المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

الكَرَاهِيَةُ، فَقَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، فَمَاذَا أَذنَبتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا بَالُ هَذِهِ النُّمرُقَةِ؟ قَالَت: اشتَرَيتُهَا لَكَ تَقعُدُ عَلَيهَا وَتَوَسَّدُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَصحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ، وَيُقَالَ لَهُم: أَحيُوا مَا خَلَقتُم. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ البَيتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدخُلُهُ المَلَائِكَةُ.

رواه البخاريُّ (5954) و (5957) و (5961)، ومسلم (2106)(96).

* * *

(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

[2022]

عن عَبدَ اللَّهِ بنَ مَسعُودٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ.

ــ

والقرام، والنمط: أنه كان حريرًا، وكذلك النمرقة، فلا حجَّة في شيء من ذلك لعبد الملك على قوله: إنَّه يجوز ثياب الحرير، ورأى أن ذلك ليس لباسًا لها، وهذا قولٌ شذَّ به عن جميع العلماء، فإنَّهم رأوا ذلك لباسًا منهيًّا عنه، ولباس كل شيء بحسب ما جرت العادة باستعماله. والله تعالى أعلم.

(17)

ومن باب أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة المصورون

قوله: (أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون) مقتضى هذا: ألا يكون في النار أحدٌ يزيد عذابه على المصوِّرين. وهذا يعارضه مواضع أخر. منها: قوله تعالى: {أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذَابِ} وقوله صلى الله عليه وسلم: (أشدّ الناس

ص: 430

رواه أحمد (1/ 375)، والبخاري (5950)، ومسلم (2109)(98).

[2023]

وعَن سَعِيدِ بنِ أَبِي الحَسَنِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفتِنِي فِيهَا. فَقَالَ لَهُ: ادنُ مِنِّي، فَدَنَا، ثُمَّ قَالَ له: ادنُ مِنِّي، فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأسِهِ، وقَالَ: أُنَبِّئُكَ مَا سَمِعتُ مِن

ــ

عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه (1)) (2) و (قوله: أشدّ الناس عذابا يوم القيامة إمام ضلالة)(3) ومثله كثير. ووجه التلفيق: أن الناس الذين أضيف إليهم: (أشد) لا يراد بهم كل نوع الناس بل بعضهم المشاركون في ذلك المعنى المتوعد عليه بالعذاب (4)، ففرعون أشد الناس المدَّعين للإلهية عذابًا. ومن يقتدي به في ضلالة كفره أشد ممن يقتدي به في ضلالة بدعة. ومن صور صُور ذات الأرواح أشد عذابًا ممن يصوِّر ما ليس بذي روح، إن تنزلنا على قول من رأى تحريم تصوير ما ليس بذي روح، وهو مجاهد، وإن لم نتنزل عليه، فيجوز أن يعني بالمصورين الذين يصوِّرون الأصنام للعبادة، كما كانت الجاهلية تفعل، وكما تفعل النصارى، فإنَّ عذابهم يكون أشد ممن يصورها لا للعبادة، وهكذا يعتبر هذا الباب. والله تعالى أعلم.

وقول ابن عباس لمستفتيه عن الصور: (ادن مني) ثلاثًا، ووضعه يده على رأسه؛ مبالغة في استحضار ذهنه، وفهمه، وفي تسميعه، وتعظيمه لأمر ما يلقيه إليه.

(1) رواه الطبراني في المعجم الصغير (1/ 182 - 183)، والبيهقي في الشعب (1778) وانظر: الترغيب والترهيب برقم (222).

(2)

ما بين حاصرتين سقط من (م 2).

(3)

رواه أحمد (3/ 22)، والترمذي (1329) عن أبي سعيد الخدري بلفظ:"أشدُّ الناس عذابًا يوم القيامة إمام جائرٌ" وفي إسناده عطية العوفي: ضعيف.

(4)

في (ج 2): بالعقاب.

ص: 431

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفسًا فَيعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ. وَقَالَ: إِن كُنتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَاصنَع الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفسَ لَهُ.

وفي رواية: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَن صَوَّرَ

ــ

وقوله صلى الله عليه وسلم: (كل مصوِّر في النار) محمله على مصوري ذوات الأرواح، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:(يقال لهم: أحيوا ما خلقتم).

و(قوله: كلف أن ينفخ فيها الرُّوح) من هنا رأى ابن عباس: أن تصوير ما ليس له روح يجوز هو والاكتساب به. وهو مذهب جمهور السَّلف والخلف. وخالفهم في ذلك مجاهد فقال: لا يجوز تصوير شيء من ذلك كله، سواء كان له روح، أو لم يكن؛ متمسِّكًا في ذلك بقول الله تعالى (1):(ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقًا كخلقي، فليخلقوا ذرَّة، وليخلقوا حبَّة، وليخلقوا شعيرة) فعمَّ بالذمِّ والتهديد، والتقبيح كل من تعاطى تصوير شيء مما خلقه الله تعالى. وقد دلَّ هذا الحديث: على أن الذمَّ والوعيد إنما علِّق بالمصورين من حيث تشبَّهوا بالله تعالى في خلقه، وتعاطوا مشاركة فيما انفرد الله تعالى به من الخلق والاختراع. وهذا يوضح حجَّة مجاهد. وقد استثنى الجمهور من الصور لعب البنات كما تقدَّم. وشذَّ بعض الناس فمنعها، ورأى أن إباحة ذلك منسوخة بهذا النهي. وهو ممنوع من ذلك، مطالب بتحقيق التعارض والتاريخ، واستثنى بعض أصحابنا من ذلك النهي ما لا يبقى كصور الفخار، والشمع، وما شاكل ذلك، وهو مطالب بدليل التخصيص، وليس له عليه نصٌّ، بل ولا ظاهر، وإنَّما هو نظر قاصر يرده المعنى الذي قررناه، والظواهر.

(1) أي في الحديث القدسي.

ص: 432

صُورَةً فِي الدُّنيَا، كُلِّفَ أَن يَنفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَومَ القِيَامَةِ، وَلَيسَ بِنَافِخٍ.

رواه أحمد (1/ 216)، والبخاريُّ (7042)، ومسلم (2110)(99 و 150)، والنسائي (8/ 215).

[2024]

وعن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ: وَمَن أَظلَمُ مِمَّن ذَهَبَ يَخلُقُ خَلقًا كَخَلقِي، فَليَخلُقُوا ذَرَّةً، ولِيَخلُقُوا حَبَّةً، ولِيَخلُقُوا شَعِيرَةً.

رواه أحمد (2/ 259)، والبخاريُّ (5953)، ومسلم (2111)(101).

* * *

ــ

و(قوله: كُلِّف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ) أي: ألزم ذلك وطوقه، ولا يقدر على الامتثال، فيعذب على كل حال.

ويستفاد منه جواز التكليف بالمحال في الدنيا، كما جاز ذلك في الآخرة. لكن: ليس مقصود هذا التكليف طلب الامتثال، وإنَّما مقصوده تعذيب المكلف، وإظهار عجزه عمَّا تعاطاه مبالغة في توبيخه، وإظهار قبيح فعله. والله تعالى أعلم.

* * *

ص: 433