الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا عمل المسلم بالمرتبة الأولى: وهي صيام ثلاثة أيام: اليوم التاسع، والعاشر والحادي عشر، حصل على فوائد، منها:
أولاً: أدرك صيام يوم عاشوراء يقيناً لا شك فيه، لأن شهر ذي الحجة قد يكون تسعة وعشرين وقد يكون ثلاثين، فإذا لم يُرَ الهلال فقد عمل باليقين: إما رؤية الهلال أو إكمال ذي الحجة ثلاثين يوماً، وقد يخطئ، فحينئذٍ يحصل بصيام الثلاثة على إدراك يوم عاشوراء الذي يكفر به ذنوب سنة ماضية.
ثانياً: حصل على صيام ثلاثة أيام من الشهر فيكتب له صيام شهر كامل.
ثالثاً: صام ثلاثة أيام من شهر الله المحرم الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم)) (1).
رابعاً: خالف اليهود في صيامهم فلم يفرد عاشوراء بالصيام، بل صام معه غيره، والله تعالى أعلم (2).
النوع السادس: صوم شهر شعبان
من الصيام المستحب صيام شهر شعبان وقد جاء في فضل صيامه أحاديث كثيرة منها الأحاديث الآتية:
(1) مسلم، برقم 1163، وتقدم تخريجه في النوع الرابع.
(2)
سبق في المبحث التاسع: أركان الصيام في الركن الأول: النية ذكر حديث الربيع بنت معوذ، وفيه الدلالة على أن صوم يوم عاشوراء كان متأكداً في أول الإسلام حتى فرض رمضان، فلما فرض رمضان صار صوم عاشوراء سنة. [البخاري، برقم 1960، ومسلم، برقم 1136، وحديث سلمة بن الأكوع كذلك في صحيح مسلم، برقم 1135].
1 -
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهرٍ إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان))، وفي لفظٍ للبخاري:((لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان، [فإنه كان يصوم شعبان كله] وكان يقول: ((خذوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يملُّ حتى تملُّوا))،وأحب الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دُووم عليه، وإن قلّت، وكان إذا صلى صلاة داوم عليها))،وفي لفظ:((سُئل النبي صلى الله عليه وسلم:أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: ((أدومها وإن قل))،وقال:((اكلفوا من الأعمال ما تطيقون))، وفي لفظ لمسلم: ((
…
ولم أره صائماً من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً)) (1).
2 -
حديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت:((ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان))، وهذا لفظ الترمذي، ولفظ أبي داود:((أنه لم يكن يصوم من السَّنة شهراً تاماً إلا شعبان يصله برمضان))، ولفظ ابن ماجه:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَصِلُ شعبان برمضان))، ولفظ النسائي: ((أنه لم يكن يصوم من السَّنة شهراً تاماً
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الصوم، باب صوم شعبان، برقم 1969، ورقم 1970، ثم برقم 6465، ومسلم، كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب أن لا يخلى شهر من صوم، برقم 176 (1156).
إلا شعبان وَيَصِلُ بِهِ رمضان)) (1).
3 -
حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله لم أرَك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ((ذلك شهر يغفُلُ الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفع فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، فأُحب أن يُرفع عملي وأنا صائم)) (2).
وذكر شيخنا ابن باز رحمه الله الجمع بين حديث عائشة ((
…
وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل شهراً قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان)) وبين حديث أم سلمة رضي الله عنها:((ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان))، قال شيخنا: ما ذكَرَتْه في هذه الرواية هو الأغلب وهو إفطاره بعض شعبان، وفي بعض الأحيان يتمه، كما قالت عائشة في رواية النسائي
…
وكما دل على ذلك حديث أم سلمة المذكور، والله ولي التوفيق (3).
(1) الترمذي، كتاب الصيام، باب ما جاء في وصال شعبان برمضان، برقم 736،وأبو داود، كتاب الصوم، باب فيمن يصل شعبان برمضان، برقم 2336،والنسائي، كتاب الصيام، باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم،برقم 2351، 2353،وبرقم 2174،وابن ماجه، كتاب الصيام، باب ما جاء في وصال شعبان برمضان، برقم 1649،وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 53،وفي جميع المواطن السابقة في صحيح السنن، وصحح إسناده شيخنا ابن باز في تعليقه على بلوغ المرام، ص 420.
(2)
النسائي، كتاب الصيام، باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 2357، وحسنه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 153، وفي صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 595، وحسنه عبد القادر الأرنؤوط في تحقيقه لجامع الأصول، لابن الأثير، 6/ 319.
(3)
تعليق ابن باز على نسخته من بلوغ المرام، ص 420، وهو مطبوع.