الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1784]
وعَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ: أَنَّ امرَأَةً مِن جُهَينَةَ أَتَت نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حُبلَى مِن الزِّنَى. فَقَالَت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَصَبتُ حَدًّا، فَأَقِمهُ عَلَيَّ، فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِيَّهَا فَقَالَ: أَحسِن إِلَيهَا، فَإِذَا وَضَعَت فَائتِنِي بِهَا. فَفَعَلَ، فَأَمَرَ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشُكَّت عَلَيهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَت، ثُمَّ صَلَّى عَلَيهَا، فَقَالَ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَد زَنَت؟ ! قَالَ: لَقَد تَابَت تَوبَةً لَو قُسِمَت بَينَ سَبعِينَ مِن أَهلِ المَدِينَةِ لَوَسِعَتهُم، وَهَل وَجَدتَ تَوبَةً أَفضَلَ مِن أَن جَادَت بِنَفسِهَا لِلَّهِ.
رواه أحمد (4/ 429)، ومسلم (1696)، وأبو داود (4440 و 4441)، والترمذيُّ (1435)، والنسائي (4/ 63 - 64).
* * *
(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له
[1785]
عَن أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَجُلًا مِن أَسلَمَ يُقَالَ لَهُ: مَاعِزُ بنُ مَالِكٍ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أَصَبتُ فَاحِشَةً فَأَقِمهُ عَلَيَّ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِرَارًا، قَالَ: ثُمَّ سَأَلَ قَومَهُ، فَقَالَوا: مَا نَعلَمُ بِهِ بَأسًا، إِلَّا أَنَّهُ أَصَابَ
ــ
والملاهي، والمرتَّبين في الطرق، إلى غير ذلك مِمَّا قد كثر في الوجود، وعمل عليه في سائر البلاد.
و(قوله: فشكت عليها ثيابها) أي: جمع بعضها إلى بعض بشوك أو خُيُوط، ومنه: المِشَكُّ، وهي: الإبرة الكبيرة. وشككت الصيد بالرَّمح؛ أي: نفذته به.
شَيئًا، يَرَى أَنَّهُ لَا يُخرِجُهُ مِنهُ إِلَّا أَن يُقَامَ فِيهِ الحَدُّ، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَنَا أَن نَرجُمَهُ، قَالَ: فَانطَلَقنَا بِهِ إِلَى بَقِيعِ الغَرقَدِ، قَالَ: فَمَا أَوثَقنَاهُ وَلَا حَفَرنَا لَهُ، قَالَ: فَرَمَينَاهُ بِالعَظمِ وَالمَدَرِ، وَالخَزَفِ، قَالَ: فَاشتَدَّ وَاشتَدَدنَا خَلفَهُ، حَتَّى أَتَى عُرضَ الحَرَّةِ، فَانتَصَبَ لَنَا فَرَمَينَاهُ بِجَلَامِيدِ الحَرَّةِ - يَعنِي: الحِجَارَةَ - حَتَّى سَكَتَ، قَالَ: ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا مِن العَشِيِّ فَقَالَ: أَوَكُلَّمَا انطَلَقنَا غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَخَلَّفَ رَجُلٌ فِي عِيَالِنَا لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيسِ، عَلَيَّ ألا أُوتَى بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا نَكَّلتُ بِهِ.
قَالَ: فَمَا استَغفَرَ لَهُ وَلَا سَبَّهُ.
رواه أحمد (5/ 103)، ومسلم (1694)(20)، وأبو داود (4432).
ــ
و(قوله: فخرجنا به إلى بقيع الغرقد) الغرقد: شجر من شجر البادية كانت في ذلك الموضع، فنسب إليها، فذهبت تلك الشجر، واتخذ ذلك الموضع مقبرة، وهو الذي عبَّر عنه في الرِّواية الأخرى بـ (المصلى) أي: مصلى الجنائز.
و(قوله: له نبيب كنبيب التَّيس)[وهو صوت التيس](1) عند السفاد.
و(قوله: يمنح أحدهم الكثبة)(2). (يمنح): يعطي. و (الكثبة): القليل من اللَّبن، والطعام. والجمع: كُثب. وقد كَثَبتُهُ، أكثِبُهُ؛ أي: جَمَعتُه.
