الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي رواية: بعد ثلاث فكله ما لم ينتن.
وقال في رواية في الكلب: كله بعد ثلاث إلا أن ينتن فدعه.
رواه أحمد (4/ 195)، والبخاري (5478)، ومسلم (1930 و 1931)(9 و 10 و 11)، وأبو داود (2855)، والترمذي (1464)، والنسائي (7/ 181)، وابن ماجه (3207).
* * *
(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير
[1832]
عن أَبي ثَعلَبَةَ قال: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن كُلِّ ذِي نَابٍ مِن السِّبَاعِ. قَالَ ابنُ شِهَابٍ: وَلَم أَسمَع ذَلِكَ مِن عُلَمَائِنَا بِالحِجَازِ حَتَّى
ــ
تغيرت رائحته. وقال بعض اللغويين: يقال: أنتن اللحم: إذا تغير بعد طبخه. و (صَلَّ) و (أَصَلَّ): إذا تغير وهو نيء.
قلت: وهذا الحديث الصحيح يَرُدُّ ما قاله هذا اللغوي، بل يقال: أنتن اللحم نيئًا ومطبوخًا. ويقال في غير اللحم: أنتن أيضًا، كما يقال: أنتن الأنف.
(3)
ومن باب: النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع
(قول أبي ثعلبة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع) ظاهر هذا النهي: التحريم، وقد جاء نصًّا في حديث أبي هريرة إذ قال:(كل ذي ناب من السباع فأكله حرام). الناب: واحد الأنياب، وهي مما يلي الرُّباعيات من
حَدَّثَنِي أَبُو إِدرِيسَ الخولاني، وَكَانَ مِن فُقَهَاءِ أَهلِ الشَّامِ.
رواه أحمد (4/ 194)، والبخاريُّ (5530)، ومسلم (1932)(12 و 13)، وأبو داود (3802)، والترمذيُّ (1477)، والنسائي (7/ 200)، وابن ماجه (3232).
ــ
الأسنان. ذهب الجمهور من السَّلف وغيرهم إلى الأخذ بهذا الظاهر في تحريم السباع، وهو قول الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك في أحد قوليه، وهو الذي صار إليه في الموطأ، وقال فيه: وهو الأمر عندنا، وروى عنه العراقيون الكراهة، وهو ظاهر المدوَّنة، وبه قال جمهور أصحابه.
تنبيه: هذا الخلاف إنما هو في السباع العادية المفترسة كالأسد، والنمر، والذئب، والكلب. وأما ما ليس كذلك فجُلِّ أقوال الناس فيه: الكراهة. وحيث صار أحدٌ من العلماء إلى تحريم شيء من هذا النوع؛ فإنما ذلك لأنه ظهر للقائل بالتحريم أنَّه عاد، وذلك كاختلافهم في الضَّبع، والثعلب، والهرِّ وشبهها. فرآها قوم من السباع فحكموا بتحريمها، وأجاز أكلها: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وهو قول علي، وجماعة من الصحابة، وكرهها مالك. حكى ذلك القاضي عياض.
تنبيه: إنما عدل القائلون بالكراهة عن ظاهر التحريم (1) المتقدم؛ لأنَّهم اعتقدوا معارضة بينه وبين قوله تعالى: {قُل لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطعَمُهُ إِلا أَن يَكُونَ مَيتَةً أَو دَمًا مَسفُوحًا أَو لَحمَ خِنزِيرٍ} الآية. ووجه ذلك أنهم حملوا قوله: {فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} على عموم وحي القرآن، والسُّنَّة، وقالوا: إن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو واقف بعرفة في حجة الوداع، فهي متأخرة عن تلك الأحاديث، والحصر فيها ظاهر، فالأخذ بها أولى؛
(1) في (ل 1): الحديث.
[1833]
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل ذي ناب من السباع فأكله حرام.
