الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(12) باب في الانتعال وآدابه
[2007]
عَن جَابِرٍ قَالَ: سَمِعتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزوَةٍ غَزَونَاهَا يَقُولُ: استَكثِرُوا مِنَ النِّعَالِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انتَعَلَ.
رواه مسلم (2096).
[2008]
وعن أَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا انتَعَلَ أَحَدُكُم فَليَبدَأ بِاليُمنَى، وَإِذَا خَلَعَ فَليَبدَأ بِالشِّمَالِ، وَليُنعِلهُمَا جَمِيعًا، أَو لِيَخلَعهُمَا جَمِيعًا.
ــ
قلت: ولو تختم في البنصر لم يكن ممنوعًا، وإنما الذي نهي عنه في حديث علي رضي الله عنه الوسطى والتي تليها من جهة الإبهام، وهي التي تُسمَّى: المسبِّحة، والسَّبابة.
(12)
ومن باب الانتعال
قوله صلى الله عليه وسلم: (استكثروا من النعال، فإنَّ الرجل لا يزال راكبًا ما انتعل) هذا كلام بليغ، ولفظ فصيح، بحيث لا ينسج على منواله، ولا يؤتى بمثاله. وهو إرشاد إلى المصلحة، وتنبيه على ما يخفف المشقة، فإنَّ الحافي المديم للمشي يلقى من الآلام، والمشقات، بالعثار، والوجى (1)، ما يقطعه عن المشي، ويمنعه من الوصول إلى مقصوده بخلاف المنتعل؛ فإنَّه لا يحصل له ذلك فيدوم مشيه، فيصل إلى مقصوده كالرَّاكب، فلذلك شبهه بالرَّاكب حيث قال:(لا يزال راكبًا ما انتعل).
و(قوله: إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ بالشمال) هذا
(1)"الوجى": وَجِي يَوْجَى وَجىً: رقَّت قدمُه من كثرة المشي.
وفي رواية: قال عليه الصلاة والسلام: لَا يَمشِ أَحَدُكُم فِي نَعلٍ وَاحِدَةٍ، فليُنعِلهُمَا جَمِيعًا أَو لِيَخلَعهُمَا جَمِيعًا.
رواه أحمد (2/ 465)، والبخاري (5856)، ومسلم (2097)(67 و 68)، وأبو داود (4139)، والترمذيُّ (1779).
[2009]
وعن أَبِي رَزِينٍ قَالَ: خَرَجَ إِلَينَا أَبُو هُرَيرَةَ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى جَبهَتِهِ وقَالَ: أَلَا إِنَّكُم تَحَدَّثُونَ أَنِّي أَكذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِتَهتَدُوا وَأَضِلَّ، أَلَا وَإِنِّي أَشهَدُ لَسَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا انقَطَعَ شِسعُ أَحَدِكُم، فَلَا يَمشِ فِي الأُخرَى حَتَّى يُصلِحَهَا.
رواه أحمد (2/ 424)، ومسلم (2098)، والنسائي (8/ 217)، وابن ماجه (3617).
* * *
ــ
على ما تقدَّم من احترام اليمنى، فإنَّه إذا انتعل فيها أولًا فقد قدمها في الصيانة على اليسرى، وكذلك إذا خلعها أخيرا فقد بقى عليها كرامتها وصيانتها. وقد تقدَّم هذا مستوفًى.
و(قوله: لينعلهما جميعًا، أو ليخلعهما جميعًا) هذا خطاب لمن انقطع شسع أحد نعليه، فنهاه عن أن يمشي في نعل واحدة؛ لأنَّ ذلك من باب التشويه، والمثلة، ولأنه مخالف لزي أهل الوقار، وقد يخل بالمشي. وهذا كما جاء في الحديث المفسر بعد هذا. ويجيء حديث أبي هريرة الذي قال فيه:(إذا انقطع شسع أحدكم، فلا يمشي في الأخرى حتى يصلحها) وقد اختلف علماؤنا في ذلك. فقال مالك بظاهر هذا الحديث: إن من انقطع نعله لم يمش في الأخرى، ولا يقف فيها، وإن كان في أرضٍ حارَّة ليُحفها، ولا بدَّ حتى يصلح الأخرى إلا في الوقوف الخفيف والمشي اليسير. وقد رخص بعض السلف في المشي في نعل واحدة. وهو