وهو أن يصوم يومين أو ثلاثة، لا يفطر فيها [جامع الأصول، لابن الأثير، 6/ 380].
(4)
إني أُطعم وأُسقى: قال ابن الأثير: أي أُعان على الصوم وأُقوَّى عليه، فيكون ذلك بمنزلة الطعام والشراب لكم. [جامع الأصول، 6/ 380].
وقال ابن القيم: ((وقد اختلف الناس في هذا الطعام والشراب المذكورين على قولين: أحدهما: أنه طعام وشراب حسي للفم، قالوا: وهذه حقيقة اللفظ، ولا موجب للعدول عنها.
والثاني: أن المراد به ما يُغذِّيه الله به من معارفه، وما يفيض على قلبه من لذَّة مناجاته، وقرة عينه بقربه، وتنعمه بحبه، والشوق إليه، وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب، ونعيم الأرواح، وقرة العين، وبهجة النفوس، والروح، والقلب، بما هو أعظم غذاءً وأجوده، وأنفعه، وقد يقوى هذا الغذاء حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمان
…
ومن له أدنى تجربة وشوق، يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الحيواني
…
)).
ثم مال إلى ترجيح هذا القول الثاني وانتصر له، [زاد المعاد، 2/ 33 - 44].
وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1966، 1967:((والصواب أن الطعام والشراب الذي يعطاه النبي صلى الله عليه وسلم: هو ما يجد من لذة العبادة)).
(5)
متفق عليه: البخاري، برقم 1922، ورقم 1962، ومسلم، برقم 1102، وتقدم تخريجه في حكم السحور.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا تواصلوا)) قالوا: ((إنك تواصل، قال: ((لست كأحد منكم إني أُطعم وأُسقى))، أو ((إني أبيت أُطعم وأُسقى))، وفي رواية للبخاري:((واصل النبي صلى الله عليه وسلم آخر الشهر، وواصل أُناسٌ من الناس، فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: ((لو مُدَّ بي الشهر لواصلتُ وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم (1)، إني لست مثلكم، إني أَظلُّ يطعمني ربي ويسقيني)) (2).
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم، فقالوا: إنك تواصل، قال: ((إني لست كهيئتكم، إني يُطعمني ربي
(1) المتعمقون: المتعمق في الأمر: المبالغ فيه والمجاوز للحد. [جامع الأصول لابن الأثير، 6/ 380].
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الصوم، باب الوصال، برقم 1961، وكتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، برقم 7241، ومسلم، كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال، برقم 1104.
ويسقيني)) (1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم، فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يارسول الله، قال:((أيكم مثلي؛ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني))، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال، واصل بهم يوماً، ثم يوماً، ثم رأو الهلاك، فقال:((لو تأخر لزدتكم)) كالتنكيل (2) لهم حين أبوا أن ينتهوا))،وفي رواية للبخاري:((إياكم والوصال)) مرتين، الحديث، وفيه:((فاكلفوا (3) من العمل ما تطيقون)) (4).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((لا تواصلوا فأيكم أراد ان يواصل، فليواصل حتى السحر)) قالوا: فإنك تواصل يارسول الله، قال:((لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساقٍ يسقينِ)) (5).
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الصوم، باب الوصال، برقم 1964، ومسلم، كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال، برقم 1105.
(2)
كالتنكيل: نكل به: إذا جعله عبرةً لغيره، وقيل: هو العقوبة. [جامع الأصول لابن الأثير،
6/ 382. وانظر: فتح الباري، لابن حجر، 4/ 206].
(3)
اكلفوا: أي احملوا المشقة في ذلك، يقال: كلفت بكذا إذا ولعت به. [فتح الباري لابن حجر،
4/ 208].
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الصوم، باب التنكيل لمن أكثر الوصال، برقم 1965، ومسلم، كتاب الصيام، باب عن النهي عن الوصال، برقم 1103.
(5)
البخاري، كتاب الصوم، باب الوصال، برقم 1963،وفي باب الوصال إلى السحر، برقم 1967.
وسمعت شيخنا عبد العزيز ابن باز رحمه الله يقول: ((هذه
الأحاديث المتقدمة كلها تدل على كراهة الوصال، فلا ينبغي التكلف، والوصال معناه: أن يصل يوماً بيوم، أو يومين، هذا هو الوصال المكروه، لكن إذا أراد أن يواصل إلى السحر فلا بأس، يعني يجعل عشاءه أكلة واحدة في آخر الليل، لكن الأفضل أن يفطر من أول الليل، والوصال إلى السحر جائز)) (1).
والسنة أن يفطر الصائم إذا غربت الشمس، ولا يواصل، هذا هو الأفضل، فإن واصل إلى السحر فلا بأس لكنه خلاف الأفضل (2). والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل (3).
(1) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1966، 1967.
(2)
سمعت شيخنا ابن باز، أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1961، يقول:((الصواب أن الوصال يكره جداً، لكن لو واصل إلى السحر فجعل سحوره فطوراً فلا بأس، ولكن الأفضل أن يفطر إذا غربت الشمس)).
(3)
وذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن الناس اختلفوا في مسألة الوصال على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه جائز إن قدر عليه، وهو مروي عن عبد الله بن الزبير وغيره من السلف.
القول الثاني: الوصال محرم لا يجوز، وقد ذكر عن الإمام مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، والثوري، واحتجوا بنهي النبي صلى الله عليه وسلم، والنهي يقتضي التحريم
…
القول الثالث: الوصال يجوز من السحر إلى السحر، وهو أعدل الأقوال، وهذا هو المحفوظ عن أحمد، وإسحاق؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفيه:((لا تواصلوا، وأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر)). [البخاري، برقم 1963، وتقدم تخريجه]. وهوم أعدل الوصال وأسهله على الصائم، وهو في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه تأخر،
…
[زاد المعاد، لابن القيم، 2/ 35 - 38 بتصرف].
وهذا القول هو الذي يرجحه شيخنا ابن باز ويقول: وعدم الوصال أفضل.