المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

[2052]

وعَن مُحَمَّدِ بنِ عَمرِو بنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمَّيتُ ابنَتِي بَرَّةَ فَقَالَت لِي زَينَبُ بِنتُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن هَذَا الِاسمِ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُم، اللَّهُ أَعلَمُ بِأَهلِ البِرِّ مِنكُم. فَقَالَوا: بِمَ نُسَمِّيهَا؟ قَالَ: سَمُّوهَا زَينَبَ.

رواه مسلم (2142)(19)، وأبو داود (4953).

* * *

(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

[2053]

عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ ابنٌ لِأَبِي طَلحَةَ يَشتَكِي،

ــ

أكبرهم؟ ) قلت: شريح. قال: (فأنت أبو شريح)(1) وقد غيَّر اسم: حكيم، وعزيز؛ لما فيهما من التشبه بأسماء الله تعالى.

وقولها: (سميت برَّة) إنما كان هذا الاسم يدلّ: على التزكية؛ لأنَّه في أصله اسم علم لجميع خصال البرِّ، كما أن:(فجار) اسم علم للفجور. ولذلك قال النابغة الذبياني:

إنَّا اقتَسَمنا خُطَّتَينا (2) بيننا

فحَمَلت برَّةَ واحتَمَلت فَجَارِ

(5)

ومن باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

قوله: (كان لأبي طلحة ابن يشتكي) أي: أصابه ما يشتكي منه، وهو المرض، لا أنه صدرت عنه شكوى. هذا أصله، لكنَّه قد كثر تسمية المرض

(1) رواه أبو داود (4955).

(2)

في (ج 2): خطيئنا، والمثبت من (ع) و (ل 1)، وديوان النابغة الذبياني ص (55).

ص: 466

فَخَرَجَ أَبُو طَلحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلحَةَ قَالَ: مَا فَعَلَ ابنِي؟ قَالَت أُمُّ سُلَيمٍ: هُوَ أَسكَنُ مِمَّا كَانَ، فَقَرَّبَت إِلَيهِ العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَت: وَارُوا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَصبَحَ أَبُو طَلحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخبَرَهُ قَالَ: أَعرَستُم اللَّيلَةَ؟ قَالَ: نَعَم. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِك لَهُمَا. فَوَلَدَت غُلَامًا، فَقَالَ لِي أَبُو طَلحَةَ: احمِلهُ حَتَّى تَأتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَبَعَثَت مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَمَعَهُ شَيءٌ؟ قَالَوا: نَعَم، تَمَرَاتٌ. فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَهَا مِن فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِيِّ الصَّبِيِّ، ثُمَّ حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبدَ اللَّهِ.

رواه البخاريُّ (5470)، ومسلم (2144)(23).

ــ

بذلك. وهذا الحديث يدل على فضل أم سُليم، وتثبُّتها، وصبرها عند الصدمة الأولى، وكمال عقلها، وحسن تبعلها لزوجها.

وقولها: (هو أسكن مما كان) هذا من المعاريض المغنية عن الكذب؛ فإنَّها أوهمته: أن الصبي سكن ما كان به بلفظ يصلح إطلاقه لما عندها من موته، ولما فهمه أبو طلحة من سكون مرضه. وهذا كله لئلا تفاجئه بالإعلام بالمصيبة فيتنغَّص عليه عيشه، ويتكدَّر عليه وقته. فلما حصلت راحته من تعبه، وطاب عيشه بإصابة لذَّته التي ارتجت بسببها أن يكون لهما عوض، وخلف مما فاته عرَّفته بذلك، فبلَّغها الله أمنيَّتها، وأصلح ذريَّتها.

وقولها: (واروا الصبي) أي: ادفنوه، من: مواراة الشيء، وهي تغطيته.

و(قوله: أعرستم الليلة؟ ) هو كناية عن الجماع. يقال: أعرس الرجل بأهله: إذا بنى بها، وكذلك إذا غشيها، ولا يقال: عرَّس، والعامة تقولها. وقد تقدَّم أن العِرس الزوجة، والعروس: يقال على كل واحد من الزوجين.

وفي هذا الحديث ما يدلُّ على إجابة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى عظم مكانته،

ص: 467

[2054]

وعَن أَبِي مُوسَى قَالَ: وُلِدَ لِي غُلَامٌ، فَأَتَيتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَمَّاهُ إِبرَاهِيمَ، وَحَنَّكَهُ بِتَمرَةٍ.

رواه أحمد (3/ 194)، والبخاريُّ (5467)، ومسلم (2145)(24).

[2055]

وعن عُروَةُ بنُ الزُّبَيرِ وَفَاطِمَةُ بِنتُ المُنذِرِ بنِ الزُّبَيرِ قَالَا: خَرَجَت أَسمَاءُ بِنتُ أَبِي بَكرٍ حِينَ هَاجَرَت وَهِيَ حُبلَى بِعَبدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيرِ، فَقَدِمَت قُبَاءً فَنُفِسَت بِعَبدِ اللَّهِ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ خَرَجَت حِينَ نُفِسَت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُحَنِّكَهُ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنهَا فَوَضَعَهُ فِي حَجرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمرَةٍ قَالَ: فقَالَت عَائِشَةُ: فَمَكَثنَا سَاعَةً نَلتَمِسُهَا قَبلَ أَن نَجِدَهَا، فَمَضَغَهَا ثُمَّ بَصَقَهَا فِي فِيهِ، فَإِنَّ أَوَّلَ شَيءٍ دَخَلَ في بَطنَهُ لَرِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَت أَسمَاءُ: ثُمَّ مَسَحَهُ وَصَلَّى عَلَيهِ وَسَمَّاهُ

ــ

وكرامته عند الله. وكم له منها وكم! حتى قد حصل بذلك العلم القطعي، واليقين الضروري، وذلك: أنه لما دعا لأم سليم وزوجها ولدت له من ذلك الغشيان عبد الله. وكان من أفاضل الصحابة، ثمَّ ولد له عدَّة من الفضلاء، الفقهاء، العلماء: إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة، وإخوته العشرة، كما هو مذكور في الاستيعاب.

