الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[2052]
وعَن مُحَمَّدِ بنِ عَمرِو بنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمَّيتُ ابنَتِي بَرَّةَ فَقَالَت لِي زَينَبُ بِنتُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن هَذَا الِاسمِ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُم، اللَّهُ أَعلَمُ بِأَهلِ البِرِّ مِنكُم. فَقَالَوا: بِمَ نُسَمِّيهَا؟ قَالَ: سَمُّوهَا زَينَبَ.
رواه مسلم (2142)(19)، وأبو داود (4953).
* * *
(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له
[2053]
عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ ابنٌ لِأَبِي طَلحَةَ يَشتَكِي،
ــ
أكبرهم؟ ) قلت: شريح. قال: (فأنت أبو شريح)(1) وقد غيَّر اسم: حكيم، وعزيز؛ لما فيهما من التشبه بأسماء الله تعالى.
وقولها: (سميت برَّة) إنما كان هذا الاسم يدلّ: على التزكية؛ لأنَّه في أصله اسم علم لجميع خصال البرِّ، كما أن:(فجار) اسم علم للفجور. ولذلك قال النابغة الذبياني:
إنَّا اقتَسَمنا خُطَّتَينا (2) بيننا
…
فحَمَلت برَّةَ واحتَمَلت فَجَارِ
(5)
ومن باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له
قوله: (كان لأبي طلحة ابن يشتكي) أي: أصابه ما يشتكي منه، وهو المرض، لا أنه صدرت عنه شكوى. هذا أصله، لكنَّه قد كثر تسمية المرض
(1) رواه أبو داود (4955).
(2)
في (ج 2): خطيئنا، والمثبت من (ع) و (ل 1)، وديوان النابغة الذبياني ص (55).
فَخَرَجَ أَبُو طَلحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلحَةَ قَالَ: مَا فَعَلَ ابنِي؟ قَالَت أُمُّ سُلَيمٍ: هُوَ أَسكَنُ مِمَّا كَانَ، فَقَرَّبَت إِلَيهِ العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَت: وَارُوا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَصبَحَ أَبُو طَلحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخبَرَهُ قَالَ: أَعرَستُم اللَّيلَةَ؟ قَالَ: نَعَم. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِك لَهُمَا. فَوَلَدَت غُلَامًا، فَقَالَ لِي أَبُو طَلحَةَ: احمِلهُ حَتَّى تَأتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَبَعَثَت مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَمَعَهُ شَيءٌ؟ قَالَوا: نَعَم، تَمَرَاتٌ. فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَهَا مِن فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِيِّ الصَّبِيِّ، ثُمَّ حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبدَ اللَّهِ.
رواه البخاريُّ (5470)، ومسلم (2144)(23).
ــ
بذلك. وهذا الحديث يدل على فضل أم سُليم، وتثبُّتها، وصبرها عند الصدمة الأولى، وكمال عقلها، وحسن تبعلها لزوجها.
وقولها: (هو أسكن مما كان) هذا من المعاريض المغنية عن الكذب؛ فإنَّها أوهمته: أن الصبي سكن ما كان به بلفظ يصلح إطلاقه لما عندها من موته، ولما فهمه أبو طلحة من سكون مرضه. وهذا كله لئلا تفاجئه بالإعلام بالمصيبة فيتنغَّص عليه عيشه، ويتكدَّر عليه وقته. فلما حصلت راحته من تعبه، وطاب عيشه بإصابة لذَّته التي ارتجت بسببها أن يكون لهما عوض، وخلف مما فاته عرَّفته بذلك، فبلَّغها الله أمنيَّتها، وأصلح ذريَّتها.
وقولها: (واروا الصبي) أي: ادفنوه، من: مواراة الشيء، وهي تغطيته.
و(قوله: أعرستم الليلة؟ ) هو كناية عن الجماع. يقال: أعرس الرجل بأهله: إذا بنى بها، وكذلك إذا غشيها، ولا يقال: عرَّس، والعامة تقولها. وقد تقدَّم أن العِرس الزوجة، والعروس: يقال على كل واحد من الزوجين.
وفي هذا الحديث ما يدلُّ على إجابة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى عظم مكانته،
[2054]
وعَن أَبِي مُوسَى قَالَ: وُلِدَ لِي غُلَامٌ، فَأَتَيتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَمَّاهُ إِبرَاهِيمَ، وَحَنَّكَهُ بِتَمرَةٍ.
رواه أحمد (3/ 194)، والبخاريُّ (5467)، ومسلم (2145)(24).
[2055]
وعن عُروَةُ بنُ الزُّبَيرِ وَفَاطِمَةُ بِنتُ المُنذِرِ بنِ الزُّبَيرِ قَالَا: خَرَجَت أَسمَاءُ بِنتُ أَبِي بَكرٍ حِينَ هَاجَرَت وَهِيَ حُبلَى بِعَبدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيرِ، فَقَدِمَت قُبَاءً فَنُفِسَت بِعَبدِ اللَّهِ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ خَرَجَت حِينَ نُفِسَت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُحَنِّكَهُ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنهَا فَوَضَعَهُ فِي حَجرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمرَةٍ قَالَ: فقَالَت عَائِشَةُ: فَمَكَثنَا سَاعَةً نَلتَمِسُهَا قَبلَ أَن نَجِدَهَا، فَمَضَغَهَا ثُمَّ بَصَقَهَا فِي فِيهِ، فَإِنَّ أَوَّلَ شَيءٍ دَخَلَ في بَطنَهُ لَرِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَت أَسمَاءُ: ثُمَّ مَسَحَهُ وَصَلَّى عَلَيهِ وَسَمَّاهُ
ــ
وكرامته عند الله. وكم له منها وكم! حتى قد حصل بذلك العلم القطعي، واليقين الضروري، وذلك: أنه لما دعا لأم سليم وزوجها ولدت له من ذلك الغشيان عبد الله. وكان من أفاضل الصحابة، ثمَّ ولد له عدَّة من الفضلاء، الفقهاء، العلماء: إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة، وإخوته العشرة، كما هو مذكور في الاستيعاب.
