المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

قَالَ: هُوَ أَهوَنُ عَلَى اللَّهِ مِن ذَلِكَ.

رواه أحمد (4/ 246)، والبخاري (7122)، ومسلم (2152)، وابن ماجه (4073).

* * *

(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

[2060]

عن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيَّ قال: كُنتُ جَالِسًا بِالمَدِينَةِ فِي مَجلِسِ الأَنصَارِ، فَأَتَانَا أَبُو مُوسَى فَزِعًا - أَو مَذعُورًا -، قُلنَا: مَا شَأنُكَ؟ قَالَ: إِنَّ عُمَرَ أَرسَلَ إِلَيَّ أَن آتِيَهُ، فَأَتَيتُ بَابَهُ فَسَلَّمتُ ثَلَاثًا، فَلَم يَرُدَّ عَلَيَّ،

ــ

على أن المغيرة كان قد سمع هذا الأمر عن الدَّجال من غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحققه، فعرض ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فأجابه بقوله:(هو أهون على الله من ذلك) وظاهر هذا الكلام: أن الدَّجال لا يمكن من ذلك لهوانه على الله، وخسة قدره، غير أن هذا المعنى قد جاء ما يناقضه في أحاديث الدجال الآتية. فيحتمل: أن يكون هذا القول صدر عنه قبل أن يوحى إليه بما في تلك الأحاديث. ويحتمل: أن يعود الضمير إلى تمكين الدجال من أنهار الماء، وجبال الخبز؛ أي: فعل ذلك على الله هين. والأوَّل أسبق، والثاني لا يمتنع، والله تعالى أعلم.

(7)

ومن باب: الاستئذان وكيفيته وعدده

قوله في هذه الرواية: (فسلمت ثلاثًا) ليس مناقضًا لقوله في الأخرى: إنه استأذن ثلاثًا؛ لأنَّ أبا موسى رضي الله عنه كان قد جمع بين السلام والاستئذان ثلاثًا، كما قد جاء منصوصًا عليه في الرواية الثالثة. وحاصل هذه الأحاديث: أن دخول منزل الغير ممنوع؛ كان ذلك الغير فيها أو لم يكن، إلا بعد الإذن. وهذا

ص: 473

فَرَجَعتُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَن تَأتِيَنَا؟ فَقُلتُ: إِنِّي أَتَيتُكَ فَسَلَّمتُ عَلَى بَابِكَ ثَلَاثًا فَلَم ترد عَلَيَّ فَرَجَعتُ، وَقَد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا استَأذَنَ أَحَدُكُم ثَلَاثًا فَلَم يُؤذَن لَهُ فَليَرجِع. فَقَالَ عُمَرُ: أَقِم عَلَيهِ البَيِّنَةَ، وَإِلَّا أَوجَعتُكَ.

ــ

الذي نصَّ الله تعالى عليه بقوله: {لا تَدخُلُوا بُيُوتًا غَيرَ بُيُوتِكُم حَتَّى تَستَأنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهلِهَا} ثم قال بعد ذلك: {فَإِن لَم تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدخُلُوهَا حَتَّى يُؤذَنَ لَكُم وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارجِعُوا فَارجِعُوا} وهذا لا بدَّ منه؛ لأنَّ دخول منزل الغير تصرُّف في ملكه، ولا يجوز بغير إذنه؛ لأنَّه يطلع منه على ما لا يجوز الاطلاع عليه من عورات البيوت، فكانت هذه المصلحة في أعلى رتبة المصالح الحاجيَّة.

ولما تقرَّر هذا شرعًا عند أبي موسى استأذن أبو موسى على عمر رضي الله عنهما، ولما كان عنده علم بكيفية الاستئذان وعدده: عمل على ما كان عنده من ذلك. فلما لم يؤذن له: رجع. وأما عمر رضي الله عنه فكان عنده علم بالاستئذان، ولم يكن عنده علم من العدد، فلذلك أنكره على أبي موسى إنكار مستبعد من نفسه أن يخفى عليه ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم مع ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم حضرًا وسفرًا ملازمة لم تكن لأبي موسى ولا لغيره، وإنكار من يسد باب الذريعة في التقوُّل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك أغلظ على أبي موسى بقوله: أقم عليه البينة، وإلا أوجعتك، ولأجعلنك عظة. فلما أتاه بالبينة قال: إنما أحببت أن أتثبت.

