المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

[2096]

عَن عَمرِو بنِ الشَّرِيدِ، عَن أَبِيهِ قَالَ: رَدِفتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَومًا فَقَالَ: هَل مَعَكَ مِن شِعرِ أُمَيَّةَ بنِ أَبِي الصَّلتِ شَيءٌ؟ قُلتُ: نَعَم. قَالَ: هِيه. فأَنشَدتُهُ بَيتًا. فَقَالَ: هِيه. ثُمَّ أَنشَدتُهُ بَيتًا،

ــ

(20)

ومن باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

قوله: (عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: رَدِفتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم) هكذا صواب هذا السَّند وصحيح روايته، وقد وقع لبعض رواة كتاب مسلم: عن عمرو بن الشريد (1)، عن الشريد، عن أبيه، وهو وَهمٌ؛ لأنَّ الشريد هو الذي أردفه النبي صلى الله عليه وسلم خلفه، واستنشده شعر أميَّة بن أبي الصلت، لا أبو الشريد. واسم أبي الشريد: سويد.

و(قوله: هل معك من شعر أميَّة بن أبي الصلت شيء؟ ) دليلٌ على جواز حفظ الأشعار، والاعتناء بها، وإنَّما المكروه أن يغلب الاشتغال بها على الإنسان، ويكثر منها كثرة تصده عن أهم منها، أو تفضي به إلى تعاطي أحوال مجان الشعراء وسخفائهم، فإنَّ الغالب من أحوال من انصرف إلى الشعر بكليته، وأكثر منه؛ أن يكون كذلك، واستقراء الوجود يحققه. وأما حفظ فصيح الشعر وجيده المتضمن للحكم والمعاني المستحسنة شرعًا وطبعًا: فجائز، بل ربما يلحق ما كان منه حُكمًا بالمندوب إليه. وعلى الجملة: فلا أحسن مِمَّا قاله الإمام القرشي الصريح: الشعر كلامٌ حسنه حسن، وقبيحه قبيح.

و(قوله: هيه) بكسر الهاء الأولى، وسكون الثانية للوقف. وهي: إيه؛

(1) ليست في (م 2) ولا في (ل 1).

ص: 526

فَقَالَ: هِيه، حَتَّى أَنشَدتُهُ مِائَةَ بَيتٍ.

رواه أحمد (4/ 388)، ومسلم (2255)(1)، وابن ماجه (3758).

[2097]

وعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَصدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ:

أَلَا كُلُّ شَيءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ

وَكَادَ أُمَيَّةُ بنُ أَبِي الصَّلتِ أَن يُسلِمَ.

رواه أحمد (2/ 470)، والبخاري (6489)، ومسلم (2256)(2 - 4).

ــ

التي للاستزادة، وأبدل من الهمزة (هاء) كما قد فعلوا ذلك في غير موضع. وهي اسم لفعل الأمر الذي هو: زِد. وهي مبنية على الكسر لوقوعها موقع المبني؛ الذي هو الأمر. وفي الصحاح: إذا قلت: إيهِ يا رجل؛ فإنما تأمره بأن يزيدك من حديثه المعهود. وإن قلت: إيهٍ - بالتنوين - كأنك قلت: هات حديثًا؛ لأنَّ التنوين تنكير.

وفيه دليلٌ على جواز إنشاد الشعر، واستنشاده؛ لكن ما لم ينته إلى الإطراب المخل بالعقل، المزيل للوقار، فإنَّ ذلك يحرم، أو يكره بحسب ما يفضي إليه. وإنَّما استكثر النبي صلى الله عليه وسلم من شعر أميَّة؛ لأنه كان حكمًا (1). ألا ترى قوله صلى الله عليه وسلم:(وكاد أميَّة بن أبي الصلت أن يسلم).

و(قوله: أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل) الباطل هنا: أراد به: المضمحل، المتغير؛ الذي هو بصدد أن يهلك، ويتلف. وهذا نحو من قوله تعالى:{كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إِلا وَجهَهُ} ولا شك في أن هذه الكلمات أصدق ما يتكلَّم به ناظمٌ أو ناثر؛ لأن مقدمتها الكليَّة

(1) في (م 2) و (ل 1) و (م 3): حكيمًا.

ص: 527

[2098]

وعنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَأَن يَمتَلِئَ جَوفُ الرَّجُلِ قَيحًا يَرِيهِ خَيرٌ مِن أَن يَمتَلِئَ شِعرًا.

