الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم، وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل، وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة. ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط، وإن كان قصيراً، فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد، وقد قال الله تعالى:{وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} (1)، ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات والتجربة، أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى إهلاكه أو مرضه مرضاً شديداً، أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه أفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء. قال تعالى:{فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (2)، وقال الله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا} (3)، وقال:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (4).
ثانياً: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً
، ولا تطلع
(1) سورة البقرة، الاية:187.
(2)
سورة البقرة، الاية:185.
(3)
سورة البقرة، الآية:286.
(4)
سورة الحج، الآية:78.
فيها الشمس شتاء، أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً، وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدروا لها أوقاتها، ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلادٍ إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها عن بعض؛ ما ثبت في حديث الإسراء والمعراج من أن الله تعالى فرض على هذه الأمة خمسين صلاة كل يوم وليلة، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربَّه التخفيف حتى قال: ((يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة
…
)) (1) إلى آخره؛ ولما ثبت من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((خمس صلوات في اليوم والليلة))،فقال: هل عليَّ غيرهن. فقال: ((لا، إلاّ أن تطوَّع
…
)) (2). الحديث.
ولما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((نُهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك؟ قال: ((صدق)) إلى أن قال:
(1) رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم 162.
(2)
رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة في الإسلام، برقم 46، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم 11.
وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا؟ قال: ((صدق))، قال: فبالذي أرسلك. آلله أمرك بهذا؟ قال: ((نعم
…
)) (1).
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حدّث أصحابه عن المسيح الدجال، فقالوا: ما لبثه في الأرض؟ قال: ((أربعون يوماً: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم))، فقيل: يا رسول الله! اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: ((لا، اقدروا له قدره)) (2)، فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم، فيجب على المسلمين في البلاد المسؤول عن تحديد أوقات الصلاة فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلادٍ إليهم يتمايز فيها الليل من النهار، وتُعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة.
وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم، فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب البلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار، ويكون مجموعهما أربعاً وعشرين ساعة؛ لما
(1) رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب السؤال عن أركان الإسلام، برقم 12.
(2)
رواه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر المسيح الدجال وصفته، برقم 2937.
تقدم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال، وإرشاده أصحابه فيه عن كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه؛ إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة. والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
هيئة كبار العلماء (1).
رئيس الدورة
عبد العزيز بن صالح
عبد الله خياط
…
عبد الله بن حميد
…
عبد العزيز بن باز
عبد المجيد حسن
…
محمد الحركان
…
عبد الرزاق عفيفي
محمد بن جبير
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
…
سليمان بن عبيد
عبد الله بن غديان
…
صالح بن غصون
…
راشد بن خنين
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن منيع
…
صالح بن لحيدان
(1) أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، 4/ 435 - 464. ولأهميتها نقلها الإمام ابن باز فَضَمَّنها كتاب تحفة الإخوان بنصها، ص 164 - 169، وفي مجموع الفتاوى له،
15/ 293 - 300.