وفي هذا الحديث أبواب من الفقه؛ فمنها: أن لا بد أن يكون ثلاثًا، فإذا لم يؤذن له بعد الثلاث؛ فهل يزيد عليها أو لا؟ قولان لأصحابنا. الأولى أن لا يزيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك، وإلا فارجع) وهذا نصٌّ. وإنَّما خصَّ الثلاث بالذكر؛ لأنَّ الغالب أن الكلام إذا كُرر ثلاثًا سمع وفهم. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلَّم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم عنه، وإذا سلَّم على قومٍ سلَّم عليهم ثلاثًا. وإذا كان الغالبُ هذا، فإذا لم يؤذن له بعد ثلاث ظهر

ص: 474

فَقَالَ أُبَيُّ بنُ كَعبٍ: لَا يَقُومُ مَعَهُ إِلَّا أَصغَرُ القَومِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قُلتُ: أَنَا أَصغَرُ القَومِ، قَالَ: فَاذهَب بِهِ.

رواه أحمد (3/ 6)، والبخاريُّ (6245)، ومسلم (1153)(33)، وأبو داود (5180)، والترمذي (2690)، وابن ماجه (3706).

ــ

أن ربَّ المنزل لا يريد الإذن، أو لعله يمنعه من الجواب عذر لا يمكنه قطعه. فينبغي للمستأذن أن ينصرف، لأن الزيادة على ذلك قد تقلق ربَّ المنزل، وربما يضرُّه الإلحاح حتى ينقطع عما كان مشتغلًا به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب رضي الله عنه حين استأذن عليه، فخرج مستعجلًا فقال:(لعلنا أعجلناك)(1).

ومنها: قبول أخبار الآحاد، ووجوب التثبُّت فيها، والبحث عن عدالة ناقليها؛ لأنَّ أبا موسى لما أخبر عمر رضي الله عنهما بأن أُبي بن كعب يشهد له قال: عَدلٌ.

ومنها: حماية الأئمة حوزة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإنكار على من تعاطاها إلا بعد ثبوت الأهليَّة وتحققها.

ومنها: أن المستأذن حقَّه أن يبدأ بالسلام، ثم يذكر اسمه، وإن كانت له كنى يُعرف بها ذكرها، كما فعل أبو موسى، وكل ذلك ينبغي في تحصيل التعريف التام للمستأذن عليه؛ فإنَّه إن أُشكل عليه اسم عرف آخر. وقال بعض أصحابنا: هو بالخيار بين أن يُسمي نفسه أو لا، والأولى ما فعله أبو موسى، فإنَّ فعله ذلك إن كان توقيفًا؛ فهو المطلوب. وإن لم يكن توقيفًا؛ فبه يحصل التعريف الذي لأجله شرع الاستئذان، ثم رأي الصحابي راوي الحديث أولى من هذا القول الحديث.

و(قوله: فقال أُبي بن كعب: لا يقوم معه إلا أصغر القوم، فقام أبو سعيد، فأعلمه بذلك) وفي الرواية الأخرى: (إن أُبي بن كعب أخبره بذلك) لا تباعد فيهما، فإنَّه أخبره بذلك كلاهما: أبو سعيد أولًا أتاه إلى منزله، وأُبي ثانيًا لما

(1) رواه أحمد (3/ 21)، والبخاري (180)، ومسلم (345)(83)، وابن ماجه (606) من حديث أبي سعيد الخدري.

ص: 475

[2061]

وعنه أَنَّ أَبَا مُوسَى أَتَى بَابَ عُمَرَ فَاستَأذَنَ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاحِدَةٌ، ثُمَّ استَأذَنَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: ثِنتَانِ، ثُمَّ استَأذَنَ الثَّانية فَقَالَ عُمَرُ: ثَلَاثٌ، ثُمَّ انصَرَفَ فَأَتبَعَهُ فَرَدَّهُ فَقَالَ: إِن كَانَ هَذَا شَيئًا حَفِظتَهُ مِن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَا، وَإِلَّا فَلَأَجعَلَنَّكَ عِظَةً. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَتَانَا فَقَالَ: أَلَم تَعلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الِاستِئذَانُ ثَلَاثٌ؟ . قَالَ: فَجَعَلُوا يَضحَكُونَ. قَالَ: فَقُلتُ: أَتَاكُم أَخُوكُم المُسلِمُ قَد أُفزِعَ، تَضحَكُونَ؟ ! انطَلِق فَأَنَا شَرِيكُكَ فِي هَذِهِ العُقُوبَةِ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: هَذَا أَبُو سَعِيدٍ.

