الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلوع الفجر الثاني والأفضل تأخيره إلى قُبَيْل الفجر الثاني كما سيأتي.
3 - الإمساك عن السحور وجميع المفطرات
يكون من طلوع الفجر الثاني؛ فإن الفجر فجران: فجر صادق، وفجر كاذب، فالفجر الصادق: هو المستطيل في الأفق، والفجر الكاذب: هو العمودي من جهة الأرض إلى جهة السماء، وهو كذنب الذئب، والفجر الأول هو الذي لايتبيَّن فيه الخيط الأبيض من الخيط الأسود، والخيط الأبيض: هو بياض النهار، والخيط الأسود: هو سواد الليل، كما قال الله تعالى:
{وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (1)، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الخيط الأبيض والأسود فقال:((إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار)) (2).
وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذنان: المؤذن الأول بلال رضي الله عنه وكان يؤذن قبل طلوع الفجر الثاني بوقت يسير، والمؤذن الثاني ابن أمِّ مكتوم رضي الله عنه، وكان يؤذن بعد طلوع الفجر الثاني، فأذان بلال لإيقاظ النائم؛ وليرجع القائم وينتهي من صلاة الليل، وأذان ابن أمِّ مكتوم لتنبيه الناس بدخول الفجر الثاني فيمسكوا عن الطعام والشراب، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أمِّ
(1) سورة البقرة، الآية:187.
(2)
متفق عليه: البخاري، برقم 1916، ومسلم، برقم 1090، وتقدم تخريجه في الركن الثاني من أركان الصيام: الإمساك. مع جملة من الأحاديث في بيان وقت الإمساك، فلتراجع هناك.
مكتوم))،وكان رجلا أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت))،وفي رواية للبخاري:((حتى يقول له الناس: أصبحت أصبحت))،وفي رواية لمسلم:((ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا)) (1).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لايمنعنَّ أحدَكم - أو قال: أحداً منكم - أذان بلال [أو قال: نداء بلال] من سحوره؛ فإنه يؤذن - أو ينادي - بليل؛ ليرجع قائمكم، ولينبِّه نائمكم، وليس أن يقول الفجر أو الصبح - وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق، وطأطأ إلى أسفل - حتى يقول هكذا))، وقال زهير بسبَّابتيه إحداهما فوق الأخرى ثم مدَّهما عن يمينه وشماله))، وفي رواية البخاري:((ثم أظهر يزيد يديه ثم مدَّ إحداهما من الأخرى))، وفي لفظ مسلم: ((
…
ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم))، وقال:((ليس أن يقول هكذا وهكذا - وصوَّب يده ورفعها - حتى يقول هكذا وفرَّج بين أصبعيه))، وفي رواية لمسلم أيضاً قال:((إن الفجر ليس الذي يقول هكذا - ووضع المسبِّحة على المسبِّحة ومدَّ يديه))، وفي رواية لمسلم أيضاً:((ولكن يقول هكذا: يعني الفجر، وهو المعترض وليس بالمستطيل)) (2).
(1) متفق عليه: البخاري، برقم 617، 620، 623، 1918، 2656، 7228، ومسلم، برقم 1092، وتقدم تخريجه في أركان الصوم، في الركن الثاني: الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
(2)
متفق عليه البخاري، برقم 621، و5298، 7247، ومسلم، برقم 1093، وتقدم تخريجه في أركان الصيام، في الركن الثاني: الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وذكرت هناك حديث عائشة رضي الله عنها أن بلالاً كان يؤذن بليل فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم؛ فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر))، قال القاسم: ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا))، [متفق عليه، البخاري، برقم 1919، ومسلم، برقم 1092].
وعن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يغرَّنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا))، وحكاه حماد بن زيد بيديه، قال: يعني معترضاً، وفي لفظ:((لا يغرنَّكم أذان بلال ولا هذا البياض-العمودي الصبح-حتى يستطير (1) هكذا)) (2)، ولفظ الترمذي:((لا يمنعنَّكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق)) (3)، وفي لفظ أبي داود:((لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق - الذي هكذا - حتى يستطير)) (4)،وفي رواية النسائي:((لايغرنكم أذان بلال ولا هذا البياض حتى ينفجر الفجر هكذا))، وهكذا - يعني معترضاً))،قال أبو داود (5):وبسط يديه يميناً وشمالاً)) (6).
(1) يستطير: يقال: استطار ضوء الفجر إذا انبسط في الأفق وانتشر، [جامع الأصول لابن الأثير،6/ 370].
(2)
مسلم، برقم 1094، وتقدم تخريجه، في أركان الصوم [الإمساك].
(3)
الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في بيان الفجر، برقم 706، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/ 378، وأصله في صحيح مسلم كما تقدم.
(4)
سنن أبي داود، كتاب الصوم، باب وقت السحور، برقم 2346، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 56، وأصله في صحيح مسلم كما تقدم.
(5)
أبو داود يعنى الطيالسي، قاله ابن الأثير في جامع الأصول، 6/ 370.
(6)
النسائي، كتاب الصوم، باب كيف الفجر، برقم 2171،وأصله في صحيح مسلم كما تقدم.
وعن طلق بن علي رضي الله عنه،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلوا واشربوا، ولا يهدينّكم (1) الساطع المُصْعِد، فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر)) (2).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((الفجر فجران: فجر يحرم فيه الطعام وتحلُّ فيه الصلاة، وفجر تحرم فيه الصلاة ويحلُّ فيه الطعام)) (3).
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الفجر فجران: فأما الفجر الذي يكون كذنب السرحان فلا تحلُّ الصلاة فيه ولا يحرم الطعام، وأما الذي يذهب مستطيلاً في الأفق فإنه يحلُّ الصلاة ويحرم الطعام)) (4)، والله
(1) يهدينكم: هدتُ الشيء إذا حركته، وأقلقته، يقول: لا تَنْزَعِجُنَّ للفجر المستطيل؛ فإنه الصبح الكذاب فلا تمتنعوا به عن الأكل والشرب. [جامع الأصول، لابن الأثير، 6/ 371].
(2)
أبو داود، كتاب الصوم، باب وقت السحور، برقم 2348، والترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في بيان الفجر، برقم 705، قال الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 56، وفي صحيح الترمذي، 1/ 378:((حسن صحيح)).
قال الترمذي عقب هذا الحديث: ((والعمل على هذا عند أهل العلم، أنه لا يحرم على الصائم الأكل والشرب حتى يكون الفجر الأحمر المعترض. وبه يقول عامة أهل العلم)). قوله صلى الله عليه وسلم:
((حتى يعترض لكم الأحمر)) أي الفجر الأحمر المعترض، والمراد به الصبح الصادق، وقوله:((الساطع: المصعد))، وسطوعه: ارتفاعه مصعداً قبل أن يعترض، ومعنى الأحمر هنا: أن يستبطن البياض المعترض أوائل حمرة. [تحفة الأحوذي، للمباركفوري، 3/ 38].
(3)
ابن خزيمة، 1/ 184، برقم 356، ورقم 1927، والحاكم واللفظ له، 1/ 91، وقال:((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين))، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، 4/ 106، برقم 4155، وفي الأحاديث الصحيحة، 2/ 314، برقم 693، وتقدم في أركان الصيام [الإمساك].
(4)
الحاكم، 1/ 91،قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 5/ 8، برقم 2002:((إسناده جيد ورجاله ثقات))، وهو شاهد لحديث ابن عباس المتقدم، وتقدم تخريجه في أركان الصيام [الإمساك].