وأحاديث هذا الباب كلها متواردة على أن إخراج الصغار عند ولادتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وتحنيكهم بالتمر كان سُنَّة معروفة معمولًا بها، فلا ينبغي أن يعدل عن ذلك اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم واغتنامًا لبركة الصالحين، ودعائهم. والتحنيك هنا: جعل مضيغ التمر في حَنَكِ الصَّبي.

وقوله في حديث عبد الله بن الزبير: (ثمَّ مسحه وصلَّى عليه) يعني: مسحه بيده عند الدعاء له، كما كان صلى الله عليه وسلم يمسحُ بيده عند الرُّقى، وفيه دليل على استحباب

ص: 468

عَبدَ اللَّهِ، ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ ابنُ سَبعِ سِنِينَ أَو ثَمَانٍ لِيُبَايِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيرُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ مُقبِلًا إِلَيهِ، ثُمَّ بَايَعَهُ.

وفي رواية: ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَولُودٍ وُلِدَ فِي الإِسلَامِ.

رواه البخاري (7909)، ومسلم (2146)(25 و 26).

ــ

ذلك، وفعله على جهة التبرَّك رجاء الاستشفاء، وقبول الدعاء.

ومعنى: (صلَّى عليه): دعا له بالخير والبركة كما جاء في الرواية الأخرى مفسَّرا، وقد ظهرت بركة ذلك كلُّه على عبد الله بن الزبير، فإنه كان من أفضل الناس، وأشجعهم، وأعدلهم في خلافته رضي الله عنه، وقَتَلَ قَاتِلَهُ (1). وتبسُّم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله ومبايعته له فرحٌ به، وإنهاض له؛ حيث ألحقه بنمط الكبار الحاصلين على تلك البيعة الشريفة، والمنزلة المنيفة، ففيه جواز مبايعة من يعقل من الصِّغار، وتمرينهم على ما يخاطب به الكبار.

و(قوله: وكان أوَّل مولود ولد في الإسلام) يعني: من المهاجرين بالمدينة، وذلك أن أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما هاجرت من مكة إلى المدينة وهي حامل به، فولدته في سنة اثنتين من الهجرة لعشرين شهرًا من التاريخ. وقيل: في السنة الأولى من الهجرة. هكذا حكاه أبو عمر. وروي عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير قال: سُمِّيت باسم جدِّي أبي بكر وكنيت بكنيته. قال أبو عمر: كان شهمًا، ذكرًا (2)، شريفًا، ذا أَنَفَة، وكانت له لَسَانة، وفصاحة، وكان أطلسَ لا لحية له، ولا شعر في وجهه. وحكى أبو عمر عن مالك أنه قال: ابن الزبير أفضل من مروان، وأولى بالأمر من مروان وابنه.

(1) هذا دعاء من المؤلف رحمه الله على الحجاج بن يوسف الثقفي قاتل عبد الله بن الزبير.

(2)

جاء في اللسان: رجل ذَكَرٌ: إذا كان قويًا، شجاعًا، أنفًا، أبيًّا.

ص: 469

[2056]

وعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ قَالَ: أُتِيَ بِالمُنذِرِ بنِ أَبِي أُسَيدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وُلِدَ، فَوَضَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَخِذِهِ، وَأَبُو أُسَيدٍ جَالِسٌ، فَلَهى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَيءٍ بَينَ يَدَيهِ، فَأَمَرَ أَبُو أُسَيدٍ بِابنِهِ فَاحتُمِلَ مِن عَلَى فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقلَبُوهُ، فَاستَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَينَ الصَّبِيُّ؟ فَقَالَ أَبُو أُسَيدٍ: أَقلَبنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَا اسمُهُ؟ قَالَ: فُلَانٌ. قَالَ: لَا، وَلَكِن اسمُهُ المُنذِرُ. فَسَمَّاهُ يَومَئِذٍ المُنذِرَ.

رواه البخاريُّ (6191)، ومسلم (2149).

* * *

ــ

و(أبو أُسَيد) بضم الهمزة، وفتح السين، وياء التصغير كذا قاله عبد الرزاق، ووكيع. قال ابن حنبل: وهو الصواب. وحكى ابن مهدي عن سفيان: أنَّه بفتح الهمزة، وكسر السين، واسمه: مالك بن ربيعة.

و(قوله: ولها عنه) الرواية فيه بفتح الهاء؛ أي: اشتغل عنه وهي لغة طيء، وفصيحها:(لَهِي) بكسر الهاء يَلهَى بفتحها، لَهيًا، ولَهَيانًا. وهو في اللغتين ثلاثي. فأمَّا: أَلهَاني كذا: فمعناه شغلني. ومنه قوله تعالى: {أَلهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}

و(قوله: فأقلبُوه) كذا جاءت الرواية في هذا الحرف رباعيًّا، وصوابه: ثلاثي. يقال: قلبت الشيء: رددته، والصَّبي: صرفته. قال الأصمعي: ولا يُقال: أقلبته.

وإنما سَمَّى النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي أُسيد: المنذر، باسم ابن عم أبيه: المنذر بن عمرو، والمسمَّى: بالمعنِق ليموتَ. وكان أمير أصحاب بئر معونة، واستشهد يوم بئر معونة فسمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم بالمنذر (1) ليكون خلفًا منه (2).

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

(2)

في (م): له.

ص: 470