المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

[2152]

عَن عَائِشَةَ قَالَت: لَدَدنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ، فَأَشَارَ أَلَّا تَلُدُّونِي! فَقُلنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ! فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: لَا يَبقَى أَحَدٌ مِنكُم إِلَّا لُدَّ، غَيرُ العَبَّاسِ فَإِنَّهُ لَم يَشهَدكُم.

رواه أحمد (6/ 53)، والبخاريُّ (7886)، ومسلم (2213)(85).

ــ

الحميات، فإنَّ الأطباء قد سلموا أن الحمى الصفراوية يدبر صاحبها بسقي الماء الشديد البرودة حتى يسقوه الثلج، وتغسل أطرافه بالماء البارد. وعلى هذا فلا بُعد في أن يكون هذا المقصود بالحديث، والله أعلم.

ولئن سلَّمنا أنه أراد جميع جسد المحموم فجوابه أنه يحتمل أن يريد بذلك استعماله بعد أن تقلع الحمَّى وتسكن حرارتها، ويكون ذلك في وقت مخصوص وبعدد مخصوص، فيكون ذلك من باب الخواص التي قد اطلع عليها النبي صلى الله عليه وسلم، كما قد روى قاسم بن ثابت أن رجلًا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمى فقال له: اغتسل ثلاثًا قبل طلوع الشمس، وقل: باسم الله، اذهبي يا أم ملدم! فإن لم تذهب فاغتسل سبعًا (1).

(12)

ومن باب: التداوي باللَّدود والعود الهندي

قولها لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: وضعنا في فمه اللَّدود، وهو ما يجعل في أحد جانبي الفم، والوَجور: هو ما يصبُّ في وسط الفم.

وقوله لا تلدوني نهي ظاهر في المنع، فكان ينبغي لهم أن ينتهوا عن ذلك، غير أنَّهم تأوَّلوا أن ذلك من باب ما علم من أحوال المرضى من كراهتهم

(1) رواه سعيد بن منصور كما في اللآلى المصنوعة (2/ 408).

ص: 601

[2153]

وعَن أُمِّ قَيسٍ بِنتِ مِحصَنٍ أُختِ عُكَّاشَةَ قَالَت: دَخَلتُ بِابنٍ لِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَم يَأكُل الطَّعَامَ، فَبَالَ عَلَيهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّهُ. قَالَت: وَدَخَلتُ عَلَيهِ بِابنٍ لِي قَد أَعلَقتُ عَلَيهِ مِن العُذرَةِ فَقَالَ:

ــ

الدَّواء، فخالفوه، فعاقبهم بأن اقتص منهم، ففعل بهم ما فعلوا به، فكان فيه دليل على مشروعية القصاص في كل شيء يتأتى فيه القصاص، كما قال تعالى:{فَمَنِ اعتَدَى عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدَى عَلَيكُم}

وقال بعض أصحابنا: فيه ما يدلّ على قتل الجماعة بالواحد؛ لأنَّهم لما تمالؤوا وتعاونوا على لده اقتصَّ من جميعهم - وفيه بُعدٌ لإمكان مراعاة الفرق، فإنَّه يمكن أن يقال: جاز ذلك فيما لا إراقة دم فيه لخفته في مقصود الشرع، ولا يجوز ذلك في الدِّماء لحرمتها وعظم أمرها في مقصود الشرع، فلا يصح حمل أحدهما على الآخر، وإنَّما الذي يستنبط منه أن الحاضر في الجناية المعين عليها كالناظور الذي هو الطليعة كالمباشر له، فيقتص من الكل، لكن فيما لا دم فيه على ما قررناه، وقد نبَّه النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى بقوله إلا العباس فإنَّه لم يشهدكم.

وفيه من الفقه منع إكراه المريض على الطعام والشراب والدواء، كما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإنَّ الله تعالى يغذيهم (1).

وقول أم قيس دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بابن لي قد أعلقت عليه من العذرة، كذا وقع هذا اللفظ في كتاب مسلم أعلقت عليه بلا خلاف فيه، ووقع في البخاري باختلاف؛ ففي رواية معمر وغيره كما في كتاب مسلم، وفي رواية سفيان بن عيينة أعلقت عنه، قال الخطابي: وهو الصواب - وإلى ذلك أشار ابن الأعرابي.

والعذرة وجع الحلق، فخافت أن يكون به ذلك، فرفعت لهاته بأصبعها. وقال الأصمعي: العذرة قريبٌ من اللهاة. وفي البارع (2): العذرة

(1) رواه الترمذي (2040)، وابن ماجه (3444).

(2)

هو كتاب من أوسع كتب اللغة، ألَّفه أبو علي القالي، المتوفى سنة (356 هـ).

