الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(30) كتاب الأدب
(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه
[2041]
عَن ابنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَحَبَّ أَسمَائِكُم إِلَى اللَّهِ، عَبدُ اللَّهِ وَعَبدُ الرَّحمَنِ.
رواه مسلم (2132).
ــ
(30)
كتاب الأدب
(1)
ومن باب: أحب الأسماء إلى الله تعالى وأبغضها إليه
قوله: (أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن) إنما كانت هذه الأسماء أحبُّ إلى الله تعالى؛ لأنها تضمَّنت ما هو وصف واجب للحق تعالى، وهو: الإلهية، والرحمانية، وما هو وصف الإنسان وواجب له، وهو: العبودية والافتقار، ثمَّ قد أضيف العبد الفقير للإله الغني إضافة حقيقيَّة. فصدقت أفراد هذه الأسماء الأصلية، وشرفت بهذه الإضافة التركيبية، فحصلت لهما هذه الأفضلية الأحبيَّة. ويلحق بهذين الاسمين كل ما كان مثلهما، مثل: عبد الملك، وعبد الصمد، وعبد الغني.
[2042]
وعَن أَبِي هُرَيرَةَ: عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَخنَعَ اسمٍ عِندَ اللَّهِ،
ــ
و(قوله: إن أخنع اسم عند الله) أي: أذلَّ. والخنوع: الخضوع والذلُّ. يقال: أخنعتني إليك الحاجة. ومنه في دعاء القنوت: (ونخنع لك)(1) أي: نذل لك ونخضع. وقد يقال على الفجور والرِّيبة. يقال: رجل خانع؛ أي: مريب فاجر. ومنه قول الأعشى:
. . . . . . . . . . . .
…
ولا يرون إلى جاراتهم خُنُعًا (2)
قلت: وهذا راجعٌ للمعنى الأول؛ لأنَّ الفاجر المريب خانع ذليل. ولذلك فسَّر أبو عمرو: أخنع بأوضع؛ أي: أذل وأخس. وأراد بالاسم هنا: المسمى، بدليل ما قال في الرواية الأخرى: أغيظ رجل، وأخبثه.
والغيظ المضاف إلى الله تعالى هو: عبارة عن غضبه. وقد تقدَّم: أن غضب الله تعالى عبارة عن عقوبته المنزلة بمن يستحقها. والأخبث: من الخبث، وهو: الاسترذال، والخِسَّة، والرَّداءة. وقد وقع في هذه الرواية: وأغيظه. معطوفًا على أخبثه، من الغيظ، فجاء مكررًا. فذهب بعض العلماء إلى أن ذلك وهم، والصواب: وأغنط - بالنون والطاء المهملة (3) -؛ أي: أشدُّ. والغَنَط: شدة الكرب.
قلت: والصواب التمسك بالرِّواية. وتطريق الوهم إلى الأئمة الحفاظ وهم لا تنبغي المبادرة إليه ما وجد للكلام وجه، ويمكن أن يحمل على إفادة تكرار
(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 210 و 211) بلفظ: "نخضع لك".
(2)
هذا عجز البيت، وصدره: هُمُ الخَضارِمُ إن غابُوا وان شَهِدُوا.
(3)
كذا في كل النسخ، ولعلها:(والظاء المعجمة) وهو الصحيح. وجاء في النهاية في مادة (غيظ): ولعله أغنظ -بالنون- من الغَنْظ، وهو شدَّة الكرب، ولم نجد في اللسان ولا غيره من معاجم اللغة مادة (غنظ).
رَجُلٌ يسَمَّى مَلِكَ الأَملَاكِ، لا مالك إلا الله. قَالَ سُفيَانُ: مِثلُ: شَاهَان شَاه.
وفي رواية: أَغيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَومَ القِيَامَةِ، وَأَخبَثُهُ وَأَغيَظُهُ عَلَيهِ، رَجُلٍ كَانَ يُسَمَّى مَالِكَ الأَملَاكِ، لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ.
رواه البخاري (6206)، ومسلم (2143)(20 و 21)، وأبو داود (4961)، والترمذيُّ (2839).
* * *
ــ
العقوبة على المسمى بذلك الاسم وتعظيمها، كما قال تعالى في حق اليهود:{فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} أي: بما يوجب العقوبة بعد العقوبة. وكذلك فعل الله تعالى بهم؛ عاقبهم في الدنيا بأنواعٍ من العقوبات، ولعذاب الآخرة أشقُّ.
وحاصل هذا الحديث: أن المسمى بهذا الاسم قد انتهى من الكبر إلى الغاية التي لا تنبغي لمخلوق، وأنه قد تعاطى ما هو خاص بالإله الحق؛ إذ لا يَصدُق هذا الاسم بالحقيقة إلا على الله تعالى، فعوقب على ذلك من الإذلال، والإخساس، والاسترذال بما لم يعاقب به أحدٌ من المخلوقين.
و(الملك): من له المُلكُ. و (المالك): من له المِلكُ. والملِكُ أمدحُ، والمالك أخصُّ. وكلاهما واجب لله تعالى.
و(الأملاك): جمع مَلِك. قال في الصحاح: الملِك - مقصور - من: مالك أو: مليك. والجمع: الملوك والأملاك، والاسم: الملك.
وقول سفيان: مثل: شاهًا شاه (1)، هي بالفارسية: ملك الأملاك.
(1) في (ز): شاهان شاه. وفي (ع): شاهنشاه. وفي (ج 2) و (م 3): شاهانشاه.