و(قوله: علي ألا أُوتَى برجل فعل ذلك إلا نَكَّلتُ به) أي: فعلت به ما ينكِّله؛ أي: ما يسوؤه، ويكدره. وأصله من النَّكَل، وهو: القيد. ومنه قوله تعالى: {إِنَّ لَدَينَا أَنكَالا} ؛ أي: قيودًا. قاله الأخفش. وقال الكلبي: أغلالًا. ويعني به: الرَّجم لمن كان محصنًا، أو الجلد لمن لم يحصن.
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(2)
هذه الرواية ليست في التلخيص، وهي في صحيح مسلم (1692)(17).
[1786]
وعَن ابنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ: أَحَقٌّ
ــ
و(قوله في صفة ماعز: أعضل)(1) أي: ذو عضلات. والعضلة: كل ما اشتمل من اللحم على عصب. وماعز هذا: هو ابن مالك الأسلمي. قيل: يكنى: أبا عبد الله، لولدٍ كان له. [وفي الصَّحابة: ماعز التميمي غير منسوب لأبٍ. ويقال: هو المكنى بأبي عبد الله] (2). وكان ماعز هذا تحت حِجر هزَّال بن رئاب، أبي نُعَيم الأسلمي، فوقع على جارية هزَّال، فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:(هلا سترته بردائك؟ ! )(3)
و(قوله: فلمَّا أذلقته الحجارة)(4) أي: أصابته بحدِّها. وذلق كل شيء: حدَّه. ومنه: لسان ذَلِق. وفي حديث ابن عبَّاس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز: (أحقٌّ ما بلغني عنك؟ ) قال: وما بلغك عني؟ قال: (بلغني أنَّك وقعت بجارية آل فلان)، قال: نعم (5). هذه الرِّواية مخالفة لما تقدَّم؛ لأنَّها تضمنت: أن ماعزًا هو الذي بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالسؤال، والنبي صلى الله عليه وسلم مُعرضٌ عنه؟ حتى أقرَّ أربع مرات، وهذا أحد المواضع الثلاثة المضطربة في حديث ماعز. والثاني: في الحفر له، ففي بعضها: أنه حُفِر له، وفي بعضها: أنَّه لم يُحفَر له، وفي بعضها: أنَّه صلى الله عليه وسلم صلَّى عليه بعدما رُجِمَ. وفي بعضها: لم يصلِّ عليه. وكذلك في الاستغفار له، وكلُّها في الصحيح - والله تعالى أعلم - بالسقيم من الصحيح.
(1) هذه العبارة لم ترد في الرواية المثبتة في التلخيص، وهي في صحيح مسلم (1692)(7).
(2)
ما بين حاصرتين ساقط من (ج 2).
(3)
رواه أحمد (5/ 217)، وأبو داود (4377)، ومالك في الموطأ (2/ 821).
(4)
هذه العبارة لم ترد في الرواية المثبتة في التلخيص، وهي في صحيح مسلم (1691)(16).
(5)
هو حديث الباب رقم (2086).
مَا بَلَغَنِي عَنكَ؟ قَالَ: وَمَا بَلَغَكَ عَنِّي؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ وَقَعتَ بِجَارِيَةِ آلِ فُلَانٍ. قَالَ: نَعَم، قَالَ: فَشَهِدَ أَربَعَ شَهَادَاتٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.
رواه أحمد (1/ 245)، ومسلم (1693)، وأبو داود (4425)، والترمذيُّ (1427)، والنسائي في الكبرى (7171).
* * *
ــ
وفي حديث ماعز والغامديَّة ما يدلُّ على: أن التوبة - وإن صحت - لا تسقط حدّ الزنى، وهو متفق عليه. واختلف فيما عداه من الحدود، فالجمهور: على أنَّها لا تسقط شيئًا من الحدود إلا حدّ الحرابة؛ فإنَّه يسقط لقوله تعالى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبلِ أَن تَقدِرُوا عَلَيهِم فَاعلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فتسقط عنه الحدود، ويؤخذ بحقوق الآدميين من الدِّماء والأموال. وروي عن علي: أن التوبة تسقط عنه كل شيء. وروي عن ابن عبَّاس وغيره: أن التوبة لا تُسقط عن المحارب حقًّا ولا حدًّا. وروي عن الشافعي: أن التوبة تُسقط حدّ الخمر.
* * *