الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَحسِنُوا القِتلَةَ، وَإِذَا ذَبَحتُم فَأَحسِنُوا الذَّبحَ، وَليُحِدَّ أَحَدُكُم شَفرَتَهُ، وليُرِح ذَبِيحَتَهُ.
رواه أحمد (4/ 123)، ومسلم (1955)، وأبو داود (2815)، والترمذي (1409)، والنسائي (7/ 227)، وابن ماجه (1370).
* * *
(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف
[1855]
عن هِشَامَ بنَ زَيدِ بنِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلتُ مَعَ جَدِّي أَنَسِ بنِ مَالِكٍ دَارَ الحَكَمِ بنِ أَيُّوبَ، فَإِذَا قَومٌ قَد نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرمُونَهَا، قَالَ: فَقَالَ أَنَسٌ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَن تُصبَرَ البَهَائِمُ.
رواه البخاري (5513)، ومسلم (1956)، وأبو داود (2816)، والنسائي (7/ 238).
ــ
كأنَّ بين فَكها والفَكِّ
…
فأرةَ مِسكٍ ذُبِحت في سُكِّ (1)
وإحسان الذبح في البهائم: الرفق بالبهيمة، فلا يصرعها بعنف، ولا يجرُّها من موضع إلى موضع، وإحداد الآلة، وإحضار نيَّة الإباحة، والقُربَة، وتوجيهها إلى القبلة، والتَّسمية، والإجهاز، وقطع الودجين والحلقوم، وإراحتها، وتركها إلى أن تبرد، والاعتراف لله تعالى بالمنَّة، والشكر له على النعمة بأنه سخر لنا ما لو
(1) السُّك: ضرب من الطيب يُضاف إلى غيره من الطيب.
[1856]
وعَن ابنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تَتَّخِذُوا شَيئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا.
رواه أحمد (1/ 280)، ومسلم (1957)، والترمذيُّ (1475)، والنسائي (7/ 238)، وابن ماجه (3187).
[1857]
وعَن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ قَالَ: مَرَّ ابنُ عُمَرَ بِنَفَرٍ قَد نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرمَونَهَا.
وفي رواية: قَد جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِن نَبلِهِم، فَلَمَّا رَأَوا ابنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عنها. فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: مَن فَعَلَ هَذَا؟ لَعَن اللَّهُ مَن فَعَلَ هَذَا. إن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا.
وفي رواية: لَعَنَ مَن اتَّخَذَ شَيئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا
رواه البخاريُّ (5515)، ومسلم (1958)، والنسائي (7/ 238).
ــ
شاء لسلطه علينا، وأباح لنا ما لو شاء لحرَّمه علينا. وقال ربيعة: من إحسان الذبح: ألا تذبح بهيمة، وأخرى تنظر. وحكي جوازه عن مالك. والأوَّل أولى.
ثم قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قتلتم فأحسنوا القِتلَة) يحمل على عمومه في كل شيء من التذكية، والقصاص، والحدود، وغيرها، وليجهز في ذلك، ولا يقصد التعذيب.
ونهيه عن صبر البهائم مفسَّر في حديث ابن عباس حيث قال: (لا تتخذوا شيئًا فيه الرُّوح غرضًا). وأصل الصَّبرِ: الحبس. وقد تقدم في الأيمان. وهذا النَّهي على ظاهره من التحريم. وقد دلَّ على ذلك: لَعنُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِمَن فعل ذلك، كما في حديث ابن عمر. و (خاطئة النبل) هي: التي لا تُصيب. وظاهره: أن الذي جُعِل لصاحب الطير أن يأخذه السَّهم. ويحتمل: أن يكون الذي جُعِل له جُعلا غيرُ ذلك على المخطئ كُلَّما أخطأ، وكل ذلك قِمَارٌ لا يجوز. و (الخَذفُ)
[1858]
وعن جَابِر قال: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَن يُقتَلَ شَيءٌ مِن الدَّوَابِّ صَبرًا.
رواه مسلم (1959).
[1859]
وعَن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ أَنَّ قَرِيبًا لِعَبدِ اللَّهِ بنِ مُغَفَّلٍ خَذَفَ؛ قَالَ: فَنَهَاهُ وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن الخَذفِ وَقَالَ: إِنَّهَا لَا تَصِيدُ صَيدًا، وَلَا تَنكَأُ عَدُوًّا، وَلَكِنَّهَا تَكسِرُ السِّنَّ وَتَفقَأُ العَينَ. قَالَ: فَعَادَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنهُ، ثُمَّ تَخذِفُ! لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا! .
رواه أحمد (4/ 86)، والبخاريُّ (5479)، ومسلم (1954)(54)، والنسائي (8/ 47)، وابن ماجه (3227).
* * *
ــ
بالخاء المعجمة بواحدة من فوقها: الرَّمي بالحجر. وبالحاء المهملة: الضرب بالعصا.
و(قوله: إنها لا تصيد صيدًا) أي: لا يحلُّ ما يُصادُ بالبُندُق، ولا الحَجَرِ؛ لأنَّه ليس بمحددٍ، ولا سلاح.
و(قوله: لا تَنكَأ عدوًّا) المشهور في هذا الحرف عند أكثر الرواة: الهمز، وكذلك قيدته ورويته، وهو من: نكأت القرحة، وفيه بُعدٌ. وقد وقع في بعض النسخ لبعض الرواة:(لا تُنكِي) بغير همز، من: نكاية العدو. وهو هنا أشبه، وأوجه، غير أن صاحب العين (1) قد حكى عن قوم من العرب: أنهم يقولون: نكأت العدوّ. فعلى هذا تتمشى الرواية المشهورة.
و(قول عبد الله للخاذف بعد التحذير: لا أُكلِّمك أبدًا) دليلٌ على هجران من خالف الشرع على علمٍ تأديبًا لهم، وزجرًا، حتى يرجعوا. والله تعالى أعلم.
(1) هو الخليل بن أحمد الفراهيدي.