الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكَرَاهِيَةُ، فَقَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، فَمَاذَا أَذنَبتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا بَالُ هَذِهِ النُّمرُقَةِ؟ قَالَت: اشتَرَيتُهَا لَكَ تَقعُدُ عَلَيهَا وَتَوَسَّدُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَصحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ، وَيُقَالَ لَهُم: أَحيُوا مَا خَلَقتُم. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ البَيتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدخُلُهُ المَلَائِكَةُ.
رواه البخاريُّ (5954) و (5957) و (5961)، ومسلم (2106)(96).
* * *
(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون
[2022]
عن عَبدَ اللَّهِ بنَ مَسعُودٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ.
ــ
والقرام، والنمط: أنه كان حريرًا، وكذلك النمرقة، فلا حجَّة في شيء من ذلك لعبد الملك على قوله: إنَّه يجوز ثياب الحرير، ورأى أن ذلك ليس لباسًا لها، وهذا قولٌ شذَّ به عن جميع العلماء، فإنَّهم رأوا ذلك لباسًا منهيًّا عنه، ولباس كل شيء بحسب ما جرت العادة باستعماله. والله تعالى أعلم.
(17)
ومن باب أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة المصورون
قوله: (أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون) مقتضى هذا: ألا يكون في النار أحدٌ يزيد عذابه على المصوِّرين. وهذا يعارضه مواضع أخر. منها: قوله تعالى: {أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذَابِ} وقوله صلى الله عليه وسلم: (أشدّ الناس
رواه أحمد (1/ 375)، والبخاري (5950)، ومسلم (2109)(98).
[2023]
وعَن سَعِيدِ بنِ أَبِي الحَسَنِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفتِنِي فِيهَا. فَقَالَ لَهُ: ادنُ مِنِّي، فَدَنَا، ثُمَّ قَالَ له: ادنُ مِنِّي، فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأسِهِ، وقَالَ: أُنَبِّئُكَ مَا سَمِعتُ مِن
ــ
عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه (1)) (2) و (قوله: أشدّ الناس عذابا يوم القيامة إمام ضلالة)(3) ومثله كثير. ووجه التلفيق: أن الناس الذين أضيف إليهم: (أشد) لا يراد بهم كل نوع الناس بل بعضهم المشاركون في ذلك المعنى المتوعد عليه بالعذاب (4)، ففرعون أشد الناس المدَّعين للإلهية عذابًا. ومن يقتدي به في ضلالة كفره أشد ممن يقتدي به في ضلالة بدعة. ومن صور صُور ذات الأرواح أشد عذابًا ممن يصوِّر ما ليس بذي روح، إن تنزلنا على قول من رأى تحريم تصوير ما ليس بذي روح، وهو مجاهد، وإن لم نتنزل عليه، فيجوز أن يعني بالمصورين الذين يصوِّرون الأصنام للعبادة، كما كانت الجاهلية تفعل، وكما تفعل النصارى، فإنَّ عذابهم يكون أشد ممن يصورها لا للعبادة، وهكذا يعتبر هذا الباب. والله تعالى أعلم.
وقول ابن عباس لمستفتيه عن الصور: (ادن مني) ثلاثًا، ووضعه يده على رأسه؛ مبالغة في استحضار ذهنه، وفهمه، وفي تسميعه، وتعظيمه لأمر ما يلقيه إليه.
(1) رواه الطبراني في المعجم الصغير (1/ 182 - 183)، والبيهقي في الشعب (1778) وانظر: الترغيب والترهيب برقم (222).
(2)
ما بين حاصرتين سقط من (م 2).
(3)
رواه أحمد (3/ 22)، والترمذي (1329) عن أبي سعيد الخدري بلفظ:"أشدُّ الناس عذابًا يوم القيامة إمام جائرٌ" وفي إسناده عطية العوفي: ضعيف.
(4)
في (ج 2): بالعقاب.
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفسًا فَيعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ. وَقَالَ: إِن كُنتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَاصنَع الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفسَ لَهُ.
وفي رواية: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَن صَوَّرَ
ــ
وقوله صلى الله عليه وسلم: (كل مصوِّر في النار) محمله على مصوري ذوات الأرواح، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:(يقال لهم: أحيوا ما خلقتم).
و(قوله: كلف أن ينفخ فيها الرُّوح) من هنا رأى ابن عباس: أن تصوير ما ليس له روح يجوز هو والاكتساب به. وهو مذهب جمهور السَّلف والخلف. وخالفهم في ذلك مجاهد فقال: لا يجوز تصوير شيء من ذلك كله، سواء كان له روح، أو لم يكن؛ متمسِّكًا في ذلك بقول الله تعالى (1):(ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقًا كخلقي، فليخلقوا ذرَّة، وليخلقوا حبَّة، وليخلقوا شعيرة) فعمَّ بالذمِّ والتهديد، والتقبيح كل من تعاطى تصوير شيء مما خلقه الله تعالى. وقد دلَّ هذا الحديث: على أن الذمَّ والوعيد إنما علِّق بالمصورين من حيث تشبَّهوا بالله تعالى في خلقه، وتعاطوا مشاركة فيما انفرد الله تعالى به من الخلق والاختراع. وهذا يوضح حجَّة مجاهد. وقد استثنى الجمهور من الصور لعب البنات كما تقدَّم. وشذَّ بعض الناس فمنعها، ورأى أن إباحة ذلك منسوخة بهذا النهي. وهو ممنوع من ذلك، مطالب بتحقيق التعارض والتاريخ، واستثنى بعض أصحابنا من ذلك النهي ما لا يبقى كصور الفخار، والشمع، وما شاكل ذلك، وهو مطالب بدليل التخصيص، وليس له عليه نصٌّ، بل ولا ظاهر، وإنَّما هو نظر قاصر يرده المعنى الذي قررناه، والظواهر.
(1) أي في الحديث القدسي.
صُورَةً فِي الدُّنيَا، كُلِّفَ أَن يَنفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَومَ القِيَامَةِ، وَلَيسَ بِنَافِخٍ.
رواه أحمد (1/ 216)، والبخاريُّ (7042)، ومسلم (2110)(99 و 150)، والنسائي (8/ 215).
[2024]
وعن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ: وَمَن أَظلَمُ مِمَّن ذَهَبَ يَخلُقُ خَلقًا كَخَلقِي، فَليَخلُقُوا ذَرَّةً، ولِيَخلُقُوا حَبَّةً، ولِيَخلُقُوا شَعِيرَةً.
رواه أحمد (2/ 259)، والبخاريُّ (5953)، ومسلم (2111)(101).
* * *
ــ
و(قوله: كُلِّف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ) أي: ألزم ذلك وطوقه، ولا يقدر على الامتثال، فيعذب على كل حال.
ويستفاد منه جواز التكليف بالمحال في الدنيا، كما جاز ذلك في الآخرة. لكن: ليس مقصود هذا التكليف طلب الامتثال، وإنَّما مقصوده تعذيب المكلف، وإظهار عجزه عمَّا تعاطاه مبالغة في توبيخه، وإظهار قبيح فعله. والله تعالى أعلم.
* * *