وزاد في أخرى: فَقَال أَبُو سَعِيدٍ: كُنَّا نُؤمَرُ بِهَذَا. فَقَالَ عُمَرُ: خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِن أَمرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَلهَانِي عَنهُ الصَّفقُ بِالأَسوَاقِ.

رواه البخاري (2063)، ومسلم (2153)(35 و 36)، وأبو داود (5182).

[2062]

عَن أَبِي بُردَةَ، عَن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ أنه جَاءَ إِلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيكُم، هَذَا عَبدُ اللَّهِ بنُ قَيسٍ، فَلَم يَأذَن لَهُ. فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيكُم، هَذَا أَبُو مُوسَى. السَّلَامُ عَلَيكُم، هَذَا الأَشعَرِيُّ. ثُمَّ

ــ

اجتمع به عمر في المسجد. وهذا كله يدلُّ على شهرة الحديث عندهم، ومع ذلك فلم يعرفه عمر، ولا يُستنكر هذا، فإنَّه من ضرورة أخبار الآحاد.

و(قوله: جعلوا يضحكون) إنما ضحكوا من جزع أبي موسى من تهديد عمر، مع علمهم: بأن ذلك لا يتمُّ منه؛ لأنَّ ما طلبه من البينة، ولأن عمر لم يكذبه، ولا مقصوده جلده، ولا إهانته، بل: التغليظ والحماية.

وقول عمر رضي الله عنه: (خفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) إنما قاله عاتبًا على نفسه، وناسبًا لها إلى التقصير، ثم بيَّن عذره بقوله:(ألهاني الصَّفق بالأسواق) وفي البخاري: يعني: الخروج إلى التجارة. وألهاني: شغلني.

ص: 476

انصَرَفَ فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ، رُدُّوا عَلَيَّ، فَجَاءَ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى، مَا رَدَّكَ؟ كُنَّا فِي شُغلٍ. قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: الِاستِئذَانُ ثَلَاثٌ، فَإِن أُذِنَ لَكَ وَإِلَّا فَارجِع، قَالَ: لَتَأتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ، وَإِلَّا فَعَلتُ وَفَعَلتُ. فَذَهَبَ أَبُو مُوسَى، قَالَ عُمَرُ: إِن وَجَدَ بَيِّنَةً تَجِدُوهُ عِندَ المِنبَرِ عَشِيَّةً، وَإِن لَم يَجِد بَيِّنَةً لَم تَجِدُوهُ. فَلَمَّا أَن جَاءَ بِالعَشِيِّ وَجَدُوهُ قَالَ: يَا أَبَا مُوسَى، مَا تَقُولُ؟ أَقَد وَجَدتَ؟ قَالَ: نَعَم، أُبَيَّ بنَ كَعبٍ. قَالَ: عَدلٌ. قَالَ: يَا أَبَا الطُّفَيلِ، مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ يَا بنَ الخَطَّابِ، فَلَا تَكُونَنَّ عَذَابًا عَلَى أَصحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: سُبحَانَ اللَّهِ، إِنَّمَا سَمِعتُ شَيئًا، فَأَحبَبتُ أَن أَتَثَبَّتَ.

رواه مسلم (2154)، وأبو داود (5181).

* * *

ــ

والصَّفق: البيع، وسمي بذلك لأنهم كانوا يتواجبون البيع بالأيدي، فيصفق كل واحد منهم بيد صاحبه. ومنه قيل للبيعة: صفقة.

وقول أُبي لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (لا تكونن عذابًا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) يدلُّ على ما كانوا عليه من القوَّة في دين الله، وعلى قول الحق، ومن قبوله، والعمل به (1)، فإنَّ أُبيًّا أنكر على عمر تهديده لأبي موسى، فقام بما عليه من الحق. ولما تحقق عمر الحقَّ قَبِلَه، واعتذر عما صدر عنه رضي الله عنهم أجمعين.

(1) ما بين حاصرتين سقط من (م 2).

ص: 477