المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

[2163]

عن أبي هُرَيرَةَ قَالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا طِيَرَةَ، وَخَيرُهَا الفَألُ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الفَألُ؟ قَالَ: الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسمَعُهَا أَحَدُكُم.

رواه أحمد (2/ 266)، والبخاريُّ (2755)، ومسلم (2223)(110).

ــ

أحدها: النسيان المتقدّم، كما قال أبو سلمة.

وثانيها: أنهما لما كانا خبرين متغايرين (1) لا ملازمة بينهما جاز للمحدِّث أن يحدِّث بأحدهما ويسكت عن الآخر حسبما تدعو إليه الحاجة الحالية.

وثالثها: أن يكون خاف اعتقاد جاهل يظنهما متناقضين، فسكت عن أحدهما، حتى إذا أمن من ذلك حدَّث بهما جميعًا.

ورابعها: أن يكون حمله على ذلك وجه غير ما ذكرناه لم يطَّلع عليه أحدًا.

وعلى الجملة: فكل ذلك محتمل، غير أن الذي يقطع بنفيه النسخ على ما قرَّرناه، والله أعلم.

(18)

ومن باب: الفأل الصالح

قوله صلى الله عليه وسلم لا طيرة، وخيرها الفأل، حاصل الطيرة أن يسمع الإنسان قولًا أو يرى أمرًا يخاف منه ألا يحصل له غرضه الذي قصد تحصيله، والفأل نقيض ذلك، وهو أن يسمع الإنسان قولًا حسنًا أو يرى شيئًا يستحسنه يرجو منه

(1) في (ز) و (م 2): متعارضين.

ص: 626

[2164]

ونحوه عن أنس.

رواه البخاريُّ (5756 و 5776)، ومسلم (2204)(111 و 112)، وأبو داود (3916)، والترمذيُّ (1615).

ــ

أن يحصل له غرضه الذي قصد تحصيله، وهذا معنى ما فسَّر به النبي صلى الله عليه وسلم الفأل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الطيرة ويعجبه الفأل.

وروى الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لحاجته يعجبه أن يسمع: يا راشد! يا نجيح! وهو حديث حسن (1) صحيح غريب (2).

وروى أبو داود عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث غلامًا سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فرح به ورُئي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمه رُئي كراهية ذلك في وجهه، وإذا دخل قرية سأل عن اسمها فإذا أعجبه اسمها فرح بها ورُئي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمها رُئي كراهية ذلك في وجهه صلى الله عليه وسلم (3).

وروى قاسم بن أصبغ عن بريدة بن حصيب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير، ولكن يتفاءل، فركب بريدة في سبعين راكبًا من أهل بيته من بني سهم يتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ ، فقال: بريدة. فالتفت إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: برد أمرنا وصلح، ثم قال: ممن؟ ، قال: من أسلم. قال لأبي بكر: سلمنا، ثم قال: ممن؟ ، قال: من بني سهم. قال: خرج سهمنا (4) - وذكر الحديث.

وإنما كان يعجبه الفأل لأنَّه تنشرح له النفس وتستبشر بقضاء الحاجة وبلوغ الأمل، فيحسُن الظَّن بالله عز وجل، وقد قال الله تعالى: أنا عند ظن

(1) زيادة من (ز) و (م 3).

(2)

رواه الترمذي (1616).

(3)

رواه أبو داود (3920).

(4)

رواه ابن عبد البر في الاستيعاب (1/ 174) بهامش الإصابة، وذكره ابن الأثير في أسد الغابة (1/ 396).

ص: 627

[2165]

وعَن عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا عَدوَى وَلَا طِيَرَةَ، إِنَّمَا الشُّؤمُ فِي ثَلَاثَةٍ: المَرأَةِ، وَالفَرَسِ، وَالدَّارِ.

رواه البخاريُّ (5753 و 5772)، ومسلم (2225)(116)، وأبو داود (3922)، والترمذي (2825)، والنسائي (6/ 220)، وابن ماجه (86).

