الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد
[1830]
عَن عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَرسَلتَ كَلبَكَ، فَاذكُر اسمَ اللَّهِ، فَإِن أَمسَكَ عَلَيكَ فَأَدرَكتَهُ حَيًّا فَاذبَحهُ، وَإِن أَدرَكتَهُ قَد قَتَلَ وَلَم يَأكُل مِنهُ فَكُلهُ، وَإِن وَجَدتَ مَعَ كَلبِكَ كَلبًا غَيرَهُ وَقَد قَتَلَ، فَلَا تَأكُل، فَإِنَّكَ لَا تَدرِي أَيُّهُمَا قَتَلَهُ، وَإِن رَمَيتَ سَهمَكَ فَاذكُر اسمَ اللَّهِ، فَإِن غَابَ عَنكَ يَومًا فَلَم تَجِد فِيهِ إِلَّا أَثَرَ سَهمِكَ فَكُل إِن شِئتَ، وَإِن وَجَدتَهُ غَرِيقًا فِي المَاءِ فَلَا تَأكُل.
ــ
وذهبت طائفة أخرى إلى جواز أكل ما أكل الكلب منه. منهم: ابن عمر، وسعد بن مالك، وسلمان، وبه قال مالك، متمسكين بحديث أبي ثعلبة الخشني الذي خرجه أبو داود وغيره. قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم:(إذا أرسلت كلبك المعلَّم، وذكرت اسم الله فكل، وإن أكل منه). وقد روي مثل حديث أبي ثعلبة عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وروي أيضًا من طرق متعدِّدة عن عدي بن حاتم مثله، والأشهر عنه: الحديث الأول، وقد رام بعض أصحابنا الجمع بين حديثي: عدي بن حاتم، وأبي ثعلبة؛ بأن حملوا حديث النَّهي على التنزيه، والورع، وحديث الإباحة على الجواز. وقالوا: إن عديًّا كان موسَّعًا عليه، فأفتاه بالكف ورعًا، وأبو ثعلبة كان محتاجًا فأفتاه بالجواز، والله تعالى أعلم. وقد دلَّ على صحة هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم:(فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه).
وقد روي عن قوم من السَّلف التفرقة بين ما أكل منه الكلب فمنعوه، وبين ما أكل منه البازي فأجازوه. وبها قال النخعي، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، وأصحابه. وحكي ذلك عن ابن عباس، وفيها ضعفٌ وبُعدٌ، والله تعالى أعلم.
وفي رواية: فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك.
رواه مسلم (1929)(6) و (7).
[1831]
وعن أَبِي ثَعلَبَةَ الخُشَنِيِّ قَالَ: أَتَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرضِ قَومٍ أَهلِ كِتَابِ، نَأكُلُ فِي آنِيَتِهِم، وَأَرضِ صَيدٍ أَصِيدُ بِقَوسِي، وَأَصِيدُ بِكَلبِي المُعَلَّمِ، أَو بِكَلبِي الَّذِي لَيسَ بِمُعَلَّمٍ، فَأَخبِرنِي مَا الَّذِي يَحِلُّ لَنَا مِن ذَلِكَ؟ قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرتَ أَنَّكُم بِأَرضِ قَومٍ أَهلِ كِتَابِ تَأكُلُونَ فِي آنِيَتِهِم، فَإِن وَجَدتُم غَيرَ آنِيَتِهِم فَلَا تَأكُلُوا فِيهَا، وَإِن لَم تَجِدُوا فَاغسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا، وَأَمَّا مَا ذَكَرتَ أَنَّكَ بِأَرضِ صَيدٍ، فَمَا أَصَبتَ بِقَوسِكَ فَاذكُر اسمَ اللَّهِ ثُمَّ كُل، وَمَا أَصَبتَ بِكَلبِكَ المُعَلَّمِ فَاذكُر اسمَ اللَّهِ ثُمَّ كُل، وَمَا أَصَبتَ بِكَلبِكَ الَّذِي لَيسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدرَكتَ ذَكَاتَهُ فَكُل.
وفي رواية: إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته فكل ما لم ينتن.
ــ
و(قوله: فإنك لا تدري الماء قتله، أم سهمك) دليل على أن المشاركة في قتل الصيد لا تضر إذا تحقق: أن سهمه، أو جارحه قتله، وكذلك إذا أصابه السهم في الهواء، فسقط، أو تردَّى من جبل، لكن هذا إنما يتحقق إذا وجد السهم، أو الجارح قد أنفذ مقاتله، فحينئذ لا تضرُّ المشاركة، فلو لم يعلم ذلك حرم الأكل على نصَّ هذا الحديث؛ خلافًا للشافعي، فإنَّه قال فيما رمي في الهواء، فسقط ميتًا، ولم يُدر مِمَّ مات: إنه يؤكل. وقاله أبو ثور، وأصحاب الرأي. قال ابن المنذر: وروى ابن وهب عن مالك نحو قول هؤلاء.
قلت: والصحيح الأول، وهو المشهور من قول مالك. وهو قول الجمهور. وهو الذي يظهر من هذا الحديث.
و(قوله: ما لم يُنتن) هو رباعي مضموم الأول، من: أنتن الشيء: إذا