الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في المسجد الأقصى فله ذلك؛ لأنه من المساجد الثلاثة التي يجوز شد الرحال إليها؛ ولحديث جابر رضي الله عنه: أن رجلاً قام يوم الفتح فقال: يا رسول الله إني نذرت لله: إن فتح الله عليك مكة أن أُصلي في بيت المقدس ركعتين، قال:((صلِّ ها هنا))، ثم أعاد عليه، فقال:((صلِّ ها هنا))، ثم أعاد عليه فقال:((شأنك إذن)) (1)، والله تعالى أعلم (2).
الحادي عشر: مستحبات الاعتكاف:
يستحب للمعتكف: أن يتفرَّغ لعبادة الله تعالى، فيكثر من الصلاة في غير أوقات النهي، ويكثر من ذكر الله عز وجل، والدعاء، وقراءة القرآن بالتدبر، والاستغفار، والتوبة، ونحو ذلك من الطاعات، ويجتنب ما لا يعنيه: من الأقوال، والأفعال؛ لأن من كثر كلامه كثرت أخطاؤه، وكثر سقطه، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) (3)، فيجتنب ما لا يعنيه: من الجدال، والمراء، والسباب، والفحش؛ لأن هذا مكروه ومنهي عنه في غير الاعتكاف ففيه أولى (4).
(1) أبو داود، كتاب الأيمان والنذور، باب من نذر أن يصلِّي في بيت المقدس، برقم 3305، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 326، وفي إرواء الغليل، برقم 2597.
(2)
انظر: كتاب الصيام من شرح العمدة، لابن تيمية،2/ 767 - 776،والمقنع، والشرح الكبير، والإنصاف، 7/ 583 - 590،والمغني لابن قدامة،4/ 494 - 496.
(3)
الترمذي، كتاب الزهد، باب فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس، برقم 2317، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، برقم 3976، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 531، وفي غيره.
(4)
انظر: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 7/ 628، وكتاب الصيام من شرح العمدة، لابن تيمية، 2/ 787 - 793.
وأما الصمت عن جميع الكلام فليس بمشروع في دين الإسلام، بل هو من عمل الجاهلية، وقد: ((
…
دخل أبو بكر رضي الله عنه على امرأة من أَحْمَسَ يقال لها زينب بنت المهاجر فرآها لا تتكلَّم، فقال: ما لها لا تكلم؟ قالوا: حجت مُصمِتَةً، قال لها: تكلّمي؛ فإن هذا لا يحلُّ، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت
…
)) (1)، وحتى لو نذر الصمت في اعتكافه لا يحل له الوفاء به؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((مُرْه فليتكلم، ويستظل، وليقعد، وليتمَّ صومه)) (2)، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُتم بعد احتلام ولا صُماتَ يومٍ إلى الليل)) (3).
وكذلك لا يجوز أن يستعمل القرآن بدلاً من الكلام؛ لأنه استعمال له في غير ما هو له، كأن يرى رجلاً قد جاء في وقته فيقول:{جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} (4) ونحو ذلك (5).
(1) البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية، برقم 3834.
(2)
البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب النذر فيما لا يملك وفي معصية، برقم 6704.
(3)
أبو داود، كتاب الوصايا، باب ما جاء متى ينقطع اليتم، برقم 2873، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 208.
(4)
سورة طه، الآية:4.
(5)
انظر: الشرح الكبير،7/ 632،وكتاب الصيام من شرح العمدة، لابن تيمية،2/ 796.