رواه أحمد (2/ 288)، والبخاري (6155)، ومسلم (2257)، والترمذيُّ (2851)، وابن ماجه (3759).

[2099]

وعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ قَالَ: بَينَا نَحنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالعَرجِ إِذ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنشِدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خُذُوا الشَّيطَانَ، أَو أَمسِكُوا الشَّيطَانَ؛

ــ

مقطوعٌ بصحتها وشمولها عقلًا ونقلًا، ولم يخرج من كليتها شيء قطعًا إلا ما استثني فيها، وهو: الله تعالى، فإنَّه لم يدخل فيها قطعًا، فإنَّ العقل الصريح قد دلَّ على أن كل ما نشاهده من هذه الموجودات ممكن في نفسه، متغيِّر في ذاته، وكل ما كان كذلك كان مفتقرًا إلى غيره، وذلك الغير إن كان ممكنًا متغيرًا كان مثل الأول؛ فلا بدَّ أن يستند إلى موجود لا يفتقر إلى غيره، يستحيل عليه التغيُّر، وهو المعبَّر عنه في لسان النظَّار: بواجب الوجود. وفي لسان الشرع: بالصمد المذكور في قوله تعالى: {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ} وبقوله: {أَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ} وعند الانتهاء إلى هذا المقام يفهم معنى قوله تعالى: {كُلُّ مَن عَلَيهَا فَانٍ * وَيَبقَى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكرَامِ} وللكلام في تفاصيل ما أجمل مواضع أخر.

وقوله صلى الله عليه وسلم للشاعر الذي عرض له بالعَرج: (خذوا الشيطان) أو: (أمسكوا الشيطان) إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفعل مع الشاعر لما علم من حاله (1)، فلعل هذا الشاعر كان ممن قد عرف من حاله: أنه قد اتَّخذ الشعر طريقًا للتكسب، فيفرط في المدح إذا أعطي، وفي الهجو والذمِّ إذا مُنع، فيؤذي الناس في أموالهم

(1) ما بين حاصرتين سقط من (ل 1).

ص: 528

لَأَن يَمتَلِئَ جَوفُ رَجُلٍ قَيحًا خَيرٌ لَهُ مِن أَن يَمتَلِئَ شِعرًا.

رواه أحمد (3/ 8)، ومسلم (2259).

* * *

ــ

وأعراضهم. ولا خلاف: في أن كل من كان على مثل هذه الحالة فكل ما يكتسبه بالشعر حرام، وكل ما يقوله حرام عليه من ذلك، ولا يحل الإصغاء إليه، بل يجب الإنكار عليه، فإن لم يمكن ذلك؛ فمن خاف من لسانه تعيَّن عليه أن يداريه ما استطاع، ويدافعه بما أمكن، ولا يحل أن يعطى شيئًا ابتداء؛ لأنَّ ذلك عون على المعصية، فإن لم يجد من ذلك بدًّا أعطاه بنية وقاية العرض، فما وقى به المرء عرضه كتب له به صدقة.

و(قوله: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه خيرٌ له من أن يمتلئ شعرًا) القيح: المِدَّة يخالطها دمٌ. يقال منه: قاح الجرح، يقيح. وتقيَّح، وقيَّح. وصديد الجرح: ماؤه المختلط بالدَّم الرقيق قبل أن تغلظ المِدَّة.

و(يريه) قال الأصمعي: هو من الوَري، على مثال: الرّمي. وهو: أن يَدوى (1) جوفه. يقال منه: رجل مَودي - مشدد غير مهموز - قال أبو عبيد: هو أن يأكل القيح جوفه. قال صاحب الأفعال: ورِي الإنسان والبعير، ورى: دوي جوفه. وَوَرَاه الدَّواء وريًا: أفسده. ووري الكلب: سَعرَ أشدَّ السُّعار. وفي الصحاح: وَرِي القيحُ جوفَه، يَرِيه، وَريًا: إذا أكله، وأنشد:

وراهُنَّ رَبِّي مِثل ما قد وَرَيننِي (2)

. . . . . . . . . . . . .

وأنشد اليزيدي:

قالت له وَريًا إذا تَنَحنَح (3)

. . . . . . . . . . . . .

(1) في اللسان دَوِي، بالكسر، يَدْوَى.

(2)

البيت لعبد بن الحَسْحَاس، وعجزه:

وأحْمَى على أكبادِهِنَّ المكاويا

(3)

كذا في الأصول والصِّحاح، وفي اللسان: تنحنحا.

ص: 529