رواه مسلم (1933)، والترمذيُّ (1479)، والنسائي (7/ 200)، وابن ماجه (3233).
[1834]
وعَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن كُلِّ ذِي نَابٍ مِن السِّبَاعِ، وَعَن كُلِّ ذِي مِخلَبٍ مِن الطَّيرِ.
ــ
لأنها: إما ناسخة لما تقدمها، أو راجحة على تلك الأحاديث. وأما القائلون بالتحريم، فظهر لهم، وثبت عندهم أن سورة الأنعام: مكِّيَّة، نزلت قبل الهجرة، وأن هذه الآية قصد بها الرد على الجاهلية في تحريمهم البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي، ولم يكن في ذلك الوقت مُحرَّم في الشريعة إلا ما ذكره في الآية، ثم بعد ذلك حرَّم أمورًا كثيرة؛ كالحمر الإنسية، والبغال، وغيرها، كما رواه الترمذي عن جابر قال: حرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية، ولحوم البغال، وكلَّ ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطَّير (1). وذكر أبو داود عن جابر أيضًا قال: ذبحنا يوم خيبر الخيل، والبغال والحمير، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال، والحمير، ولم ينهنا عن الخيل (2).
قلت: والصحيح ما ذهب إليه الجمهور. والله أعلم بحقائق الأمور.
و(قوله: عن كل ذي مخلب من الطير) هو معطوف على قوله: (نهى عن كل ذي ناب من السِّباع). وقد تقرَّر أن ذلك النهي محمولٌ على التحريم في السباع،
(1) رواه الترمذي (1478).
(2)
رواه أبو داود (3789).
رواه أحمد (1/ 244)، ومسلم (1934)، وأبو داود (3805)، والنسائي (7/ 206)، وابن ماجه (3234).
* * *
ــ
فيلزم منه تحريم كل ذي مخلب من الطير؛ لأنَّ الواو تُشَرِّك بين المعطوف والمعطوف عليه في العامل ومعناه؛ لأنَّها جامعة. وقد صار إلى تحريم كل ذي مخلب من الطير طائفة؛ تمسُّكًا بهذا الظاهر. وممن قال بذلك: أبو حنيفة، والشافعي. وأمَّا مذهب مالك: فحكى عنه ابن أويس كراهة أكل كل ذي مخلب من الطير. وجل أصحابه، ومشهور مذهبه: على إباحة ذلك؛ متمسكين بقوله تعالى: {قُل لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} وقد تقدم الكلام عليها، والظاهر: التمسك بما قررناه من ذلك الحديث الظاهر.
وتقييد الطير بـ (ذي المخلب) يقتضي: منع أكل سباع الطير العادية: كالعقاب، والشاهين، والغراب، وما أشبهها، ولا يتناول الخَطَّاف وما أشبهها.
وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ثعلبة في أواني أهل الكتاب: (إن وجدتم غير آنيتهم، فلا تأكلوا فيها (1)) إنما كان هذا لأنهم لا يتوقَّون النجاسات فيأكلون لحم الخنزير، وربما أكلوا الميتات، فإذا طبخوا ذلك في القدر تنجست، وربما سرت النجاسة في أجزاء قدور الفخار، فإذا طبخ فيها بعد ذلك، وبعد أن غسلت توقع مخالطة تلك الأجزاء النجسة للمطبوخ في القدر ثانية؛ فاقتضى الورع الكفّ عنها. وقد أشار إلى هذا ابن عباس؛ فإنه روي عنه أنه قال: إن كان الإناء من نحاس، أو حديد: غسل، وإن كان من فخار: أغلي فيه الماء، ثم غسل.
و(قوله: وإن لم تجدوا غيرها (2) فاغسلوه) هذه إباحة عند الحاجة، لكن
(1) هذه العبارة بكاملها من حديث الباب السابق في التلخيص.
(2)
هذه الكلمة ليست في أصل الحديث، والعبارة بكاملها من حديث الباب السابق حسب التلخيص.