ــ

عبدي بي (1)، وإنما كان يكره الطيرة لأنَّها من أعمال أهل الشرك ولأنها تجلب ظن السوء بالله تعالى، كما قد روى أبو داود عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الطيرة شرك - ثلاثا - وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل (2)؛ أي: من اعتقد في الطيرة ما كانت الجاهلية تعتقده فيها فقد أشرك مع الله تعالى خالقًا آخر، ومن لم يعتقد ذلك فقد تشبَّه بأهل الشرك، ولذلك قال وما منا أي: ليس على سنتنا.

وقوله إلا هي إلا الاستثنائية، ومعنى ذلك أن المتطيِّر ليس على سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يمضي لوجهه ويعرض عنها، غير أنه قد لا يقدر على الانفكاك (3) عنها بحيث لا تخطر له مرة واحدة، فإنَّ إزالة تأثيرها من النفوس لا تدخل تحت استطاعتنا، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاوية بن الحكم - لما قال له: ومنا رجال يتطيَّرون - فقال: ذلك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدَّهم، وفي بعض النسخ فلا يضرَّهم، لكنه إذا صحَّ تفويضه إلى الله تعالى وتوكله عليه وداوم على ذلك أذهب الله تعالى ذلك عنه، ولذلك قال: ولكن الله يذهبه بالتوكل (4)، وقد روى أبو أحمد بن عدي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا تطيرتم فامضوا، وعلى الله فتوكلوا (5).

(1) رواه أحمد (3/ 491)، وابن حبان (633) الإحسان.

(2)

رواه أبو داود (3910)، وابن ماجه (3538).

(3)

في (م 2): الانكفاف.

(4)

رواه أحمد (5/ 447)، ومسلم (537)، وأبو داود (930) و (3282).

(5)

رواه ابن عدي في الكامل (4/ 1523) وإسناده لين. انظر الفتح (12/ 323).

ص: 628

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والشؤم نقيض اليمن، وهو من باب الطيرة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: لا طيرة، إنما الشؤم في ثلاثة: المرأة، والفرس، والدار، وقد تخيل بعض أهل العلم أن التطيُّر بهذه الثلاثة مستثنى من قوله لا طيرة وأنه مخصوص بها، فكأنه قال: لا طيرة إلا في هذه الثلاثة، فمن تشاءم بشيء منها نزل به ما كره من ذلك. وممن صار إلى هذا القول ابن قتيبة، وعضد هذا بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: الطيرة على من تطيَّر (1)، وقال أبو عبد الله: إن مالكًا أخذ بحديث الشؤم في الدار والمرأة والفرس وحمله على ظاهره ولم يتأوَّله، فذكر في كتاب الجامع من العتبية (2) أنه قال: ربَّ دار سكنها قوم فهلكوا، وآخرون بعدهم فهلكوا - وأشار إلى حمل الحديث على ظاهره. ويعضد هذا حديث يحيى بن سعيد قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، دار سكنَّاها والعدد كثير والمال وافر، فذهب العدد وقلَّ المال (3)! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوها ذميمة (4).

قلت: ولا يظن بمن قال هذا القول أن الذي رخص فيه من الطيرة بهذه الأشياء الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقد فيها وتفعل عندها، فإنَّها كانت لا تقدم على ما تطيرت به ولا تفعله بوجه بناء على أن الطيرة تضر قطعًا، فإنَّ هذا ظن خطأ، وإنما يعني بذلك أن هذه الثلاثة أكثر ما يتشاءم الناس بها لملازمتهم إياها، فمن وقع في نفسه شيء من ذلك فقد أباح الشرع له أن يتركه

(1) رواه ابن حبان (6123) من حديث أنس.

(2)

"العتبية": نسبة إلى مصنِّفها فقيه الأندلس: محمد بن أحمد العتبي القرطبي (ت 254 هـ) وهو مسائل في مذهب الإمام مالك.

(3)

في (ج 2): فقل العدد، وذهب المال.

(4)

رواه البيهقي (8/ 140).

