الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه ليس له عذر يبيح له الفطر.
الحالة الثانية:
أن يشق عليه الصوم ولا يضره، فيفطر، ويكره له الصوم مع المشقة؛ لأنه خروج عن رخصة الله تعالى، وتعذيب لنفسه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((إن الله يحب أن تُؤتَى رخصُه كما يكره أن تؤتى معصيته)) (1).
قال ابن حزم رحمه الله: ((واتفقوا على أن المريض إذا تحامل على نفسه فصام أنه يجزِئه، واتفقوا على أن من آذاه المرض وضَعُف عن الصوم فله أن يفطر)) (2).
الحالة الثالثة:
أن يضرَّهُ الصوم، فيجب عليه الفطر، ولا يجوز له الصوم؛ لقول الله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (3)، وقوله عز وجل:{وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (4)؛ ولقول سلمان لأبي الدرداء: ((
…
إن لربِّك عليك حقّاً، ولنفسك عليك حقّاً، ولأهلك عليك حقّاً، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه))، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال له
(1) أحمد، 2/ 108، وابن حبان في صحيحه، برقم 2742، وابن خزيمة، برقم 950، واللفظ لأحمد، وهو من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصححه الألباني في حاشيته على صحيح ابن خزيمة، الحديث رقم 950،وفي إرواء الغليل، برقم 564.
(2)
مراتب الإجماع لابن حزم، ص71، وانظر المغني لابن قدامة، 4/ 403.
(3)
سورة النساء، الآية:29.
(4)
سورة البقرة، الآية:195.
النبي صلى الله عليه وسلم: ((صدق سلمان)) (1)، ومن حق النفس على المسلم أن لا يضرَّها مع وجود رخصة الله تعالى؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:((لا ضرر ولا ضرار)) (2)، والله تعالى أعلم، وأحكم، وأرحم (3).
وإذا حدث له المرض في أثناء يوم من أيام رمضان وهو صائم وشقَّ عليه إتمامه جاز له الفطر؛ لوجود المبيح للفطر.
وإذا برئ في نهار رمضان وقد أفطر أول النهار للعذر لم يصح صومه ذلك اليوم؛ لأنه كان مفطراً أول النهار؛ لأن الصوم لا يصح إلا بنية قبل طلوع الفجر، ثم الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
وينبغي له الإمساك بقية يومه (4) ويجب عليه القضاء بعدد الأيام التي
(1) البخاري، كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم يرَ عليه قضاء إذا كان أوفق له، برقم 1968.
(2)
أحمد، 5/ 226،227، وابن ماجه، كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، برقم 2240، من حديث عبادة رضي الله عنه، ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما، برقم 2241، وصححه الألباني في إرواء الغليل، برقم 896.
(3)
انظر: مجموع فتاوى ابن باز، 15/ 210، والشرح الممتع لابن عثيمين، 6/ 352 - 353، ومجالس شهر رمضان، له، ص86.
(4)
قال شيخ الإسلام في شرح العمدة، 1/ 57:((فأما من يجب عليه القضاء إذا زال عذره في أثناء اليوم، مثل: الحائض تطهر، والمسافر يقدم، والمريض يصح، فإن القضاء يجب عليهم رواية واحدة؛ لوجود الفطر في بعض اليوم، وينبغي لهم الإمساك أيضاً)). [شرح العمدة، 1/ 57 - 59].
قال ابن مفلح في الفروع، 4/ 431:((وإذا طهرت حائض أو نفساء أو قدم مسافر، أو أقام مفطر، أو برئ مريض مفطراً لزمهم الإمساك على الأصح))، وهو الذي يفتي به شيخنا ابن باز. انظر: مجموع الفتاوى له، 15/ 193، وكذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ((فتاوى رمضان))، 1/ 324،فتوى رقم 1954،2071، ومجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 10/ 210.