الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام
[1955]
عن جَابِر بن عَبدِ اللَّهِ قال: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَومَ النَّحرِ بِالمَدِينَةِ، فَتَقَدَّمَ رِجَالٌ فَنَحَرُوا، وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَد نَحَرَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَن كَانَ نَحَرَ قَبلَهُ أَن يُعِيدَ بِنَحرٍ آخَرَ، وَلَا يَنحَرُوا حَتَّى يَنحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
رواه مسلم (1964)(14).
* * *
(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن
[1956]
عَن جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَذبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَن يَعسُرَ عَلَيكُم فَتَذبَحُوا جَذَعَةً مِن الضَّأنِ.
رواه أحمد (3/ 312)، ومسلم (1963)، وأبو داود (2797)، والنسائي (7/ 218)، وابن ماجه (3141).
ــ
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن الجذع من الضأن يَجزِي في الأضحية. فأمَّا الجذع من المعز، فلا يَجزِي لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة:(لا تَجزِي عن أحدٍ بعدك).
قال القاضي عياض: وقد أجمع العلماء على الأخذ بحديث أبي بردة، وأنَّه لا يَجزي الجذع من المعز، فإن لم يتمكَّن إلا من الجذع من الضأن كان نعم الأضحية، كما قال صلى الله عليه وسلم. ويعني بالمسنَّة: الكبيرة، وأوَّل ذلك: الثني، وهو المعني هنا، فإنَّها أطيب لحمًا مما قبلها، وأسرع نضجًا مما بعدها. والله تعالى أعلم.
و(قوله: إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن) دليل: على أنَّه
[1957]
وعَن عُقبَةَ بنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ قَالَ: قَسَمَ فينا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَايَا، فَأَصَابَنِي جَذَعٌ، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ أَصَابَنِي جَذَعٌ؟ فَقَالَ: ضَحِّ بِهِ.
وفي رواية: (عتود) بدل (جذع).
رواه أحمد (4/ 449)، والبخاري (5555)، ومسلم (1965)(15 و 16)، والترمذيُّ (1500)، والنسائي (7/ 218)، وابن ماجه (3138).
[1958]
وعَن البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ: أَنَّ خَالَهُ أَبَا بُردَةَ بنَ نِيَارٍ ذَبَحَ قَبلَ أَن يَذبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا يَومٌ اللَّحمُ فِيهِ مَكرُوهٌ، وَإِنِّي عَجَّلتُ نَسِيكَتِي لِأُطعِمَ أَهلِي وَجِيرَانِي وَأَهلَ دَارِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَعِد نُسُكًا. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِندِي عَنَاقَ لَبَنٍ، هِيَ
ــ
لا يجوز في الأضحية الجذع من المعز، ولا من البقر، ولا من الإبل. وهو قول أهل العلم. وإنَّما اختلف في إجزاء الجذعة من الضأن كما قلناه آنفًا.
و(قوله: إن هذا يومٌ اللحم فيه مكروه) قال القاضي: هكذا رويناه بالهاء والكاف من طريق الفارسي، والسجزي، وكذا ذكره الترمذي، ورويناه من طريق العذري:(مقروم) بالقاف والميم.
قلت: وهذه الرواية هي الصواب الواضح. ومعناها: أن اللحم في هذا اليوم تتشوَّف النفوس إليه لشهوتها. يقال: قَرِمتُ إلى اللحم، وقَرِمتُه: إذا اشتهيته، أَقرُمُ قرمًا. وأما رواية مكروه: ففيها بُعد. وقد تكلَّف لها بعضهم ما لا يصحّ رواية ولا معنى، فقال: صوابه: اللَّحم - بفتح الحاء - قال: ومعناه: أن يترك أهله بلا لحم حتى يشتهوه. و (اللَّحم) -بالفتح -: شهوة اللحم. فانظر مع هذا التكلُّف القبيح كيف لا يظهر منه معنى صحيح. وقال آخر: معنى: (اللحم فيه مكروه) أي:
خَيرٌ مِن شَاتَي لَحمٍ. فَقَالَ: هِيَ خَيرُ نَسِيكَتَيكَ، وَلَا تَجزِي جَذَعَةٌ عَن أَحَدٍ بَعدَكَ.
رواه مسلم (1961)(5)، والترمذيُّ (1508)، والنسائي (7/ 222).
* * *
ــ
لمخالفته السنة، كما قال في الحديث الآخر:(شاتك شاة لحم)(1).
قلت: وهذا من قول من لم يتأمل مساق الحديث (2)، فإنَّ هذا التأويل ليس ملائمًا له، ولا موافقًا لمعناه؛ إذ لا يستقيم أن يقول: إن هذا اليوم اللحم فيه مخالف للسنة، وإني عجلت نسيكتي لأطعم أهلي. وهذا فاسد. وأقرب ما يتكلّف لهذه الرواية وأنسبه: أن يقال: إن معناه: اللحم فيه مكروه التأخير. فحذف التأخير، وهو يريده. ويشهد لهذا قوله بعده متصلًا به:(وإني عجلت نسيكتي لأطعم أهلي وجيراني). وهذا مناسب لما قدَّرناه من المحذوف. والله تعالى أعلم.
و(قوله: هي خير نسيكتيك) سَمَّى ما ذبح قبل الصلاة نسيكة بحسب توهُّم الذابح وزعمه، وذلك: أنه إنما ذبحها في ذلك الوقت بنيَّة النسك، وبعد ذلك بيَّن له النبي صلى الله عليه وسلم: أنها ليست نسكًا شرعًا؛ لما قال: (من ذبح قبل الصلاة، فإنما هو لحم عجله لأهله، ليس من النُّسك في شيء).
وقول عقبة: (قسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحايا فأصابني جذع، فقلت: يا رسول الله! أصابني جذع، فقال: ضحِّ به). وفي الرواية الأخرى: (عَتُود) هذه الرواية تدلُّ على أن الجذع المذكور في حديث عقبة هو من المعز، فإنَّ العَتُود إنما هو بأصل وضعه اسم لما رعى وقَوِي من أولاد المعز، وأتى عليه حول. هذا هو المعروف في اللغة، وعلى هذا: فيكون هذا الحديث معارضًا لحديث
(1) رواه البخاري (5557)، ومسلم (1961)(9).
(2)
ما بين حاصرتين ساقط من (م 2).