ص: 629

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويستبدل به غيره مما تطيب به نفسه ويسكن له خاطره، ولم يُلزمه الشرع أن يقيم في موضع يكرهه أو مع امرأة يكرهها، بل قد فسح له في ترك ذلك كله، لكن مع اعتقاد أن الله تعالى هو الفعَّال لما يريد وليس لشيء من هذه الأشياء أثر في الوجود، وهذا على نحو ما ذكرناه في المجذوم. فإن قيل: فهذا يجري في كل متطير به، فما وجه خصوصية هذه الثلاثة بالذكر؟ فالجواب ما نبَّهنا عليه من أن هذه ضروريَّة في الوجود ولا بدَّ للإنسان منها ومن ملازمتها غالبًا، فأكثر ما يقع التشاؤم بها فخصَّها بالذكر لذلك، فإن قيل (1): فما الفرق بين الدار وبين موضع الوباء؟ فإنَّ الدار إذا تطير بها فقد وسع له في الارتحال عنها، وموضع الوباء قد منع من الخروج منه! فالجواب ما قاله بعض أهل العلم: إن الأمور بالنسبة إلى هذا المعنى ثلاثة أقسام؛

أحدها: ما لم يقع التأذي به ولا اطَّردت عادة به خاصة ولا عامَّة، لا نادرة ولا متكررة، فهذا لا يصغى إليه، وقد أنكر الشرع الالتفات إليه، كلقي غراب في بعض الأسفار، أو صراخ بومة في دار، ففي مثل هذا قال صلى الله عليه وسلم: لا طيرة (2) ولا تطيَّروا، وهذا القسم هو الذي كانت العرب تعتبره وتعمل عليه مع أنَّه ليس في لقاء الغراب ولا دخول البومة دارًا ما يشعر بأذى ولا مكروه، لا على جهة الندور ولا التكرار.

وثانيها: ما يقع به الضرر ولكنه يعمُّ، ولا يخص ويندر، ولا يتكرر، كالوباء، فهذا لا يقدِّم عليه عملًا بالحزم والاحتياط، ولا يُفَرُّ منه لإمكان أن يكون قد وصل الضَّرر إلى الفارِّ فيكون سفره سببا في محنته وتعجيلًا لهلكته كما قدمناه.

(1) ما بين حاصرتين سقط من (ع).

(2)

سبق تخريجه قبل قليل.

ص: 630

[2166]

وعنه، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: إِن يَكُن مِن الشُّؤمِ شَيءٌ حَقّا فَفِي الفَرَسِ وَالمَرأَةِ وَالدَّارِ.

رواه البخاريّ (5094)، ومسلم (2225)(117).

[2167]

وعن جابر بن عبد الله، عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن كَانَ فِي شَيءٍ فَفِي الرَّبعِ وَالخَادِمِ وَالفَرَسِ

رواه مسلم (2227)(120)، والنسائي (6/ 220).

* * *

ــ

وثالثها: سببٌ يخص ولا يعم، ويلحق منه الضرر بطول الملازمة كالدار والفرس والمرأة، فيباح له الاستبدال والتوكل على الله تعالى، والإعراض عما يقع في النفوس منها من أفضل الأعمال، وقد وضح الجواب، والله الموفق للصواب.

وقد سلك العلماء في تأويل ذلك الحديث أوجهًا أخر؛

منها: أن بعضهم قال: إنما هذا منه صلى الله عليه وسلم خبر عن غالب عادة ما يتشاءم به لا أنه خبر عن الشرع، وهذا ليس بشيء؛ لأنَّه تعطيل لكلام الشارع عن الفوائد الشرعية التي لبيانها أرسله الله سبحانه وتعالى، ومنهم من تأوَّل الشؤم المذكور في هذه الثلاثة فقال: الشؤم في المسكن ضيقه وسوء جيرانه، وفي المرأة سوء خلقها وألا تلد، وفي الفرس جماحه وألا يُغزى عليه. وهذا المعنى لا يليق بالحديث، ونسبته إلى أنه هو مراد الشرع من فاسد الحديث، وما ذكرناه أولى، والله تعالى أعلم.

وقوله إن يكن من الشؤم شيء حقًّا ففي الفرس والمرأة والدار، وفي اللفظ الآخر إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس، مقتضى هذا

ص: 631