وأحاديث هذا الباب كلها متواردة على أن إخراج الصغار عند ولادتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وتحنيكهم بالتمر كان سُنَّة معروفة معمولًا بها، فلا ينبغي أن يعدل عن ذلك اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم واغتنامًا لبركة الصالحين، ودعائهم. والتحنيك هنا: جعل مضيغ التمر في حَنَكِ الصَّبي.
وقوله في حديث عبد الله بن الزبير: (ثمَّ مسحه وصلَّى عليه) يعني: مسحه بيده عند الدعاء له، كما كان صلى الله عليه وسلم يمسحُ بيده عند الرُّقى، وفيه دليل على استحباب
عَبدَ اللَّهِ، ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ ابنُ سَبعِ سِنِينَ أَو ثَمَانٍ لِيُبَايِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيرُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ مُقبِلًا إِلَيهِ، ثُمَّ بَايَعَهُ.
وفي رواية: ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَولُودٍ وُلِدَ فِي الإِسلَامِ.
رواه البخاري (7909)، ومسلم (2146)(25 و 26).
ــ
ذلك، وفعله على جهة التبرَّك رجاء الاستشفاء، وقبول الدعاء.
ومعنى: (صلَّى عليه): دعا له بالخير والبركة كما جاء في الرواية الأخرى مفسَّرا، وقد ظهرت بركة ذلك كلُّه على عبد الله بن الزبير، فإنه كان من أفضل الناس، وأشجعهم، وأعدلهم في خلافته رضي الله عنه، وقَتَلَ قَاتِلَهُ (1). وتبسُّم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله ومبايعته له فرحٌ به، وإنهاض له؛ حيث ألحقه بنمط الكبار الحاصلين على تلك البيعة الشريفة، والمنزلة المنيفة، ففيه جواز مبايعة من يعقل من الصِّغار، وتمرينهم على ما يخاطب به الكبار.
و(قوله: وكان أوَّل مولود ولد في الإسلام) يعني: من المهاجرين بالمدينة، وذلك أن أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما هاجرت من مكة إلى المدينة وهي حامل به، فولدته في سنة اثنتين من الهجرة لعشرين شهرًا من التاريخ. وقيل: في السنة الأولى من الهجرة. هكذا حكاه أبو عمر. وروي عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير قال: سُمِّيت باسم جدِّي أبي بكر وكنيت بكنيته. قال أبو عمر: كان شهمًا، ذكرًا (2)، شريفًا، ذا أَنَفَة، وكانت له لَسَانة، وفصاحة، وكان أطلسَ لا لحية له، ولا شعر في وجهه. وحكى أبو عمر عن مالك أنه قال: ابن الزبير أفضل من مروان، وأولى بالأمر من مروان وابنه.
(1) هذا دعاء من المؤلف رحمه الله على الحجاج بن يوسف الثقفي قاتل عبد الله بن الزبير.
(2)
جاء في اللسان: رجل ذَكَرٌ: إذا كان قويًا، شجاعًا، أنفًا، أبيًّا.
[2056]
وعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ قَالَ: أُتِيَ بِالمُنذِرِ بنِ أَبِي أُسَيدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وُلِدَ، فَوَضَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَخِذِهِ، وَأَبُو أُسَيدٍ جَالِسٌ، فَلَهى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَيءٍ بَينَ يَدَيهِ، فَأَمَرَ أَبُو أُسَيدٍ بِابنِهِ فَاحتُمِلَ مِن عَلَى فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقلَبُوهُ، فَاستَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَينَ الصَّبِيُّ؟ فَقَالَ أَبُو أُسَيدٍ: أَقلَبنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَا اسمُهُ؟ قَالَ: فُلَانٌ. قَالَ: لَا، وَلَكِن اسمُهُ المُنذِرُ. فَسَمَّاهُ يَومَئِذٍ المُنذِرَ.
رواه البخاريُّ (6191)، ومسلم (2149).
* * *
ــ
و(أبو أُسَيد) بضم الهمزة، وفتح السين، وياء التصغير كذا قاله عبد الرزاق، ووكيع. قال ابن حنبل: وهو الصواب. وحكى ابن مهدي عن سفيان: أنَّه بفتح الهمزة، وكسر السين، واسمه: مالك بن ربيعة.
و(قوله: ولها عنه) الرواية فيه بفتح الهاء؛ أي: اشتغل عنه وهي لغة طيء، وفصيحها:(لَهِي) بكسر الهاء يَلهَى بفتحها، لَهيًا، ولَهَيانًا. وهو في اللغتين ثلاثي. فأمَّا: أَلهَاني كذا: فمعناه شغلني. ومنه قوله تعالى: {أَلهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}
و(قوله: فأقلبُوه) كذا جاءت الرواية في هذا الحرف رباعيًّا، وصوابه: ثلاثي. يقال: قلبت الشيء: رددته، والصَّبي: صرفته. قال الأصمعي: ولا يُقال: أقلبته.
وإنما سَمَّى النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي أُسيد: المنذر، باسم ابن عم أبيه: المنذر بن عمرو، والمسمَّى: بالمعنِق ليموتَ. وكان أمير أصحاب بئر معونة، واستشهد يوم بئر معونة فسمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم بالمنذر (1) ليكون خلفًا منه (2).
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(2)
في (م): له.