الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ بِهِ أَن يُرجَمَ حَتَّى يَمُوتَ، فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ.
رواه مسلم (1672).
* * *
(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض
[1765]
عَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ قَالَ: قَاتَلَ يَعلَى بنُ مُنيَةَ - أَو ابنُ أُمَيَّةَ - رَجُلًا، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَانتَزَعَ يَدَهُ مِن فَمِهِ فَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، - وفي
ــ
و(قوله: فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجم حتى يموت، فرجم حتى مات) هذا مخالف لمساق الرِّواية الأولى، فلذلك قيل في هذا: إنَّها قضية أخرى غير تلك. والأولى: أن القضية واحدة، غير أن الرَّاوي عبَّر عن رض رأس اليهودي بالحجارة بالرَّجم. ولا بُعد في ذلك؛ فإنَّه من تسمية الشيء بما يشبهه.
(4)
ومن باب: من عَضَّ يد رَجُلٍ
(قوله: قاتل يعلى بن أمية - أو: ابن مُنيَة - رجلًا) كذا صواب هذا اللفظ. وصحيح مُنيَة: بميم مضمومة، ونون ساكنة، وياء باثنتين من تحتها. وهي امرأة، وبها كان يُعرف. واختلف فيها؛ هل كانت أمُّه، أو جدَّته؟ قال أبو الحسن الدارقطني (1): مُنيَة بنت الحارث هي جدة يعلى، وبها كان يعرف. قاله الزبير بن بكَّار. وقال أهل الحديث: يقولون: هي أمَّه، وأنها مُنيَة بنت غزوان. وقال الطبري: يعلى بن أمية، أمُّه: مُنيَة بنت جابر. ومن قال: (مُنَبِّه) بنون مفتوحة، وباء مكسورة بواحدة تحتها فقد صحَّف؛ قاله القاضي عياض.
(1) المؤتلف والمختلف (3/ 1506).
رواية: ثَنِيَّتَيهِ - فَاختَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيَعَضُّ أَحَدُكُم كَمَا يَعَضُّ الفَحلُ؟ لَا دِيَةَ لَهُ.
وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تأمرني؟ تأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل؟ ادفع يدك حتى يقضمها، ثم انتزعها.
ــ
قلت: ويُعرف أيضًا بأبيه، وقد صحَّت نسبته إليهما في كتب الحديث. فمرة نُسب إلى أبيه، وهو: أميَّة، ومرة نسب إلى هذه المرأة. وهذه الرِّواية يظهر منها: أن يعلى هو الذي قاتل الرَّجل. وفي الرواية الأخرى: أن أجيرًا ليعلى بن أميَّة عضَّ يد رجل. وهذا هو الأولى، والأليق؛ إذ لا يليق هذا (1) الفعل بيعلى بن أميَّة مع جلالته وفضله.
و(قوله: أن يدع يده في فيك يقضمها كما يقضم الفحل؟ ) أي: يعضها كما يعض الفحل، كما جاء مبينًا في الرواية الأخرى. يقال: قضمت الدَّابة شعيرها - بكسر الضاد - تقضمه - بفتحها - على اللغة الفصيحة: إذا أكلته بأطراف أسنانها. وخضمته - بالخاء المنقوطة بواحدة من فوقها -: إذا أكلته بفيها كلِّه. ويقال: الخضم: أكل الرُّطب واللَّيِّن. والقضم: أكل اليابس. ومنه قول الحسن: تخضمون ونقضم، والموعد: الحساب.
و(قوله: ادفع يدك حتى يقضمها ثم انتزعها) هو أمرٌ على جهة الإنكار، كما قال قبل هذا:(بم تأمرني؟ تأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك (2) تقضمها؟ ! ) فمعناه: أنك لا تدع يدك في فمه يقضمها، ولا يمكن أن يؤمر بذلك.
(1) في (ج 2): ذلك.
(2)
في (ج 2): فمك.
رواه أحمد (4/ 222)، والبخاري (2265)، ومسلم (1674)(18 و 21)، وأبو داود (4584 و 4585)، والنسائي (8/ 30)، وابن ماجه (2656).
* * *
ــ
و(قوله: لا دية له، وفي الأخرى: فأبطله رسول الله صلى الله عليه وسلم) نصٌّ صريحٌ في إسقاط القصاص والدِّية في ذلك. ولم يقل أحدٌ بالقصاص فيما علمت، وإنما الخلاف في الضمان. فأسقطه أبو حنيفة وبعض أصحابنا، وضمنه الشافعي. وهو مشهور مذهب مالك. ونزَّل بعض أصحابنا القول بالضَّمان على ما إذا أمكنه نزع يده برفق، فانتزعها بعنف. وحمل بعض أصحابنا الحديث على أنه كان متحرك الثنايا. وهذا يحتاج إلى خُطُم (1)، وأزمَّة، ولا ينبغي أن يُعدل عن صريح الحديث. وقد روي عن مالك والشافعي في الجمل الصائل إذا دفعه الرَّجل عن نفسه، فأدَّى إلى تلف الصائل، لم يكن فيه ضمان؛ لأنَّه مأمور بالدَّفع عن نفسه. ومن فعل ما أمر به لم يلزمه ضمان.
قلت: وعلى هذا: فيخرج من هذه المسألة قول بإسقاط الضمان في مسألة العضّ المتقدمة عن مالك، والشافعي؛ لأنَّه مأمور بنزع يده من فيه، وأبو حنيفة يلزم الضمان في مسألة الصائل، لكنه يجيب عن هذا المعنى بأنه وإن سلَّم أنه مأمور بالدَّفع عن نفسه، فلم يؤذن له في إتلاف مال فيضمن.
قلت: ويخرج من هذا قول عن أبي حنيفة في إثبات الضمان في مسألة العضّ. ويقرب من هذا مسألة من اطَّلع من باب بيتٍ ففقئت عينه لذلك، فاختلف أصحابنا في ذلك. فأكثر منهم على الضمان. وبه قال أبو حنيفة، وبعضهم قال بنفيه. وبه قال الشافعي.
(1) في (م): خصم.