ص: 602

عَلَامَه تَدغَرنَ أَولَادَكُنَّ بِهَذَا العِلَاقِ؟ ! عَلَيكُنَّ بِهَذَا العُودِ الهِندِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبعَةَ أَشفِيَةٍ؛ مِنهَا ذَاتُ الجَنبِ يُسعَطُ مِن العُذرَةِ وَيُلَدُّ مِن ذَاتِ الجَنبِ.

ــ

اللهاة. وقد تقدَّم أن اللَّهاة اللحمة الحمراء التي في آخر الفم وأول الحلق، والنِّساء ترفعها بأصابعهن، فنهاهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لما فيه من تعذيب الصبي، ولعل ذلك يزيد في وجع اللهاة.

وقوله علام تدغرن أولادكنَّ بهذا العِلاق؟ ! ، تدغرن: الرواية الصحيحة فيه بالدال المهملة والغين المعجمة - لا يجوز غيره، ومعناه هنا رفع اللهاة، وأصله الرفع، ومنه قول العرب: دغرى لا صفَّى، ودغرًا لا صفًا - منونًا وغير منوَّن، يقولون هذا في الحرب؛ أي: ادفعوا عليهم ولا تصطفُّوا لهم.

والعلاق الرواية فيه بكسر العين، ووقع في بعض النسخ الأعلاق وهو الصواب قياسًا؛ لأنَّه مصدر أعلقت، وهو المعروف لغة.

ومقصود هذا الاستفهام الإنكار على النساء في فعل ذلك بأولادهن.

وقوله عليكن بهذا العود الهندي، هذه إحالة منه لهن على استعمال العود الهندي الطيب الرائحة في مرض الحلق المسمَّى بالعذرة، ثم بيَّن لهم كيفية العلاج به بقوله يسعط من العذرة؛ أي يُدَقُّ ناعمًا ويُسعط في الأنف. وهذا يفيد أنَّه يستعمل وحده ولا يضاف إلى غيره، ثمَّ زاد فقال ويلدُّ من ذات الجنب، ويعني به الوجع الذي يكون في الجنب المسمَّى بالشَّوصة، وقال الترمذي: يعني به السِّلَّ - وفيه بُعد، والأول أعرف. وهل يلد به منفردًا مدقوقًا أو مع غيره؟ يُسأل عن الأنفع من ذلك أهل الخبرة من المسلمين ممن جرَّب ذلك أو تباشر تجربته؛ إذ لا بدَّ من نفعه في ذلك المرض، لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا حقًّا.

وقوله فإنَّ فيه سبعة أشفية، بيَّن منها في الحديث اثنين وسكت عن

ص: 603

وفي رواية: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَامَه تَدغَرنَ أَولَادَكُنَّ بِهَذَا الإِعلَاقِ؟ عَلَيكُم بِالعُودِ الهِندِيِّ - يَعنِي بِهِ الكُستَ. قَالَ يُونُسُ: أَعلَقَت غَمَزَت، فَهِيَ تَخَافُ أَن تكُونَ بِهِ عُذرَةٌ.

رواه البخاري (5715)، ومسلم (287)(86) و (2214) و (2214)(87).

* * *

ــ

الخمسة، وقد ذكر الأطبَّاء في كتبهم أن فيه من الأشفية أكثر مما في هذا الحديث.

قال أبو عبد الله المازري: رأيت في كتبهم - يعني الأطباء - أنه يدر البول والطمث وينفع من السُّموم ويحرك شهوة الجماع ويقتل الدود وحبَّ القرع إذا شُرِب بالعسل، ويذهب بالكلف إذا طلي عليه، وينفع من ضعف الكبد والمعدة وبردهما، ومن حمَّى الوِرد والرِّبع، وينفع من النَّافض لُطُوخًا بالزيت قبل نفض الحمَّى، ولمن به فالج واسترخاء. قال: وهو صنفان؛ بحري، وهندي - فالبحري: هو القسط الأبيض يؤتى به من بلاد المغرب. ونص بعضهم على أن البحري أفضل من الهندي، وهو أقل حرارة منه. قال إسحاق بن عمران: هما حارَّان يابسان في الدرجة الثالثة، والهندي أشد حرًّا في الجزء الثالث. وقال ابن سينا: القُسط حارٌّ في الثالثة يابس في الثانية.

قلت: ويُسمى الكُست كما قال الراوي، وحينئذ يشكل هذا بما ذكر من قول الأطبَّاء إن البحري من العود يُسمى القسط يؤتى به من بلاد المغرب، فكيف يكون هنديًّا ويؤتى به من المغرب؟ ! إلا أن يريدوا مغرب الهند، فإن قيل: فإذا كان في العود الهندي هذه الأدوية الكثيرة، فما وجه تخصيص منافعه بسبع مع أنها أكثر من ذلك؟ ولأي شيء لم يُفصلها؟ فالجواب عن الأول بعد تسليم أن

ص: 604