المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(4) باب ما يختار في الأضحية - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

(4) باب ما يختار في الأضحية

[1959]

عَن عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبشٍ أَقرَنَ، يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ:

ــ

أبي بردة، ولذلك قال علماؤنا: إن حديث عقبة منسوخ بحديث أبي بردة، ودلَّ على هذا: ما حكي من الإجماع على عدم إجزاء الجذع من (1) المعز.

قلت: ويمكن في حديث عقبة تأويلان، ولا يصار فيه إلى النَّسخ:

أحدهما: أن الجذع المذكور فيه: هو من الضأن، وأطلق عليه العَتُود؛ لأنَّه في سِنِّه وقوته، ولا يستنكر هذا، فمن المعلوم: أن العرب تسمي الشيء باسم الشيء إذا جاوره، أو كان منه بسبب، أو شبه.

وثانيهما: أن العَتُود وإن كان من المعز، فقد يقال على ما خرج من السنة الأولى، ودخل في السنة الثانية لتقارب ما بينهما. وقد دلَّ على صحة هذا ما حكاه القاضي عن أهل اللغة: أن العتود: الجدي الذي بلغ السِّفَاد. قال ابن الأعرابي: المعز، والإبل، والبقر: لا تضرب فحولها إلا بعد أن تثني، فإذا صحَّ هذا ارتفع التعارض، وصحَّ الجمع بين الحديثين، والجمع أولى من الترجيح، والنسخ لا يصح مع إمكان الجمع. وفي حديث عقبة دليل على تأكد أمر الأضحية، وأن الإمام ينبغي أن يفرِّق الضحايا على من لا يقدر عليها من بيت مال المسلمين.

(4)

ومن باب: ما يختار في الأضحية

قوله: (أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، وينظر في سواد، ويبرك في سواد) أي: أمر بأن ينتخب له كبش على هذه الشِّيَة، ففيه ما يدل على أن المضحي ينبغي

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (م 2).

ص: 360

يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي المُديَةَ. ثُمَّ قَالَ: اشحَذِيهَا بِحَجَرٍ، فَفَعَلَت، ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الكَبشَ فَأَضجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: بِاسمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّل مِن مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ. ثُمَّ ضَحَّى بِهِ.

رواه أحمد (6/ 78)، ومسلم (1967)، وأبو داود (2792).

[1960]

وعَن أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى النبي صلى الله عليه وسلم بِكَبشَينِ أَملَحَينِ أَقرَنَينِ، ذبَحُهُمَا بِيَدِهِ، وسمى وكبر، ووضع رجله عَلَى صِفَاحِهِمَا.

ــ

له أن يختار الأفضل نوعًا، والأكمل خلقًا، والأحسن شِيَة. فالأقرن: الطويل القرن، وهو أفضل. ولا خلاف في جواز الأجم (1). واختلف في المكسورة القرن. فالجمهور على الجواز، وقد روى أبو داود عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُضحَّى بعضباء الأذن والقرن (2). وكرهه مالك إن كان يدمى؛ لأنَّه مرض، وأجازه إن لم يَدم. ومعنى:(يطأ في سواد) أي: أسود القوائم. (ويبرك في سواد) أي: في بطنه سواد. (وينظر في سواد) أي: ما حول عينيه أسود.

و(قوله: ضحَّى بكبشين أملحين أقرنين) اختلف في الأملح. فقال الأصمعي: هو الأبيض؛ لون الملح، ونحوه. قال ابن الأعرابي: هو النقي البياض. وقال غيرهما: الملحة من الألوان: بياض يخالطه سواد. يقال: كبش أملح إذا كان شعره خليسًا (3). هذا الذي حكاه في الصحاح، ولم يحك ما ذكر عن الأصمعي وابن الأعرابي.

و(المُدية): السكِّين، وتجمع: مُدى، كغرفة وغرف.

و(الشحذ): الحد، ومنه قوله:

(1)"الأجَمّ": ليس له قرن.

(2)

رواه أبو داود (2805).

