الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثامناً: مقدار زكاة الفطر وأنواعها:
هو صاع من قوت البلد الذي يأكله الناس، وقد ثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي ذكرته آنفاً أنه قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير
…
)). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه كان يقول: ((كنا نخرج زكاة الفطر: صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب)). وفي لفظ للبخاري: ((كنا نعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم
…
)). وفي لفظ لمسلم: ((كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر: عن كل صغير، وكبير، حرٍّ أو مملوك: صاعاً من طعام، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب، فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجًّا أو معتمراً، فكلَّم الناس على المنبر فكان فيما كلَّم به الناس أن قال: إني أرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر، فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبداً ما عشت)) (1).
وفي لفظ ابن ماجه قال أبو سعيد: ((لا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً ما عشت)) (2). وفي حديث أبي سعيد زيادات لم
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر صاع من طعام، برقم 1506، وباب صاع من زبيب، برقم 1508،ومسلم، كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين، برقم 985.
(2)
ابن ماجه، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر، برقم 1829.
أذكرها؛ لأن فيها نظراً (1)، أما رأي معاوية رضي الله عنه في أن البر يعدل المد منه المدين من غيره فيجزئ نصف صاع، فقال عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله:((حديث أبي سعيد دال على أنه لم يُوافق على ذلك، وكذلك ابن عمر، فلا إجماع في المسألة خلافاً للطحاوي، وكأن الأشياء التي ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة دل على أن المراد إخراج هذا المقدار من أي جنس كان، ولا فرق بين الحنطة وغيرها، وهذه حجة الشافعي ومن تبعه. وأما من جعله نصف صاع منها بدل صاع من شعير فقد فعل ذلك بالاجتهاد)) (2).
وقد قال الإمام النووي رحمه الله: ((قوله: عن معاوية أنه كلم الناس على المنبر فقال: إني أرى أن مدين من سمراء الشام يعدل صاعاً من تمر فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجها كما كنت أخرجها أبداً ما عشت، فقوله: سمراء الشام: هي الحنطة، وهذا الحديث هو الذي يعتمده أبو حنيفة وموافقوه في جواز نصف صاع حنطة، والجمهور يجيبون عنه: بأنه قول صحابي، وقد خالفه أبو سعيد وغيره ممن
(1) من ذلك الحنطة، قال الحافظ بعد ذكره لزيادة الحنطة عند الحاكم وابن خزيمة: ((قال ابن خزيمة: ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ ولا أدري ممن الوهم
…
)) ثم نقل الحافظ أن أبا داود أشار إلى أن ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، وذكر أن معاوية بن هشام روى في هذا الحديث: نصف صاع من بر، وهو وهم، وأن ابن عيينة حدث به عن ابن عجلان عن عياض فزاد فيه:((أو صاعاً من دقيق)) وأنهم أنكروا عليه فتركه، قال أبو داود [القائل ابن حجر]:((وذكر الدقيق وهم من ابن عيينة)) فتح الباري، 3/ 373.
(2)
فتح الباري شرح صحيح البخاري، 3/ 374.