الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأفطر حتى قدم مكة، وكان ابن عباس يقول:((صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر))، ولمسلمٍ أن ابن عباس قال:((لا تعب على من صام ولا على من أفطر، قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر)) (1).
وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، قال: كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فلما غربت الشمس قال لرجل: ((انزل فاجدح لنا)) (2)، قال: يا رسول الله الشمسَ [وفي رواية: إن عليك نهاراً]، [وفي رواية: لو أمسيت] قال: ((انزل فاجدح لنا)) قال: لو انتظرت حتى تمسي؟ قال: ((انزل فاجدح لنا)) ثم قال: ((إذا رأيتم الليل أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم)) وأشار بأصبعه قِبَل المشرق. ولفظ مسلم: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر في شهر رمضان
…
وفيه: فأتاه بماء فشرب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال بيده: ((إذا غابت الشمس من هاهُنا وجاء الليل من هاهُنا فقد أفطر الصائم)) (3).
النوع الثالث: الأمر بالإفطار
والترغيب في الفطر والترهيب من
(1) متفق عليه: البخاري، برقم 1948، ومسلم، برقم 1113، وتقدم تخريجه في النوع الأول.
(2)
اجدح: الجدح: أن يحرِّك السويق بالماء، ويخوّض حتى يستوي، وكذلك أن يحرك اللبن بالماء ونحوه، والمجدح: عود مجنح الرأس تساط به الأشربة، وربما يكون له ثلاث شعب، وجدحوا: خلطوا. [النهاية لابن الأثير، 1/ 243].
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الصوم، باب الصوم في السفر والإفطار، برقم 1941، وباب متى يحل فطر الصائم، برقم 1955، وباب يفطر بما تيسر من الماء وغيره، برقم 1956، وباب تعجيل الفطر، برقم 1958، ومسلم، كتاب الصيام، باب بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار، برقم 1101.
الصيام في السفر؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ الظهران (1)، فآذنَّا بلقاء العدوِّ، فأمرنا بالفطر فأفطرنا أجمعون)) (2).
وعن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس في سفره - عام الفتح- بالفطر، وقال:((تقوَّوْا لعدوّكم)) وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر: قال الذي حدثني: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعَرْج (3) يصُبُّ على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحرِّ)) (4).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كُراع الغميم، فصام الناس ثم دعا بقدحٍ
(1) مرّ الظهران: موضع بقرب مكة، وقال يا قوت الحموي في معجم البلدان، 5/ 104:((مرّ الظهران، ويقال: مرّ ظهران: موضع على مرحلة من مكة له ذكر في الحديث، وقال: عرّام: مُرَّ القرية، والظهران: هو الوادي، بمرِّ عيون كثيرة ونخل، وجميز، وهو لأسلم، وهذيل، وغاضرة)). وانظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 4/ 318.
(2)
الترمذي، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الفطر عند القتال، برقم 1684، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 249.
(3)
العَرْج: قال ابن الأثير في النهاية، 3/ 204:((العرج، وهو بفتح العين وسكون الراء: قرية جامعة من عمل الفُرْع، على أيامٍ من المدينة)). وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان، 4/ 98: ((العرج: وهي قرية جامعة في وادٍ من نواحي الطائف، إليها ينسب العرجي الشاعر، وهو عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمرو، بن عثمان بن عفان، وهي أول تهامة، وبينها وبين المدينة ثمانية وسبعون ميلاً، وهي في بلاد هذيل،
…
وهي غير العرج الذي بين مكة والمدينة
…
والعرج أيضاً: عقبة بين مكة والمدينة على جادة الحاج)). [معجم البلدان، 4/ 98 - 99].
(4)
أبو داود، كتاب الصوم، باب الصائم يُصبُّ عليه الماء من العطش، برقم 2365، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 61.
فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب، فقيل له بَعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال:((أولئك العصاة، أولئك العصاة))،وفي رواية فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام
…
)) الحديث (1).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر: فمنّا الصائم ومنّا المفطر، قال: فنزلنا منزلاً في يوم حارٍّ أكثرنا ظلاً صاحب الكساء، ومنّا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصُّوَّام وقام المفطرون، فضربوا الأبنية (2) وسقوا الركاب (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ذهب المفطرون اليوم بالأجر)) (4)(5).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه،قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بطعام بمرِّ الظهران، فقال لأبي بكر وعمر:((ادنيا فكُلا)) فقالا: إنا صائمان، فقال: ((ارحلوا لصاحبيكم،
(1) مسلم، كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في السفر في شهر رمضان للمسافرين في غير معصية
…
برقم 1114.
(2)
الأبنية: جمع بناء: وهو الخباءُ والخيمة، جامع الأصول لابن الأثير، 6/ 395.
(3)
الركاب: الإبل. جامع الأصول لابن الأثير، 6/ 395.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب الخدمة في الغزو، برقم 2890، ومسلم، كتاب الصيام، باب أجر المفطر في السفر إذا ولي العمل، برقم 1119.
(5)
ذهب المفطرون اليوم بالأجر: أي بأجر يزيد على أجر الصائمين؛ فإن عملهم كان متعدياً، وعمل الصائمين كان قاصراً، ويحتمل كما قال الشيخ تقي الدين: أن يكون أجرهم قد بلغ في الكثرة بالنسبة إلى أجر الصائمين مبلغاً ينغمر فيه أجر الصوم، فتحصل المبالغة بسبب ذلك، ويجعل كأن الأجر كله للمفطر. [انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن، 5/ 283].
احملوا لصاحبيكم)) (1) أي قال لسائر الصحابة المفطرين: ارحلوا لصاحبيكم: أي لأبي بكر وعمر لكونهما صائمين، أي شدُّوا الرحال لهما على البعير، ((اعملوا)) من العمل: أي عاونوهما فيما يحتاجان إليه، والمقصود أنه قررهما على الصوم فهو جائز، أو أنه أشار إلى أن صاحب الصوم كلٌّ على غيره فهو مكروه، والله تعالى أعلم (2).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه، وقد ظُلِّل عليه، فقال:((ما له؟)) قالوا: رجل صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ليس البر أن تصوموا في السفر))، ولفظ البخاري: فرأى زحاماً ورجلاً قد ظُلِّل عليه، فقال:((ما هذا)) فقالوا: صائم، فقال:((ليس من البر الصوم في السفر)) (3)، ولفظ النسائي:((إنه ليس من البر أن تصوموا في السفر، وعليكم برخصة الله التي رخّص لكم فاقبلوها)) (4).
(1) النسائي، كتاب الصوم، باب ذكر اسم الرجل، برقم 3264، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 2/ 132.
(2)
حاشية السندي على سنن النسائي، 4/ 177.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:((ليس من البر الصيام في السفر))، برقم 1946، ومسلم، كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية، برقم 1115.
(4)
النسائي، كتاب الصيام باب العلة التي من أجلها قيل ذلك، برقم 2257، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 2/ 131.