(3)

أخلس الشعر، فهو مخلس وخليسٌ: استوى سواده وبياضه. وقيل: إذا كان سواده أكثر من بياضه.

ص: 361

وفي رواية: يقول: باسم الله والله أكبر.

رواه أحمد (3/ 115)، والبخاريُّ (5558)، ومسلم (1966)(17 و 18)، وأبو داود (2794)، والترمذيُّ (1494)، والنسائي (7/ 230)، وابن ماجه (3120).

* * *

ــ

فيا حَجَر الشَّحذِ حتَّى متى

تسن الحديدَ ولا تقطُع؟

وفيه الأمر بحدِّ آلة الذبح، كما قال في الحديث الآخر:(إذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وليحدَّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته (1). وهو من باب الرِّفق بالبهيمة بالإجهاز عليها، وترك التعذيب، فلو ذبح بسكين كالَّةٍ، أو بشيء له حدٌّ، وإن لم يكن مجهزًا بل مُعذِّبًا فقد أساء، ولكنه إن أصاب سنة الذبح؛ لم تحرم الذبيحة، وبئس ما صنع، إلا إذا لم يجد إلا تلك الآلة.

وفيه من الفقه: استحباب العدد في الأضاحي، ما لم يقصد المباهاة. وأن المضحِّي يلي ذبح أضحيته بنفسه؛ لأنَّه المخاطب بذلك، ولأنه من باب التواضع. وكذلك الهدايا، فلو استناب مسلمًا جاز. واختلف في الذمي، فأجاز ذلك عطاء ابتداءً. وهو أحد قولي مالك. وقال له في قول له آخر: لا يُجزئه، وعليه إعادة الأضحية. وكره ذلك جماعة من السلف، وعامة أئمة الأمصار، إلا أنهم قالوا: يجزئه إذا فعل.

وفيه: استحباب إضجاع الذبيحة، ولا تذبح قائمة، ولا باركة. وكذلك مضى العمل بإضجاعها على الشِّق الأيسر؛ لأنَّه أمكن من ذبحها.

وفيه: استحباب وضع الرِّجل على جانب عنق الذبيحة. وهو المعبر عنه بالصِّفاح. وصفحة كل شيء: جانبه وصفحه أيضًا، وإنما يستحب ذلك لئلا تضطرب الذبيحة

(1) رواه أحمد (4/ 123)، ومسلم (1955)، وأبو داود (2815)، والترمذي (1409)، والنسائي (7/ 227)، وابن ماجه (1370).

ص: 362

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فتَزِلَّ يدُ الذابح عند الذبح. وقد روي نهي عن ذلك، والصحيح: ما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم من وضعه رجله على صفاحهما.

وفيه من الفقه: التسمية؛ فإنَّه قال: باسم الله، والله أكبر. وقد اختلف في ذلك، فقال أبو ثور: التسمية متعينة كالتكبير في الصلاة. وكافة العلماء على استحباب ذلك. فلو قال ذكرًا آخر فيه اسم من أسماء الله وأراد به التسمية جاز، وكذلك لو قال: الله أكبر - فقط - أو: لا إله إلا الله، قاله ابن حبيب، فلو لم يرد التسمية لم تُجزئ عن التسمية، ولا تؤكل. قاله الشافعي، ومحمد بن الحسن. وكره كافة العلماء من أصحابنا، وغيرهم؛ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند التسمية في الذبح، أو ذكره، وقالوا: لا يذكر هنا إلا الله وحده. وأجاز الشافعي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند الذبح.

و(قوله: اللهم تقبَّل من محمدٍ، وآل محمدٍ، ومن أمة محمد) هذا دليلٌ للجمهور على جواز قول المضحِّي: اللهم تقبل مني. على أبي حنيفة؛ حيث كره أن يقول شيئًا من ذلك، وكذلك عند الذبح. وقد استحسنه بعض أصحابنا، واستحب بعضهم أن يقول ذلك بنص الآية:{رَبَّنَا تَقَبَّل مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} وكره مالك قولهم: اللهم منك، وإليك، وقال: هذه بدعة. وأجاز ذلك ابن حبيب من أصحابنا، والحسن.

