الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر
؟
[2122]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَن عُرِضَ عَلَيهِ رَيحَانٌ فَلَا يَرُدُّهُ، فَإِنَّهُ خَفِيفُ المَحمِلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ.
رواه أحمد (2/ 320)، ومسلم (2253)، وأبو داود (4172)، والنسائي (8/ 189).
ــ
(31)
ومن باب: من عُرِض عليه ريحان فلا يردَّه
الرَّيحان: كلُّ بقلةٍ طيِّبة الرِّيح. قاله الخليل. والمراد به في هذا الحديث: كلُّ الطيب؛ لأنَّه كله خفيف المحمل، طيب الرِّيح؛ ولأنه قد جاء في بعض طرق هذا الحديث:(من عرض عليه طيبٌ) بدل: (ريحان).
و(قوله: خفيف المحمَل، طيب الرِّيح) المحمَل - بفتح الميمين - ويعني به: الحمل، وهو مصدر:(حمل) وبفتح الأولى، وكسر الثانية: هو الزمان، والمكان. وقد يقال في الزمان بالفتح في الثانية. والمحمل-أيضًا-: واحد محامل الحاجِّ. والمِحمَل - بكسر الأولى، وفتح الثانية: واحد محامل السيف. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القول إلى العلة التي ترغب في قبول الطيب من المُعطِية (1). وهي: أنه لا مؤونة، ولا مِنَّة تلحق في قبوله؛ لجريان عادتهم بذلك، ولسهولته عليهم، ولنزارة ما يتناول منه عند العرض، ولأنَّه مِمَّا يستطيبه الإنسان من نفسه، ويستطيبه من غيره.
وفيه من الفقه: الترغيب في استعمال الطيب، وفي عرضه على من يستعمله.
(1) مفرده: المعطي.
[2123]
وعَن نَافِعٍ قَالَ: كَانَ عبد الله بنُ عُمَرَ إِذَا استَجمَرَ استَجمَرَ بِأَلُوَّةِ غَيرَ مُطَرَّاةٍ، وَبِكَافُورٍ يَطرَحُهُ مَعَ الأَلُوَّةِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ يَستَجمِرُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
رواه مسلم (2254)، والنسائي (8/ 156).
* * *
ــ
و(قوله: كان ابن عمر يستجمر بأَلُوَّةٍ غير مُطَرَّاةٍ) يستجمر: يتبخر. وأصله: من المجمر، والمجمرة، فاستعير له ذلك؛ لأنَّه وضعُ البَخُور على الجمر في المجمرة. والأَلُوَّة: العود الذي (1) يتبخر به. قال الأصمعي: وأراها كلمة فارسيَّة. قال أبو عبيد: وفيها لغتان: فتح الهمزة وضمها. وحكي عن الكسائي: إِلِيَّةٌ - بكسر الهمزة واللام -، وقال بعضهم: لوَّة وليَّة. وتجمع: الأَلُوَّة: ألاويةٌ.
و(غير مطرَّاةٍ؛ أي: غير ملطخة بخلوق، أو طيب. قال القاضي عياض: وأصله: غير مطرَّرةٍ؛ من: طرَّرت الحائط إذا غشَّيته بجصٍّ، أو حسَّنته، وجدَّدته. قال: ويحتمل أن تكون (مطرَّاة): مُحسَّنة، مبالغة، وذلك من الإطراء، وهو المبالغة في المدح.
وهذه الأحاديث كلها تدلُّ على أن استعمال الطيب والبخور مرغب فيه، مندوبٌ إليه، لكن: إذا قصد به الأمور الشرعية مثل الجماعات والجُمعات، والمواضع المعظَّمات، وفعل العبادات على أشرف الحالات. فلو قصد بذلك المباهاة والفخر والاختيال لكان ذلك من أسوأ الذنوب، وأقبح الأفعال.
(1) ما بين حاصرتين سقط من (ع).