الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(9) باب أكل الجراد والأرانب
[1852]
عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نأكل الجراد.
وفي رواية: سبع غزوات.
رواه أحمد (4/ 357)، والبخاريُّ (5495)، ومسلم (1952)، وأبو داود (3812)، والترمذي (1822)، والنسائي (7/ 210).
ــ
(9)
ومن باب: أكل الجراد والأرنب
(قوله: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد) ظاهره جواز أكل الجراد مطلقًا، ولم يُختلف في جواز أكل الجراد على الجملة، لكن اختلف فيه؛ هل يحتاج إلى سبب يموت به أم لا يحتاج؟ فعامَّة الفقهاء: على أنه لا يحتاج إلى ذلك. فيجوز أكل الميتة منه. وإليه ذهب ابن عبد الحكم، ومطرِّف من أصحابنا. وذهب مالك: إلى أنَّه لا بدَّ له من سبب يموت به، كقطع رأسه، أو رجله، أو أجنحته إذا مات من ذلك، أو يشوى، أو يُصلَق. وقال اللَّيث: يُكره أكل ميت الجراد إلا ما أخذ حيًّا ثم مات، فإن أخذه ذكاته، وإليه ذهب سعيد بن المسيب، والجمهور تمسُّكًا بظاهر حديث ابن أبي أوفى المتقدم، وبما ذكره ابن المنذر: أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يتهادين الجراد فيما بينهن (1). وبما ذكره الدارقطني عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أحل لنا ميتتان: الحوت والجراد، ودمان: الكبد والطحال)(2)، على أنه لا يصحُّ لأنه من رواية عبد الله، وعبد الرحمن ابني
(1) رواه ابن ماجه (3220).
(2)
رواه أحمد (2/ 97)، وابن ماجه (3314 و 3218). وانظره في بلوغ المرام رقم (15).
[1853]
وعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: مَرَرنَا فَاستَنفَجنَا أَرنَبًا بِمَرِّ الظَّهرَانِ، فَسَعَوا عَلَيهِ فَلَغَبُوا، قَالَ: فَسَعَيتُ حَتَّى أَدرَكتُهَا، فَأَتَيتُ بِهَا أَبَا
ــ
زيد بن أسلم، ولا يحتج بحديثهما. ومن الجمهور من رأى: أنه من صيد البحر، وعلى هذا فيجوز للمُحرِم صيدها (1)، من غير جزاء، ويجوز أكل ما صاد المجوسي منه، وإليه ذهب النَّخعي، والشافعي، والنعمان، وأبو ثور. فأما مالك والليث فرأيا: أن الجراد من حيوان البر، فميتته محرَّمة؛ لأنَّها داخلة في عموم قوله:{حُرِّمَت عَلَيكُمُ المَيتَةُ} ولم يصح عندهم: (أحلّت لنا ميتتان)، وقالا بموجب حديث ابن أبي أوفى، وبما ذكره ابن المنذر بشرط الذكاة؛ إذ ليسا بنصَّين. وإذا كان كذلك فلا بُدَّ من ذكاة، إلا أن ذكاة كل شيء بحسب ما يتأتى فيه. فرأى مالك: أنه لا بدَّ من فعلٍ يُفعل فيها حتى تموت بسببه. ورأى اللَّيث: أن أخذها وتركها إلى أن تموت سببٌ يبيحها. ولم ير مالك ذلك لأنه لم يفعل فيها شيئًا. وقال أشهب: لا يؤكل الجراد إلا إذا قُطعت رؤوسه، أو يُطرح حيًّا في نار، أو ماء. فأما قطع أرجله، وأجنحته فلا يكون ذلك ذكاة عنده؛ وإن مات بسببه، وعلى هذا: فلو صُلِقَ الحي منه مع الميت فقال أشهب: يُطرح الجميع، وقال سحنون: يؤكل الأحياء، وتكون الموتى بمنزلة خشاش الأرض يموت في القِدر.
قلت: وهذا من سحنون ميل إلى أنه من الحيوان الذي ليس له نفسٌ سائلةٌ. ويلزم على هذا ألا ينجس بالموت، ولا ينجس ما مات فيه. وحينئذ يجوز أكله ميتًا. والله تعالى أعلم.
و(قول أنس: استَنفَجنا أرنبًا) هذا الحرف صحيح روايته ومشهورها عند أهل التقييد واللغة بالنون والفاء، لا يعرفون غيره. ومعناه: استَثَرنا الأرنب وأخرجناه من مكمنه. يقال: نفَجت الأرنب إذا وثبت. قال الهروي: أنفجتُ
(1) في (ل 1): صيده.
طَلحَةَ فَذَبَحَهَا، فَبَعَثَ بِوَرِكِهَا وَفَخِذَيهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وأَتَيتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبِلَهُ.
رواه أحمد (3/ 291)، والبخاري (5535)، ومسلم (1953)، وأبو داود (3791)، والترمذيُّ (1790)، والنسائي (7/ 197)، وابن ماجه (3243).
* * *
ــ
الأرنبَ (1) من جحره فنفج؛ أي: أثرتُه: فثار. وقد وقع للمازري: (فبعجنا) بالباء بواحدة من تحتها، والعين المهملة. وفسَّره بـ: شققنا، من: بعج بطنه؛ إذا شقَّه، وهذا لا يصحُّ رواية ولا معنى، وإنما هو تصحيف، وكيف يَشُقُّون بطنها، ثم يسعون خلفها؟ !
و(السَّعي): الجري. و (اللُّغوب): التعب والإعياء. وجمهور السَّلف والخلف من الفقهاء وغيرهم على العمل بحديث أنس هذا، في جواز أكل الأرنب. وقد حكي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي تحريمه. وعن ابن أبي ليلى كراهته. وقد ذكر عبد الرزاق من حديث عبد الكريم بن أمية - وهو ضعيف - قال: سأل جريرُ بن أنس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأرنب فقال: (أُنبئت أنها تحيضُ، لا آكُلُها)(2). وهو منقطع. وذكر النسائي أيضًا عن موسى بن طلحة، قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بأرنب قد شواها رجل، وقال: يا رسول الله! إني رأيت بها دمًا. فتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأكلها، وقال لمن عنده:(فإني لو اشتهيتها أكلتها)(3). وهذا
(1) ما بين حاصرتين سقط من (ع).
(2)
رواه عبد الرزاق في مصنفه (8699)، وفيه أن الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم هو: جرير بن أوس الأسلمي، وفي الإصابة: جزء بن أنس السلمي. وفي المحلى لابن حزم (7/ 433): جرير بن أنس. قال حبيب الرحمن الأعظمي: وظني أن ما في المحلى تحريف.
(3)
رواه النسائي (7/ 196) من حديث موسى بن طلحة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن حديث موسى بن طلحة عن أبي الحوتكية قال: قال عمر. . .