قلت: وقد روى أبو داود من حديث جابر بن عبد الله قال: ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين موجئين (1)، أملحين، فلما وجههما قال:{إِنِّي وَجَّهتُ وَجهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ حَنِيفًا} وقرأ إلى قوله: {وَأَنَا أَوَّلُ المُسلِمِينَ} اللهم منك وإليك عن محمد وأمته، باسم

(1) مُوجَئَيْنِ: يُريد منزعيّ الأنثيين، والوِجاء: الخصاء. يقال: وجأت الدابة، فهي موجوءة: إذا خصيتها.

ص: 363

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الله، والله أكبر (1)، ثم ذبح. فهذا الحديث حجَّة للحسن وابن حبيب. وأما مالك: فلعل هذا الحديث لم يبلغه، أو لم يصحّ عنده، أو رأى: أن العمل يُخالفه. وعلى هذا يدلّ قوله: إنَّه بدعة.

وفيه من الفقه ما يدلّ على جواز تشريك الرجل أهل بيته في أضحيته، وأن ذلك يجزئ عنهم. وكافة علماء الأمصار على جواز ذلك. مع استحباب مالك أن يكون لكل واحدٍ من أهل البيت أضحية واحدة، وكان أبو حنيفة، وأصحابه، والثوري يكرهون ذلك. وقال الطحاوي: لا يجزئ. وزعم: أن الحديث في ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم منسوخ، أو مخصوص. وممن قال بالمنع: عبد الله بن المبارك.

قلت: وهذه المسألة فيها نظر، وذلك: أن الأصل أن كل واحد مخاطب بأضحية، وهذا متفق عليه، فكيف يسقط عنهم بفعل أحدهم؟ ! وقوله:(اللهم تقبَّل من محمد وآل محمد) ليس نصًّا في إجزاء ذلك عن أهل بيته، بل هو دعاء لمن ضحَّى بالقبول. ويدلُّ عليه قوله:(ومن أمة محمد)، وقد اتَّفق الكل: على أن أضحية النبي صلى الله عليه وسلم لا تجزئ عن أمته، ولو سُلِّم ذلك لكان يلزم عليه أن تجزئ أضحية النبي صلى الله عليه وسلم عن آل النبي صلى الله عليه وسلم حيث كانوا، وإن لم يكونوا في بيته، ثم يلزم عليه ألا يدخل أزواجه فيهم؛ فإنَّهم ليسوا آلًا له على الحقيقة اللغوية. وقد تقدَّم القول على آل النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة. والذي يظهر لي: أن الحجَّة للجمهور على ذلك: ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحَّى عن نسائه ببقرة، وروي: بالبقر. وأيضًا فلم يرو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر كل واحدة من نسائه بأضحية، ولو كان ذلك؛ لنقل، لتكرار سِنِي الضحايا عليهن معه، ولكثرتهن. فالعادة تقتضي أن ذلك لو كان؛ لنقل كما نقل غير ذلك من جزئيات أحوالهن، فدلَّ ذلك على أنَّه كان يكتفي بما يضحِّي عنه وعنهن. والله تعالى أعلم.

(1) رواه أبو داود (2795).

ص: 364

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد روى الترمذي عن عطاء بن يسار، قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان الرجل يضحِّي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون، ويطعمون، حتى تباهى الناس فيها كما ترى. قال: هذا حديث (1) حسن صحيح.

قال القاضي: وضبطُ من يصحُّ أن يُدخله الرجل في الأضحية عندنا بثلاث صفات:

أحدها: أن يكونوا من قرابته، وحكم الزوجين، وأمِّ الولد حكمهم عند مالك والكافة. وأباه الشافعي في أم الولد، وقال: لا أجيز لها، ولا للمكاتب، والمدبر، والعبد أن يضحُّوا.

والثاني: أن يكونوا في نفقته، وجبت عليه، أو تطوّع بها.

والثالث: أن يكونوا في بيته، ومساكنته غير نائين عنه، فإن انخرم شيء من هذه الشروط لم يصح اشتراكهم في ضحيَّته. قال: ولا يجوز عند جميعهم شركة جماعة في ضحية يشترونها، ويذبحونها عن أنفسهم، أو في هدي إذا كانوا أكثر من سبعة. واختلفوا فيما دونها. فمذهب الليث، ومالك: أن الشركة لا تجوز بوجهٍ فيها؛ كانت بدنة، أو بقرة، أو شاة، أَهدُوا أو ضحُّوا. وذهب جمهور العلماء من الحجازيين، والكوفيين، والشاميين: إلى جواز إشراك السبعة فما دون ذلك في البقرة، والبدنة، في الهدي والضحيَّة، ولا تجزئ شاة إلا عن واحد.

وقد حصل من مجموع حديث عائشة وأنس وجابر أن الأولى في الأضحية نهاية الكمال في الخلق والصّفة. وهو متفق عليه، وأن الوجاء ليس منقصا؛ لأنَّه وإن كان نقصان عضو، فإنَّه يصلح اللَّحم ويُطَيِّبُه. وقد قلنا: إن الطيب في الأضحية: هو المقصود الأول. وأما العيوب المُنقِّصة، فقال القاضي: أجمعوا أنَّ العيوب الأربعة المذكورة في حديث البراء (2)؛ من: المرض، والعجف، والعور،

(1) رواه الترمذي (1505).

(2)

رواه الترمذي (1497)، والنسائي (7/ 215 - 216)، وابن حبان (5919) الإحسان.

ص: 365

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والعرج، لا تجزئ بها الضحيَّة. وكذلك ما هو من نوعها أشنع، كالعمى، وقطع الرِّجل. واختلف فيما عدا ذلك. فذهب قومٌ: إلى أنها تجزئ بكل عيب غير هذه الأربعة؛ إذ لم ينصَّ النبي صلى الله عليه وسلم على غيرها، وهو موضع بيان. وبه قال بعض أئمتنا البغداديين. وذهب الجمهور إلى اعتبار ما كان نقصًا وعيبًا، ثم اختلفوا في أعيانها على ما ترتَّب في كتب الفقه.

قال: ولم يخرج البخاري، ولا مسلم حديث عيوب الضحايا؛ لأنَّه مما تفرَّد به عبيد بن فيروز عن البراء، ولا يُعرف إلا بهذا الحديث. وقد أدخله مالك في الموطأ لما صحبه عنده العمل من المسلمين، ولاتفاقهم على قبوله.

قلت: يعني القاضي: حديث البراء الذي خرَّجه مالك عن عمرو بن الحارث المصري عن عبيد بن فيروز، عن البراء بن عازب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: ماذا يُتَّقى من الضحايا؟ فأشار بيده وقال: (أربع .. .)، وذكر الحديث (1). وهذا الحديث صحيح، وانفراد الثقة به لا يضرُّه، وإنَّما لم يخرِّجه البخاري ولا مسلم؛ لأنَّه ليس على ما شرطاه في كتابيهما، وقد خرَّجه النسائي، والترمذي، وقال: حديث حسن، صحيح، غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبيد بن فيروز.

وكذلك خرَّج النسائي (2) أيضًا حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه من طرق قال فيه: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن، وألا نضحِّي بعوراء، ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا شَرقاء، ولا خَرقاء. وفي أخرى: ولا بتراء. وفي أخرى: ولا جدعاء. وصححه (3) الترمذي.

وقوله: أمرنا أن نستشرف العين والأذن. أي: نرفع نظرنا إلى ذلك، ونختار السالم من عيوب ذينك. ثم فسَّر ذلك

(1) رواه مالك في الموطأ (2/ 482).

(2)

رواه الترمذي (1498)، والنسائي (7/ 216 - 217).

(3)

رواه مالك في الموطأ (2/ 489) بلاغًا.

ص: 366